
فقد الوسط السينمائي المغربي المنتج والكاتب نورالدين الصايل، عن عمر يناهز 73 سنة، وذلك بعد مضاعفات صحية جراء إصابته بفيروس كورونا.
والصايل هو المدير السابق للمركز السينمائي المغربي، ونعاه عدد كبير من صناع الأفلام من مختلف الأجيال.
المؤسس الهاوي
رحل نور الدين الصايل تاركاً حزناً كبيراً بين السينمائيين المدركين لأهمية منجزه ودوره في تطوير قطاع السينما في بلاده، فالراحل كان وراء تأسيس الفيدرالية الوطنية لنوادي السينما بالمغرب في سنة 1973، ومن خلالها لعب دوراً كبيراً في تشكيل ونشر الثقافة السينمائية بين الشباب.
كما أسس الراحل مهرجان خريبكة للسينما الإفريقية ومنح صناع الأفلام مساحة كبيرة للإبداع حين تولى المركز السينمائي المغربي بين عامي 2003 و2014.
والصايل كذلك هو كاتب وروائي وسيناريست، أسهم في كتابة سيناريو أعمال محمد عبدالرحمن التازي منها أفلام "الرحلة الكبرى"، و"باديس" و"للا حبي"، كما شارك في كتابة "وجهاً لوجه" للمخرج عبدالقادر لقطع، وأصدر رواية باللغة الفرنسية حملت عنوان "A l'Ombre du Chroniquer"
"من الكبار"
وقال المخرج عبدالإله الجوهري لـ"الشرق" إن "المواقف تتعدد تجاه الصايل، وتختلف من حيث نوع التعامل والصداقة والحب والوفاء، ومساعدته الجمّة للكثيرين بشكل لا يوصف. والجميع يتفقون على مكانته الثقافية الأصيلة، ودوره الكبير والمهم في الممارسة السينمائية بالمغرب، والوطن العربي والإفريقي".
وتابع: "للراحل فضل كبير في خلق جيل من السينمائيين الذين رفعوا راية المغرب خفاقة، ودوره كان مهماً في نقش اسم المغرب سينمائياً في مختلف التظاهرات العالمية".
ووصف الجوهري، المخرج الراحل بأنه "كان صاحب كاريزما خاصة، وناقداً موسوعياً، في كل مهرجان أو نشاط سينمائي داخل المغرب أو خارجه، بل وحتى عندما يتكلم في جلسات خاصة فإن كلامه يكون من صميم المعرفة الحقة".
وأضاف: "الصايل رمز سينمائي مغربي حقيقي، منذ سنوات السبيعينات، تحلق حوله الكثيرون، ونهل من معين ثقافته الواسعة العميقة المئات، من المثقفين والفنانين وعشاق السينما الخالصة، خصوصاً الشباب".
واختتم حديثه بالتأكيد على أن نور الدين الصايل لم يمت "لأنه نشر بذور محبة السينما بين أجيال وأجيال من المغاربة والعرب والأفارقة، وكرس وقته وجهده لتجذير معاني المشاهدة السينمائية الحقة".
"فيلسوف السينما"
وصفت الممثلة المغربية جيهان خليل لـ"الشرق"، الصايل بأنه "أحد أهم رجالات السينما في المغرب والعالم العربي، وجمع بين الفلسفة والفن ما مكّنه من تكوين رؤية استشرافية للمحتوى الفني في المناصب التي تقلدها، والكل لمس الأثر الإيجابي الكبير له في السينما المغربية كرئيس للمركز السينمائي".
وربط الناقد السينمائي المغربي عبدالكريم واكريم، في حديثه لـ"الشرق" بين تاريخ السينما المغربية وفقيدها نورالدين الصايل، مؤكداً أنه "لا يمكن الفصل بين الاثنين، فالراحل ترك بصماته في كل مراحلها، بدءاً من السبعينيات حين كان من مؤسسي الجامعة الوطنية للأندية السينمائية، والتي ظل رئيساً لها 10 سنوات، ثم بعد ذلك بإعداده وتقديمه لبرامج إذاعية وتلفزيونية عن السينما، وصولاً لرئاسة المركز السينمائي المغربي طوال 11 سنة".
"لاعب كرة قدم"
وأضاف عبدالكريم واكريم مترحماً على "عرّاب السينما المغربية" كما يصفه: "نور الدين الصايل هو ابن مدينة طنجة التي نشأ وتربى فيها، وتنقل بين قاعاتها في المدينة العتيقة، شاهد أفلامه العالمية الأولى المدبلجة بالإسبانية، كما انفتح على السينما المصرية بنجومها، لكن الذي لا يعلمه الكثيرون أن الصايل كان لاعب كرة قدم قارب الاحتراف، ولعب لمدة مع الفريق الأول بالمدينة آنذاك، وظل يلعب له حتى فترة انتقاله للرباط، حيث درس الفلسفة".
وتابع واكريم، أن "الفقيد لم يكن رجل السينما في المغرب فقط، كما يحلو للمهتمين أن يلقبوه، لكنه أيضاُ رجل إعلام وتواصل، إذ كانت له بصماته على القنوات التلفزيونية التي أشرف عليها مثل القناة الثانية "دوزيم" أواخر الثمانينيات وإدارة برامج القناة الفرنسية "كنال بلوس أوريزون".
الصديق والسند
ونعى عدد كبير من الفنانين المغاربة والعرب الراحل، وكانت الفنانة سميرة سعيد من أول المغردين ترحماً، ووصفته بـ"الأخ والصديق" مشيرة إلى مساندته غير المشروطة لها.
وكتبت سميرة سعيد عبر حسابها على إنستغرام: "فقدت البارحة صديقاً وأخاً ورفيق رحلة من أنبل الأشخاص الذين عرفتهم طوال حياتى.. كان لى سنداً كبيراً فى مواقف كتيرة قيمة وقامة مغربية وموسوعة ثقافية وفنية كبيرة.. رحمك الله رحمة واسعة، نور الدين الصايل".
واكتفت بطلة فيلم "آدم" نسرين الراضي، بعبارات مرتبكة عبرت عن صدمتها لرحيل نور الدين الصايل. وقالت: "وكأن بوالدي يموت للمرة الثانية في السنة نفسها".