أزمة الهجرة: ماكرون ينتقد تصرفات لندن.. وإلغاء اجتماع وزيري الداخلية

time reading iconدقائق القراءة - 6
مهاجرون عند وصولهم إلى البر البريطاني بعد عبور قناة المانش الانجليزية. نوفمبر 2021. - REUTERS
مهاجرون عند وصولهم إلى البر البريطاني بعد عبور قناة المانش الانجليزية. نوفمبر 2021. - REUTERS
باريس-رويترزأ ف ب

انتقد الرئيس الفرنسي إيمانيول ماكرون، الجمعة، تصرفات لندن "غير الجدية" بشأن ملف المهاجرين في معرض تعليقه على رسالة نشرها رئيس الوزراء البريطاني عبر تويتر يطلب فيها من فرنسا استعادة المهاجرين الذين وصلوا إلى بريطانيا من سواحلها.

ورداً على سؤال عن هذه الرسالة، خلال مؤتمر صحافي في روما، قال ماكرون: "أستغرب الأساليب عندما لا تكون جدية". وأضاف: "لا يتم التواصل بين مسؤول وآخر بمسائل كهذه عبر تويتر وعبر نشر رسائل".

ولقي 17 رجلاً و7 نساء و3 شبان حتفهم عندما غرق زورقهم في القنال الإنجليزي، في واحدة من العديد من الرحلات المحفوفة بالمخاطر التي يخوضها مهاجرون، هرباً من قسوة العيش والحروب في أفغانستان والعراق وغيرهما، في قوارب صغيرة مكدسة.

وهذه أسوأ حادثة من نوعها في الممر البحري الضيق الذي يفصل بين بريطانيا وفرنسا، وهو أحد أكثر ممرات الشحن ازدحاماً في العالم.

من جانبها، قالت الحكومة الفرنسية الجمعة، إن باريس أبلغت وزيرة الداخلية البريطانية بريتي باتيل، أنها لم تعد مدعوة لحضور اجتماع بشأن أزمة الهجرة في القنال الإنجليزي، بعد أن انتقد رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون طريقة تعامل باريس مع الوضع.

واستاءت فرنسا من رسالة بعثها جونسون إلى ماكرون الخميس. ووصف مصدر مقرب من وزير الداخلية جيرالد دارمانان الرسالة بأنها "غير مقبولة وتتعارض مع روح مباحثاتنا كشركاء".

وسلط القرار الضوء على تراجع العلاقات الثنائية بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي والصعوبات التي قد يواجهها البلدان خلال تعاونهما للحد من تدفق المهاجرين، بعد غرق 27 شخصاً أثناء محاولتهم الوصول إلى الشواطئ البريطانية الأربعاء.

وقال المتحدث باسم الحكومة الفرنسية جابرييل أتال لتلفزيون (بي.إف.إم): "أبلغ دارمانان نظيرته بأنها لم تعد موضع ترحيب". 

"إعادة تفكير"

لندن، بدورها، أعربت عن أملها في أن تراجع باريس موقفها. وقال وزير النقل البريطاني جرانت شابس لشبكة بي بي سي: "لا يمكن لأي دولة التعامل مع هذا الأمر بمفردها ولذا آمل أن يعيد الفرنسيون التفكير في المسألة".

وكان رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون، بعث رسالة، الخميس، إلى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، انتقد فيها تعامل باريس مع قضايا الهجرة غير الشرعية وتهريب البشر.

وقال بوريس جونسون، في رسالته، التي نشرها، عبر حسابه على موقع تويتر، إنه "حدد خمس خطوات يجب أن نتخذها في أقرب وقت ممكن"، بما في ذلك "العمل على إعادة المهاجرين الذين وصلوا بريطانيا إلى فرنسا بسرعة".

واعتبر أن ذلك سيؤدي إلى "انخفاض الحافز الذي يدفع الناس لوضع حياتهم في أيدي المتاجرين بالبشر"، كما طالب بـ"تبادل أفضل للمعلومات الاستخباراتية في الوقت الفعلي لتقديم المزيد من الاعتقالات والمحاكمات على جانبي القناة".

وبين الأول من يناير والـ31 من أغسطس الماضيين، حاول نحو 6200 مهاجر القيام بالرحلة مستخدمين قوارب مطاطية ومجاديف وزوارق، وحتى سترات نجاة فقط.

