اعتبر الرئيس التنفيذي لهيئة الأفلام السعودية المخرج عبد الله آل عياف، أن مشاركة الهيئة في الدورة 77 من مهرجان كان السينمائي، والمنعقدة حتى 25 مايو الجاري، تمثل أهمية كبيرة لصناعة السينما بالمملكة، باعتباره أضخم تظاهرة سينمائية على مستوى العالم.
وقال آل عياف، خلال حواره مع "الشرق"، على هامش مشاركة الهيئة بالجناح السعودي، في مهرجان كان السينمائي، إنّ: "هذه المشاركة لها دلالتها وأهميتها، لأنها بمثابة عدسة نستطيع فيها عكس ما يحدث في المملكة العربية السعودية لأنفسنا والعالم، وإظهار ما يتم من مشاريع مميزة في البنية التحتية في مجال السينما، والورش التي نطور من خلالها المواهب، التي تزخر بها المملكة، وشركات القطاع الخاص، وكذلك الجهات الحكومية التي تتناول موضوع تسهيل رحلة صانع الفيلم سواء سعودي أو أجنبي، وتسهيل الأمور للمستثمر عندما يأتي إلى المملكة، ودعمه فوراً من أول خطوة في مشروعه السينمائي".
وأضاف أن "وجودنا في هذا المهرجان، نُدرك من خلاله ما يحدث في المملكة، فضلاً عن رؤية ومقابلة بعض الشخصيات من شركاء دوليين، ومنتجين، ومنظمين، ومراكز أرشيفية، وجهات تنظيمية، وقطاع خاص، وجهات غير ربحية، إذن هو منصة وجسر سينمائي ثقافي لإيصال صوتنا وسماع صوت الآخرين".
وتابع "نحاول منذ البداية إعطاء القطاع الخاص وصُنّاع الأفلام، منصة أو مكان في هذا المهرجان، فنحن نروج لبعض المشاريع خلال إنتاجها أو بعد إنتاجها، وكان منها فيلم (نورة) المشارك في قسم (نظرة ما) بالمهرجان، والذي بدأ كبذرة في عقل مخرجه ومؤلفه توفيق الزايدي، وتقدم به لبرنامج (ضوء) وحصل على أغلب ميزانية فيلمه كدعم لتنفيذ مشروعه".
وأوضح آل عياف أن "نهدف من خلال الهيئة لتكوين صانع سينما حقيقي، لذلك لا ندعم الفيلم بالميزانية كاملة، ،نترك للمخرج هامشاً ليتحرك فيه ويسعى لإيجاد تمويل من جهات أخرى عربية وأجنبية، ليبحث ويتعلم، وبالفعل اتبع مخرج "نورة" هذه الرحلة، وحصل على دعم من مهرجان البحر الأحمر وغيره من الجهات الأجنبية، ونجح في النهاية في لفت الأنظار والانضمام لمهرجان كان، ومفاجأة جيدة أن يكون هناك فيلماً سعودياً هو الأول لصاحبه يُعرض في أهم مهرجان سينمائي".
خطة محكمة
وأشار عبد الله آل عياف، إلى سؤال طُرح عليه من أحد الأشخاص المهمين والمؤثرين في قطاع الأفلام، عام 2020، بعد انضمامه للهيئة بأسابيع قليلة، حول توقعه بموعد وصول أول فيلم سعودي لمرحلة الترشيحات الأخيرة الـ5 لجوائز الأوسكار كأفضل فيلم أجنبي، أو مشاركته في مهرجان كان، متابعاً "قلت له آنذاك، إن اتبعنا الخطة كما هي، في ظل الدعم الكبير الموجود لدينا، ونكون على قدر الثقة، فأنا متفائل بالوصول خلال 4 أعوام فقط، وهو ما تحقق".
وتابع "قبل الإعلان بشهرين تقريباً، عن مشاركة فيلم (نورة) في مهرجان كان، توقعت لشخص آخر بوصول أول فيلم سعودي للمهرجان عام 2025، وذلك كانت مفاجأة مميزة لي"، مضيفاً "بصدق، لم يعد لنا عُذراً في هيئة الأفلام، فالدعم صار موجوداً، المبدعين موجودين، صُنّاع الأفلام تجاربهم ملهمة شابة شغوفة، هناك عزم جاد من القطاعات الحكومية وإرادة ثقافية لتكوين قطاع سينمائي جيد؛ لإيصال صوتنا، وأننا بحاجة لهذا الفن الجميل، كما أن لها أثراً اقتصادياً كبيراً".
حكايات منوعة
وحول موضوع الفيلم وتقديمه لحكاية تخص فتاة، ودلالة ذلك في سياق الفترة الحالية التي تحصل فيها المرأة السعودية على حقوقها، قال الرئيس التنفيذي لهيئة الأفلام السعودية، إنّ: "الفيلم لا يعتمد على قصة فتاة سعودية فحسب، بل يتناول أيضاً شخصية (نادر) الفنان الذي يريد إيصال صوته للعالم"، متابعاً "أعتقد أن الفيلم نجح في لفت الأنظار، لجمال منطقة العلا التي صُوّر فيه العمل، وأهمية القصة وسلاستها، وربما الطريقة التي تناولها المخرج نفسه، فهو فيلم سعودي بحت، بداية من الموقع والملامح والروح، وربما لهذا السبب لفت أنظار الآخرين لأنهم يرغبون في رؤية قصص سعودية".
