"بيروت 6:07".. سلسلة أفلام تُخلد ذكرى ضحايا انفجار المرفأ

time reading iconدقائق القراءة - 6
الملصق الدعائي لسلسلة أفلام "بيروت 6:07" - منصة شاهد
الملصق الدعائي لسلسلة أفلام "بيروت 6:07" - منصة شاهد
بيروت-رنا نجار

تعرض قنوات mbc سلسلة أفلام قصيرة بعنوان "بيروت 6:07"، تزامناً مع عيد الاستقلال اللبناني في 22 نوفمبر، وذلك بعدما عُرضت مؤخراً على منصة "شاهد VIP". 

ومنذ بثّ الإعلان الترويجي للسلسلة، التي صٌوّرت كتحية لضحايا الانفجار وأسرهم، كردّ فعل إنساني على ثالث أكبر انفجار بالعالم في 4 أغسطس الماضي، أُثير جدل واسع بين مؤيد ومعارض. 

وانقسمت الآراء بين ضرورة توثيق تلك اللحظات الإنسانية التي تحكي قصص أبرياء راحوا ضحية انفجار مرفأ بيروت، فيما اعتبر آخرون أن صناعة مادة درامية عن حدث ضخم لا تزال تردداته تتالى على اللبنانيين، لا يزال مبكّراً، كما انتقد البعض فكرة بثّ سلسلة الأفلام على منصة تجارية بمقابل مادي.

بين الموت والهجرة وحب الحياة

تنتمي الأفلام التي يشارك فيها نجوم الشاشة اللبنانية مثل ريتا حايك، وكارول عبود، ورودريغ سليمان، وفادي أبو سمرا، وزينب عساف ومحمد عقيل وغيرهم، إلى الدراما الإنسانية المقتبسة عن قصص حقيقية، أسفرت عن وقوع 200 ضحية و6 آلاف جريح كما دُمّرت أحياء بيروت التراثية. 

وتفتح المشاهد المؤلمة لقصص الضحايا "الجروح على مستقبل بلد لا قيمة لحياة الإنسان فيه"، كما يروي فيلم "ميّت حي" (Undead) للمخرجة ومهندسة الصوت رنا عيد. 

تبحر عيد بالزمن 30 سنة ما بعد حدوث الانفجار، متخيلة حوار للضحايا الذين ما زالوا مفقودين، قائلة: "أنا من الضايعين المفقودين، الأشباح الأموات الذين لا يموتون، نحن هنا منذ 30 سنة ولم يسأل أحد عنا.. يمكنني أن أرى واقعة أو سقوط سيحدث في المستقبل".

لكن اللافت أن أبطال أو ضحايا غالبية الأفلام كانوا يريدون الهجرة لأنهم كانوا يشعرون بالخطر في كل مكان، كما نرى في فيلم "عماد" لساندرين زيتون أو في فليم "ميرا" للوسيان بورجيلي.

 لكن على الرغم من كل هذه التراجيديا، فإن بعض الأفلام يبثّ قصة أمل، كما نرى في فيلم "عازفة البيانو" لإميل سليلاتي الذي يستدعي مكافحة اللبناني وخصوصاً كبار السن الذين لم يعد لديهم إلا الصمود في بلد أجدادهم ليقاوموا الموت والفساد بالثقافة والموسيقى وحب الحياة.  

قصة أمل

المخرج والمنتج مازن فياض، الأب الروحي لفكرة سلسلة الأفلام، يقول لـ"الشرق": "كلنا كنا ضائعين ونلملم أشلاءنا، وفريق العمل بأكمله كان يرغب في تقديم شيء لهؤلاء الضحايا، حتى جاءت الفكرة لمجموعة إم بي سي، التي أبدت رغبتها في التضامن مع لبنان ودعم المشروع".

ويلفت فياض، إلى أن المخرجين الـ15 والفنانين وشركة "Imagic Group’s- The Big Picture Studios" قدموا أعمالهم بشكل مجاني، على الرغم من "ارتفاع كلفة الإنتاج، إذ أنتجنا 15 فيلماً في الوقت نفسه، وكل فيلم مختلف تماماً عن الآخر، وله فريق عمل مستقل".

ويشرح فياض: "هذه ليست أفلام بل رسائل مصوّرة، والهدف منها ليس تحليلياً أو استعراضياً لإبداعاتنا، بل كي لا ننسى الضحايا. كانت الفكرة صعبة علينا، إذ أصيبت مدينتنا وكرامتنا. إن هذا الانفجار كان ضد الشعب بأكمله، وفي نفوسنا غضب عارم".

رسالة سياسية

يتناول الفيلم الذي أخرجه فياض بعنوان "عباس وفضل"، قصة أب وابنه مقتبسة بعض أحداثه عن قصة حقيقية، إذ ينتمي الاثنان إلى عائلة تسكن في حيّ وسط بيروت يؤيّد حزباً طائفياً يرسل مناصريه لضرب المتظاهرين في ثورة "17 تشرين"، فيما يستنكر الأب انتماء ابنه إلى هؤلاء "الشبيحة" كما يصفون.

وعندما يذهب الأب العامل في المرفأ إلى عمله قبيل الانفجار، يسرع الولد إلى المكان بحثاً عن والده وسط أشلاء الجرحى.

يقول فياض إن الفيلم يحكي "قصة أمل وليست قصة موت"، متابعاً أن "العمل يحمل رسالة سياسية عن استغلال الأحزاب الطائفية لناس وفئات عمرية مراهقة".

"حياتنا قبل الانفجار"

لم يكن مخرج "غداً العيد" لوسيان بورجيلي، يريد صناعة فيلم يستدعي الأحاسيس والبكاء بل التفكير، بحسب ما يقول لـ"الشرق".

ويضيف: "حرصت على تناول الحياة العادية للبنانيين ما قبل الانفجار التي قد تتغير بلحظة، وقد تنتهي حياتهم بلحظة، وذلك عبر قصة واقعية تُشبه حياة بعض الخريجين الجُدد".

ويتابع بورجيلي: "إخراج الفيلم كان بمنزلة علاج لي، ربما تكون خطوة لنتصالح نفسياً مع فكرة الانفجار التي ما زالت تعطل حياة كثيرين من أهالي الضحايا والمتضررين، وهو ما يخدم صحتنا النفسية الجماعية مع أن الأمر أكثر تعقيداً". 

بين الحقيقة والخيال

المخرجة كارولين لبكي، تروي في فيلمها "فوج الإطفاء البطل 175" الدقائق الأخيرة التي عاشها هذا الفوج الذي راح بكامله ضحية الإهمال، إذ أجادت انتقاء ممثلين يشبهون الأبطال الحقيقيين إلى حدّ كبير، كما شارك زملاء الضحايا في الفيلم كممثلين ما أعطى المَشاهد مصداقية، خصوصاً أنها صوّرتها بالموبايل "لتكون عفوية وصادقة"، بحسب ما تقول لـ"الشرق".

تضيف لبكي: "هؤلاء الضحايا يستحقون أن نرفع قضيتهم ونطالب بمحاسبة من ارتكب هذه الجريمة".

استطاعت لبكي تقديم مادة مؤثّرة تجعل المشاهد يعتقد أنها حقيقية، خصوصاً أنها تتخيّل في بداية الفيلم أن هؤلاء الضحايا انتصروا وأطفأوا الحريق وكرّموا من الدولة، لكن سرعان ما يتبدّد الأمل وتصحو الحقيقة على الفاجعة وصور التوابيت التي رقص بها أهل الضحايا مودّعين أحبتهم.

يطرح الفيلم موضوع الإهمال والقتل المتعمّد لهؤلاء الإطفائيين الذين نادوهم من قلب المرفأ، وهم يعرفون ماذا يختبئ من مواد متفجرة في العنبر رقم 12 الشهير.

وتصنّف لبكي فيلمها، "كنوع من العلاج لي أنا المفجوعة، ولا يزال أقاربي مشرّدين لأن بيوتهم تهدمت، وقد يكون علاجاً لآلام أهالي الضحايا"، معتبرة أنّ هذه الأفلام "طريقة للتعبير عن القهر والغضب على الظلم والغبن".