جهود فرنسية "غير كافية"

ونقلت "ذا جارديان"، عن رئيس الوزراء البريطاني قوله، الخميس، إن واقعة الأربعاء، أبرزت أن جهود فرنسا في حراسة شواطئها "غير كافية".

وذكر جونسون: "لدينا صعوبة في إقناع بعض شركائنا، وخاصة الفرنسيين، بالقيام بالأمور بالطريقة التي نظن أنها تستحقها. أتفهم الصعوبات التي تواجهها الدول ولكن ما نريده هو أن نضاعف الجهود معاً، وهذا هو العرض الذي نقدمه لهم".

وقاومت فرنسا سابقاً جهوداً بريطانية لإرسال الشرطة وحرس الحدود لزيادة دوريات الشرطة وسط مخاوف حيال السيادة الوطنية.

وقال متحدث باسم رئيس الوزراء البريطاني، بوريس جونسون، إن توفير مسار آمن للمهاجرين لطلب اللجوء من فرنسا سيزيد فقط مع عامل الجذب ويشجع المزيد من الناس على القيام برحلة محفوفة بالمخاطر.

وأضاف رداً على سؤال عما إذا كانت المملكة المتحدة تفكر في توفير طريق آمن لطلب اللجوء للمهاجرين القادمين من فرنسا إن "علينا معالجة مسألة الهجرة من المنبع، وقبل أن تصل إلى الجانب الفرنسي".

وأضاف أن منطلقاً كهذا من شأنه فقط أن "يخلق عامل جذب إضافياً إلى الإقليم، حيث تقوم العصابات الإجرامية باستغلال الناس وجرهم إلى تلك المحاولات الخطرة، وهذا هو بالضبط ما نريد تجنبه".

باريس: لندن تتحمل المسؤولية

في المقابل، قال وزير الداخلية الفرنسي جيرالد دارمانان، الخميس، لإذاعة "آر.تي.إل"، إن الناجين من غرق المركب في القناة الإنجليزية، الأربعاء، يحاولون عبورها وبينهم مواطنون عراقيون وصوماليون، حسبما ذكرت "رويترز".

وأضاف أن سوق العمل الإنجليزي يجذب هؤلاء المهاجرين، وأن دولاً مثل المملكة المتحدة وألمانيا وبلجيكا يمكنها فعل المزيد لمساعدة فرنسا على معالجة أزمة الهجرة غير المشروعة والاتجار بالبشر.

وألقى باللوم على المملكة المتحدة، قائلاً إن هناك "تعاملاً سيئاً مع قضية الهجرة في المملكة المتحدة"، وإن عليها إصلاح سوق العمل لديها، وذلك من شأنه أن يحسّن من أزمة الهجرة غير المشروعة.

توتر متصاعد

وزادت الحادثة من التوتر بين بريطانيا وفرنسا اللتين تختلفان بالفعل بشأن قواعد التجارة وحقوق الصيد بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي (بريكست).

ومنع صيادون فرنسيون، الجمعة سفينة شحن بريطانية صغيرة من الرسو في ميناء سان مالو، ويخططون لاحقاً لإغلاق ميناء كاليه ونفق القنال، وهما مركزان رئيسيان للتجارة بين بريطانيا وأوروبا.

وقبل الحادث، تصاعد التوتر بين لندن وباريس، منتصف نوفمبر الجاري، بعد أن بلغ عدد عابري بحر المانش غير القانونيين مستوى قياسياً، إذ تمكن 1185 مهاجراً من الوصول إلى الأراضي البريطانية، في 12 نوفمبر، وفقاً لوزارة الداخلية البريطانية.

وكان وزير الداخلية الفرنسي قال الشهر الماضي، إن الحكومة البريطانية "تخلّفت" عن دفع 54 مليون جنيه إسترليني (73 مليون دولار)، وعدت بإنفاقها لمعالجة أزمة عبور المهاجرين في القنال الإنجليزي (بحر المانش)، مشيراً إلى أن بلاده "لم تتلقَّ التمويل الموعود".

وأضاف دارمان، خلال زيارته لبلدة كاليه الفرنسية لتفقد الجهود المبذولة لمعالجة الهجرة غير الشرعية عبر القناة، أن على بريطانيا "تقليل جاذبيتها الاقتصادية لأولئك الذين يقومون بالرحلة".

اقرأ أيضاً: