"خلّي بالك من زيزي".. صورة "واقعية" للمريض النفسي 

time reading iconدقائق القراءة - 5
أمينة خليل في لقطة من مسلسل "خللي بالك من زيزي" - SHAHID
أمينة خليل في لقطة من مسلسل "خللي بالك من زيزي" - SHAHID
القاهرة-محمود أبو بكر

قال فنانون وأطباء نفسيون إن المسلسل المصري "خلي بالك من زيزي" نجح في تغيير الصورة النمطية للمريض النفسي، والتي انتشرت عبر أعمال فنية سابقة على مدار سنوات طويلة، إذ قدمه بشكلٍ أقرب إلى الواقعية.

ونال المسلسل ردود فعل واسعة، لكونه يتناول مرضاً نفسياً لا ينتبه له الكثير، وهو ADHD أو (اضطراب نقص الانتباه مع فرط النشاط). 

ومسلسل "خلي بالك من زيزي" بطولة أمينة خليل، ومحمد ممدوح، وعلي قاسم، ونهى عابدين، وبيومي فؤاد، وأشرف على الكتابة مريم نعوم، ومن إخراج كريم الشناوي. 

وتدور أحداثه عن فتاة مصرية مصابة بداء "نقص الانتباه مع فرط الحركة"، إذ تضرب الخلافات بين "زينب" وزوجها "هشام"، بعد فشل محاولتها للإنجاب مجدداً، وسرعان ما يتطور الأمر لساحات القضاء، وتصبح هي في خطر بفقدان كل شيء بجانب الأمومة. 

"الواقعية وليست المثالية"

وشددت الكاتبة مريم نعوم، على ضرورة التعامل الجيد مع المرض النفسي في مصر، قائلة لـ"الشرق": "لا يجب التعامل مع صاحبه على اعتبار أنّ هناك شيئاً ما ينقصه، وأعتقد أنه لطالما عرفنا المرض واعترفنا به، فهذا أول طريق لعلاجه".

وأوضحت أنّها سعت من خلال مسلسل "خلي بالك من زيزي"، نحو إبراز فكرة تغيير الشخص من حالٍ إلى آخر، بفضل الأزمات التي يقابلها في حياته، متابعة أن "بطلة المسلسل تبدو مضطربة نفسياً، ولكن مع الوقت نكتشف أنها ليست الوحيدة، بل إن هناك كثيرين في المسلسل غير متزنين".

وترى نعوم، أنه على الرغم من بساطة فكرة الاختلاف في المجتمع، فإنها تبدو غائبة تماماً، ولم تقدم بشكل واضح من قبل في الدراما، فكان يتم التعامل مع الاختلاف على أنه نقصان في الشخصية، ولكنه في الحقيقة ليس هكذا، وفق تعبيرها.

وأكدت أن "المسلسل فكرته الأساسية، تتمحور حول الدعوة إلى تقبل الشخص غير المثالي والواقعي، الذي يعاني من مشكلاته ويحاول حلها، فقد ينجح هنا ويفشل هناك، فلا يوجد شيء مثالي، إذ إن أول طريق لتجاوز المشكلات والاضطرابات هو الاعتراف بها أولاً".

محور الأحداث

وقال الناقد الفني خالد عاشور، إن مسلسل "خلي بالك من زيزي"، يتخذ من المرض النفسي محوراً للأحداث، موضحاً أنّ "موسم رمضان شهد ظهور شخصيات عديدة مصابة بأمراض نفسية، لكن الجودة والإتقان والشعبية كانت من نصيب هذا المسلسل".  

ورأى عاشور، أنّ "خلي بالك من زيزي"، يستعرض تطور مرض "ADHD" في شخصيات مختلفة، معتبراً إياه العمل الفني أنه "الأكثر تعمقاً في مشاعر الشخصيات وإخراجها من الفنانين، فنحن أمام حالات حياتية، والمشاهد قد يرى حياته في شخوص العمل، لذلك لا يشعر معهم بالغرابة".

ووصف المسلسل بأنه "ينقل حياتنا كما لم نعرفها، أو كنا نجهلها، فجميعنا مرضى نفسيون بنسب متفاوتة، والأكثر مرضاً من يدعي أنه سوي، العمل يتطرق لقضايا كثيرة دون الغوص في أي قضية".

وأشار عاشور إلى أن السينما المصرية قدمت منذ عقود طويلة شخصية المضطرب نفسياً بأشكال مختلفة، منها ما كان مقتصراً على الكوميديا، وما قدم في شكل استعراض موسيقي، إلا أن الملمح الأبرز كان الخلط الخاطئ بين مفهومي الاضطراب النفسي والجنون.

وتابع أنّ "الدراما المصرية باتت مؤخراً، تقدم شخصية المريض النفسي بشيء من الدراسة والصدق في التناول، فابتعدت عن النمطية والكوميدية والوصم بالجنون، واتجهت نحو الجدية في عرض حالة الاضطراب النفسي بصورة مختلفة".

خارج الصورة النمطية 

ورأى الدكتور فادي صفوت، اختصاصي الطب النفسي، أن صورة الطبيب والمريض النفسي، تطورت كثيراً في الآونة الأخيرة، إذا أصبحت أكثر واقعية، بدلاً من تلك القديمة الكوميدية.

وقال صفوت لـ"الشرق"، إنّ "الدراما تستطيع تغيير نظرة المجتمع للطب النفسي، إذ نجح مسلسل (خلي بالك من زيزي)، في تغيير نظرة الجمهور لمرض نقص الانتباه وفرط الحركة، وبات الناس أكثر معرفة عنه".

وأضاف أنّ "معالجة الدراما لقضايا الطب النفسي، أصبحت أكثر تطوراً الآن، فبدلاً من الصورة النمطية عن المريض، أصبحنا نراه من منظور إنساني، وهي صورة حقيقية، فالمريض النفسي هو شخص له أحلام وطموحات وآمال، ولكنه مختلف في التفكير عن باقي المجتمع".

وأعرب عن سعادته البالغة بأنّ "هناك أعمالاً درامية، تعرض صورة واقعية أكثر للمريض والطبيب النفسي، وتقدّمهم بشكل واقعي، بل وتستشير خبراء في الطب النفسي في بعض الأحيان، لكن بالطبع لا تزال هناك أعمال درامية تعرض الصورة النمطية للطبيب النفسي ذي السمعة السيئة أو المريض النفسي المجنون".