وأكد آل عياف أن "المرأة السعودية حالياً تحظى بمرحلة رائعة جداً بعد رؤية 2030، والشباب بشكل عام لديهم فرصة عظيمة، ولدينا في الهيئة من خلال برنامج (ضوء)، لا نُسلط الضوء فقط على قصص المرأة، بل هناك قصصاً عديدة، سواء عن الرجال، أو كبار السن، والمبدعين وغيرهم، فلدينا القدرة على تقديم حكايات متنوعة".
"نورة" هو أول فيلم سعودي يشارك في المسابقات الرسمية في مهرجان كان السينمائي، حيث يُعرض ضمن عروض "نظرة ما"، وهو أول عمل روائي طويل يتم تصويره بالكامل في مدينة العلا.
وتدور الأحداث خلال فترة التسعينيات من القرن الماضي بالمملكة العربية السعودية، حول "نورة" التي تعيش في إحدى القرى النائية وتتغير حياتها عندما يصل أحد الأشخاص الذي يعيد إثارة شغفها بالفن، وهو بطولة يعقوب الفرحان، وماريا بحراوي وعبد الله السدحان، والعمل تأليف وإخراج توفيق الزايدي.
الترويج للفيلم السعودي
ولفت المخرج عبد الله آل عياف، إلى أن الهيئة ستشارك في عدد من المهرجانات السينمائية الأخرى خلال الفترة المقبلة، بعدما شاركت منذ بداية العام الجاري في مهرجان برلين، ومالمو للسينما العربية وكذلك كان، قائلاً: "الأهم بالنسبة لنا هو الفيلم السعودي المقبل الذي سيتجاوز مجرد فكرة جناح الهيئة وغيره، فكل ما نعمله من مشاركة دورية بالمهرجانات، وبنية تحتية، هو لأجل المواهب التي نعمل على تطويرها لتصنع فيلماً سعودياً نشاهده ونستمتع به ونراه ونستفيد ويرانا العالم أيضاً".
وتابع "هدفنا الترويج للفيلم السعودي، ورفع الوعي حوله، وكيف نصل به إلى المنصات الدوليه، سواء كان مهرجانات أو منصات عرض أو جوائز أو حتى الجمهور".
برامج تشجيعية
وتطرق الرئيس التنفيذي لهيئة الأفلام السعودية، بالحديث إلى البرامج التشجيعية الجديدة التي أطلقتها الهيئة الشهر الماضي لنمو قطاع السينما، قائلاً: "منذ اليوم الأول لنا، ونحن ندرك مدى أهمية قطاعي العرض والتوزيع، لأن بدونهما لن يصل الفيلم للجمهور بشكلٍ جيد، مهما كانت جودته، لذلك وضعنا استراتيجية محكمة، ومن ضمن ركائزها هو تطوير العرض والتوزيع، وبدأنا العمل عليه بالفعل في وقتٍ مبكر، مع شركائنا الوطنيين، في وزراة الإعلام وهيئة تنظيم الإعلام".
وأضاف "كنا نعمل سوياً حتى قبل انتقال تبعية قطاع الأفلام والسينما من هيئة تنظيم الإعلام إلى هيئة الأفلام، وكان هناك تنسيقاً بيننا والتجاوب كان رائعاً للغاية، بما يضمن تطوير قطاع العرض والتوزيع، فلم يكن هدفنا كهيئة، من يُعلن أولاً، هدفنا هو المشهد السينمائي السعودي".
ولفت إلى البرامج التحفيزية، قائلاً: "بدأنا ندرك حجم التوسعات، وأن الجمهور يرغب في مشاهدة أفلام جيدة بأسعار مناسبة، وشركة السينما تريد إيصال أفلام جيدة، لكن بهامش ربحي يضمن لها الاستمرارية والتوسع بإنشاء فروع في مدن أخرى داخل المملكة، لذلك عملنا مع الدور المشغلة للسينما يداً بيد على برنامج حوافز، تم إعلان بعض بنوده مؤخراً، وهناك بنوداً جديدة ستُعلن لاحقاً".
واستعرض بعض ملامح البرنامج التحفيزي، بقوله: "سنُحفز من عرض أفلام سعودية أكثر، وإعطاها فرصة جيدة للوصول للجمهور، وسنُحفز من ساعد في تخفيض سعر التذكرة ليصل لكل شرائح المجتمع وبشكلٍ جيد، وخصوصاً الشباب والصغار، وأيضاً سنُحفز من قام بالتنويع الثقافي، ولم يركز على سينما محددة، بل يعرض أفلاماً حتى وإن كانت غير سعودية أو عربية، وتكون مختلفة عن الأفلام الموجودة، فنحن نريد أن نرى العالم كله".