"داوود عبد السيد.. سينما الهموم الشخصية" كتاب جديد لعلاء خالد

time reading iconدقائق القراءة - 6
المخرج السينمائي داوود عبد السيد في جلسة تصوير خلال فعاليات مهرجان أسوان لسينما المرأة 2019. - facebook/woody.barakat
المخرج السينمائي داوود عبد السيد في جلسة تصوير خلال فعاليات مهرجان أسوان لسينما المرأة 2019. - facebook/woody.barakat
دبي-الشرق

اعتبر الشاعر والروائي المصري علاء خالد أن كتابه الجديد "داوود عبد السيد.. سينما الهموم الشخصية" شهادة محب للسينما ولداوود عبد السيد وجيله من مخرجي الثمانينيات، معتبرا إياهم آخر جيل لديه رموزا مشتركة مع الجمهور، وليس مع تجمعات أو فئات منه، وفقاً لما أوردت وكالة "أنباء العالم العربي".

يتضمن الكتاب، الصادر عن دار "المرايا" في مصر في 216 صفحة، تجربة نادرة، حيث يقدم شاعر وروائي معروف في الجزء الأول من الكتاب قراءة لمشروع مخرج سينمائي ساهم في تشكيل وعيه على امتداد سنوات العمر.

وفي الجزء الثاني من الكتاب، يعزز هذه القراءة عبر حوارات مطولة مع داوود عبد السيد وبعض أفراد فريق عمله، وأبرزهم مهندس الديكور أنسي أبو سيف والمؤلف الموسيقي راجح داوود.

محاورة أولية

وذكرت الوكالة أن مشروع الكتاب بدأ "بمحاورات مطولة أجراها خالد مع داوود عبد السيد، بدأت منذ العام 1993 واستمرت بعدها، لكنه قرر إعادة صياغتها لتأخذ شكلها النهائي في صورة نص نقدي يتفاعل مع ما تطرحه الأفلام من تساؤلات وما تحمله من رسائل ورموز".

ويعد داوود عبد السيد، الذي ولد عام 1946، أحد أبرز مخرجي السينما المصرية المعاصرين، بدأ مشواره بتقديم أفلام التسجيلية، أهمها (وصية رجل حكيم في شؤون القرية والتعليم) 1976، و(العمل في الحقل) 1979، و(عن الناس والأنبياء والفنانين) 1980، وتحول بعدها لتقديم أفلام روائية نالت اهتمام النقاد وحقق بعضها نجاحا جماهيرياً كبيراً.

وظهرت أفلامه "الصعاليك"، و"الكيت كات"، و"أرض الأحلام"، و"سارق الفرح"، و"أرض الخوف"، و"مواطن ومخبر وحرامي"، و"رسائل البحر"، ضمن قائمة أهم 100 فيلم عربي، التي أصدرها مهرجان دبي السينمائي الدولي عام 2013، وكرمه مهرجان الجونة السينمائي عام 2018، وأعلن اعتزاله العام 2022.

وأشار علاء خالد إلى المرة الأولى التي شاهد فيها فيلما سينمائياً لداوود عبد السيد، وهو فيلم "الصعاليك" الذي أنتج عام 1985، وتدور أحداثه في مدينة الإسكندرية. 

ويرى خالد، الذي ينتمي هو نفسه لهذه المدينة العريقة، أن الفيلم "يكسر الصورة النمطية للإسكندرية، التي تحولت في الفيلم إلى مكان مركزي تناقش فيها قضايا كبرى مثل الفساد، بعيداً عن الولع بهويتها المتعددة".

أبطال غير مسيسين 

ويلفت الشاعر والروائي المصري إلى أن أبطال هذا الفيلم بالتحديد "أبطال هامشيون غير مسيسين، يرد لهم الاعتبار، ليس بسبب نظرة أخلاقية أو سياسية وإنما بسبب نزوعهم إلى الحرية والتحرر والصدق مع النفس".

وينظر إلى أفلام داوود عبد السيد بشكل عام كنصوص أدبية أكثر ما يحللها كصورة مرئية، فهو منحاز لمنطق الكتابة، ويمجد فيها ما يسميه "النزعة الفردانية"، ويقول إن صاحبها لا يفكر في صورة المجتمع الذي يعكس الفرد "ولكن الفرد هو الذي يعكس مجتمعا موازيا، أو واقعا آخر، غير هذا الواقع المسيس المباشر".

