
لا يزال المسلسل المصري "الطاووس"، يُثير حالة من الجدل، منذ عرضه عبر شاشات التلفزيون في الموسم الدرامي لشهر رمضان، إذ أصدر المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام قراراً بإحالة صنّاع العمل للتحقيق، الاثنين، على خلفية اتهامات بالإساءة للأسر المصرية والحط من شأنها.
ودعم عدد كبير من العاملين في قطاع الفن، صُنّاع المسلسل، في أزمتهم الأخيرة، بإطلاق هاشتاغ "ادعم مسلسل الطاووس"، احتجاجاً على القرار الذي وصفوه بأنه "يتنافى مع حرية الفن والإبداع".
وتدور أحداث المسلسل حول تعرض فتاة لحادث اغتصاب على يد مجموعة شباب من أبناء ذوي السلطة والنفوذ، لتلجأ إلى محامٍ يتولى الدفاع عنها، ولكنه يواجه مشاكل عدة، منها التعرض للضرب المُبرح من قِبل هؤلاء الشباب.
المسلسل من بطولة جمال سليمان، وسميحة أيوب، وسهر الصايغ، وأحمد فؤاد سليم، وسيناريو وحوار كريم الدليل، وأشرف على الكتابة محمد ناير، وإخراج رؤوف عبد العزيز.
الكود الإعلامي
وفوجئ صُنّاع مسلسل "الطاووس" بالقرار الصادر من قبل المجلس الأعلى لتنظيم للإعلام، الخاص بالتحقيق معهم، وكذلك مسؤولي القنوات التي تقوم بعرضه،
وأرجع المجلس، في بيانٍ صحافي، اتخاذه ذلك القرار، إلى "تلقي شكاوى عديدة، حول استخدام لغة لا تتفق مع الأكواد التي أصدرها المجلس، وتؤكد على ضرورة إعلاء القيم وعدم المساس بالأسر المصرية أو الحط من شأنها، أو إظهارها في صورة تسيء إليها".
وشدد المجلس، على انحيازه التام لحرية الفن، وإطلاق طاقات الإبداع والتفرد والقيم الجمالية، مؤكداً أنه لا يضع قيوداً من أي نوع على تلك المعاني النبيلة، ولكنه يعمل في الوقت نفسه على تنقية الأجواء ومنع الصور التي تسيء للفن المصري الأصيل.
وأشار المجلس إلى أنّ "احترام المشاهدين من أولويات الأعمال الفنية الهادفة، حفاظاً على الهوية وتماسك الأسر والابتعاد عن أي صورة تشوهها، أو تحض على العنف اللفظي والجسدي، وأن تتبنى الأعمال الدرامية محتوى إيجابياً يحترم القيم المتعارف عليها".
حملة دعم
وانطلقت التعليقات على مواقع التواصل تحت أكثر من هاشتاغ للعمل أبرزهم #مسلسل_الطاوس_ضد_القيم و #ادعم_مسلسل_الطاووس، ليحتلا مركزاً متقدماً على تويتر.
وأطلق عدد من العاملين بقطاع الفن، هاشتاغ "ادعم مسلسل الطاووس"، وذلك عبر منصات التواصل الاجتماعي، وشارك فيه عدد كبير، لعل أبرزهم منى زكي والكاتبة مريم نعوم والمُخرج يسري نصر الله الذي أبدى رفضه التام، لتدخل "الأعلى للإعلام"، في ما يخص السينما والدراما، مطالباً القائمين على المجلس بالابتعاد قليلاً عن صناعة الفن.
وتساءلت الكاتبة مريم نعوم، عن دور "الأعلى للإعلام" في صناعة الفن، قائلة: "هل له دور رقابي زي الرقابة على المصنفات الفنية؟.. هل هو جهة يحق لها وقف الأعمال الفنية أو التحقيق مع صناعها؟.. هل الكود المذكور منشور وتم تمريره من خلال النقابات الفنية؟"، مطالبة بضرورة الكشف عن الجمل الحوارية التي تضمنها مسلسل "الطاووس" والتي كانت سبباً في المساس بقيم الأسرة.
ووصفت "نعوم"، قرار التحقيق، بـ"المُهين" ليس لصُنّاع المسلسل فحسب، وإنما للصناعة كلها، متابعة: "لما تبقى الأعمال الفنية خاضعة لكود محدش شارك في وضعه ولا حد عارف تفاصيله غير اللي عملوه".
وشاركت المُمثلة المصرية منى زكي، والمُخرج ماندو العدل، في دعم المسلسل، وذلك من خلال إعادة نشر هاشتاغ "ادعم مسلسل الطاووس"، عبر صفحاتهم الرسمية.
هجوم حاد
وشنت الناقد ماجدة خير الله، هجوماً حاداً على مسؤولي "الأعلى للإعلام"، اعتراضاً على مخالفة المسلسل لـ"الكود الأخلاقي"، قائلة: "شوفوا حجة تانية، لوقف المسلسل أو محاربته! تابعت كل الحلقات التي عُرضت ولم أجد فيه كلمة أو مشهداً يخدش الحياء".
وأضافت: "عمل تلعب بطولته السيدة سميحة أيوب، وجمال سليمان والموهوبة جداً سهر الصايغ، وأحمد فؤاد سليم، ومجموعة من الممثلين الشباب، ولا يجد من يدافع عنه من أدعياء مناصرة الإبداع، ولا النقابات الفنية!.. وفين الأشاوس بتوع طب نتفرج الأول وبعدين نحكم؟.. أين أصواتهم المجلجلة عن حرية الخيال وحق المبدع في العبث في التاريخ!".
بلاغ للنائب العام
وكان مسلسل "الطاووس" قد أثار جدلاً واسعاً، مطلع شهر أبريل الجاري، بمجرد طرح الإعلان الدعائي للعمل، وذلك لقُرب القضية التي يعالجها من القضية المعروفة إعلامياً في مصر باسم "قضية الفيرمونت" التي لا تزال قيد التحقيق.
وكان المحامي طارق العوضي، قد تقدّم ببلاغ إلى النائب العام، وبمذكرتين إلى المجلس الأعلى للإعلام، ونقابة المهن التمثيلية، ضد صُنّاع مسلسل "الطاووس"، مُعللاً ذلك باستخدام بعض صفحات التواصل الاجتماعي لصورة موكلته نازلي مصطفى كريم، في الدعاية لهذا المسلسل.
وقال العوضي، في بيان صحافي، إنّ "النيابة العامة قد حذرت مراراً وتكراراً من تناول هذه القضية، إذ إنها ما زالت قيد التحقيقات"، لافتاً إلى أن من شأن ذلك التأثير على التحقيقات ومجراها، كما أن موكلتنا نازلي مصطفى كريم ليست هي فتاة الفيرمونت المجني عليها في القضية".
وتابع: "وإزاء إصرار أصحاب بعض الصفحات على المضي في تلك الدعاية الرخيصة على حساب أجساد النساء وانتهاك خصوصيتهم، ونشر صور خاصة من دون موافقة أصحابها في مخالفة صريحة للدستور والقانون، وعليه فإن مكتبنا يعلن أنه سيتقدم بكافة البلاغات والإجراءات القانونية لمواجهة ذلك الأمر".