ويضع الكتاب سينما داوود عبد السيد في سياق بزوغ موجة أفلام الواقعية الجديدة في ثمانينيات القرن الماضي، التي قدمها مخرجون من أمثال عاطف الطيب، ومحمد خان، وخيري بشارة.

ويشير الكتاب إلى أن مشاعر جديدة تكونت في تلك الأفلام لا تفسر الواقع سياسياً أو أخلاقياً أو طبقياً، ولكن على أنها مزيج جديد من كل هذا، مع إضافة لمسة شعرية آتية من إيمان بالفرد الذي احتل صدارة المشهد.

أفلام رصدت التحولات 

ويرى خالد أن أفلام تلك الموجة أرّخت للتحولات الاقتصادية وسمحت بأن يكون هذا الواقع هدفاً مباشراً للتغيير، ولكن في صورته المنعكسة على الفرد؛ ولذلك، امتلأت من وجهة نظره بكل "عناصر التنوير والحداثة من خلال رهانها على الفرد". 

وبحسب الكتاب، فإن الفرد الذي ولد داخل أفلام تلك الموجة أصبحت له سمات جديدة، إذ يملك أيديولوجية جوّانية غير معلنة للمقاومة أو للتحرر، تحركها الصدفة.

وفي أفلام داوود عبد السيد بالتحديد، فإن هناك من وجهة نظره "مثل أعلى" لكن لم يصنعه المجتمع وصنعه هذا الفرد، لأنه يمتلك مرجعاً إنسانياً واسعاً وتصوراً للمقاومة أبعد من الأيديولوجيا.

ويفسر علاء خالد هذا التحول في صورة البطل بأنه جاء بعد ميراث وعي جماعي يساري، عقب هزيمة عام 1967 الفاصلة التي ضربت الوعي العام في مصر، وبالتالي قامت سينما جيل الثمانينيات على أنقاض هذا الإرث المهشم، لكنها حاولت إعادة تكوين هذا الفرد وترميم صورته في سياق وعي جماعي جديد.

ويشير الكتاب إلى أن ما يميز سينما داوود عبد السيد هو الانحياز للحلم، والتسامح، والتضحية، والسمو الإنساني، مشيرا إلى أنه مزج في أفلامه بين القضايا الكلية وبين وجوده الشخصي.

ويتوقف الكتاب أمام حضور الراوي في تلك الأفلام، مؤكدا أنه أقرب إلى الصوت الداخلي الذي يحمل نبرة البوح الذاتي، وهو لا يمنح إلا لمن لهم ماض يكون التعبير عنه في صورة مونولوجات طويلة يحكي فيها الأبطال ماضيهم، وإلى جواره هناك الراوي العليم ذو الحس التقريري الذي يقدم رواية محايدة بدون عاطفة.          

تبربر الجنس في أفلامه

ويبرر الكتاب تزايد حضور الجنس في أفلام داوود عبد السيد بالتأكيد على أن الجنس يرتبط أحيانا بوظيفة تنويرية تحررية في تلك الأفلام، كما أنه يستعمل كأحد أدوات العبور فوق حواجز الطبقة الاجتماعية والجغرافيا وكل الفواصل التي تحجب الإنسان عن الآخر .

ويعد الشاعر والروائي علاء خالد، وهو من مواليد عام 1960، من أبرز الأصوات الإبداعية في جيل الثمانينيات، حيث أسس مجلة "أمكنة"، وهي مجلة غير دورية تعنى بثقافة المكان، وصدرت له عدة دواوين شعرية منها "الجسد عالق بمشيئة حبر"، وديوان "وتهب طقس الجسد إلى الرمز"، وديوان "حياة مبيتة"، وأيضا "تصبحين على خير".

كتب خالد أيضا دواوين نثرية، منها "خطوط الضعف"، و"الأزرق الحزين"، و"وجوه سكندريّة"، وصدرت روايته الأولى بعنوان "ألم خفيف كريشة طائر تنتقل بهدوء من مكان لآخر" عن دار الشروق عام 2009، ونال جائزة أفضل ديوان شعري في دورة العام الماضي لمعرض القاهرة الدولي للكتاب.

اقرأ أيضا:

تصنيفات