قال وزير الخارجية العراقي السابق هوشيار زيباري، الاثنين، إنه "بريء وليس متهماً بأي قضايا فساد أو اختلاس أو هدر للمال العام"، مشيراً إلى أن "المحاكم والوزارات العراقية برأته بالأدّلة والوثائق"، وذلك عقب استبعاده من الترشح لرئاسة الجمهورية.
وأضاف زيباري، في تصريحات لـ"الشرق"، أن "هيئة رئاسة مجلس البرلمان قدمت أوراق ترشيحي للرئاسة إلى كل الهيئات الرقابية وقد تخطيت كل المراحل، واستوفيت جميع الشروط"، مشدداً على أنه "ليس هناك أي إشكال عليّ بخصوص حُسن السلوك أو حُسن السيرة أو النزاهة".
وقضت المحكمة الاتحادية العليا بالعراق، في 13 فبراير، بعدم أحقية هوشيار زيباري في الترشح لمنصب رئيس الجمهورية، في حين أقرّت أحقية ترشح الرئيس الحالي برهم صالح.
واعتبر زيباري أنَّ قرار استبعاده يحمل بعداً سياسياً "واضحاً جداً، لأن القضايا التي أثيرت ضدي في فترة الاستجواب البرلماني في عام 2016 كلها سُويّت وأغلقت".
وأضاف: "ما معنى أن تأخذ المحكمة الاتحادية قراراً تعسفياً وتفرط في التأويل بشأن شروط رئاسة الجمهورية التي استوفيتها، لذلك أعتقد أنه كان هناك ظلم وكان هناك عدم إنصاف وإجحاف بحقنا".
احتمالات الرئاسة العراقية
وحول احتمال أن يصبح رئيساً بعد قرار الاستبعاد، قال زيباري لـ"الشرق": "قرارات المحكمة الاتحادية مع الأسف الشديد باتّة، ولو كان هذا يعارض الحقوق السياسية والدستورية".
وأشار في هذا الصدد إلى أنَّ "هناك قراراً للبرلمان في عام 2014 يقول إنه لا يمكن استبعاد أي مرشح إلا إذا كان مداناً بجريمة، وبحكم باتّ وقطعي يمس بمسائل الشرف وبالسمعة والسيرة، وهذا لا ينطبق على الوضع الحالي، لكن المحكمة تريد أن تفسر هذه القواعد والمبادئ الدستورية حسب هواها، وليس حسب النصوص"، على حد تعبيره.
وشدَّد وزير الخارجية العراقي السابق على أنه لن يسكت "وسندافع عن حقوقنا وصوتنا عالٍ وقوي في داخل العراق وفي خارجه".
وعن احتمالية وصول مرشح آخر من حزبه، الحزب الديمقراطي الكردستاني، إلى الرئاسة، قال زيباري إنه يتوقع ذلك بنسبة 65% طالما بقي تحالف حزبه مع القوى السياسية المتوافق معها حالياً.
وأشار إلى أنه لو عقدت جلسة الاثنين الماضي في البرلمان "لحسمت القضية بنسبة 90% بالنسبة لنا ولهذا أرادوا تعطيلنا".
ورداً على سؤال عن احتمالات احتفاظ برهم صالح بمقعد الرئاسة، اعتبر زيباري أنَّ فرص برهم صالح "ضعيفة حالياً لأنه صار مسؤولاً إشكالياً وخلافياً في البيت الكردي وفي البيت الشيعي، وحتى في البيت السني، وأي رئيس إذا لم يكن يحظى بتضامن وتوافق ودعم الأغلبية، فإن حظوظه ستكون ضعيفة".
"ضربة للتحالف الثلاثي"
واعتبر زيباري في حديثه لـ"الشرق"، أن استبعاده من الترشح لرئاسة الجمهورية بمثابة "ضربة للتحالف الثلاثي الذي بنيناه بعد الانتخابات من القوى الفائزة، مع التيار الصدري، وتحالف السيادة للسنة العرب، والحزب الديمقراطي الكردستاني، باعتبارها ثلاثة من أكبر القوى الفائزة"، لافتاً إلى وجود صراع في هذا الصدد مع قوى الإطار التنسيقي.
وشدَّد زيباري على أن الفيصل في هذ الصراع "هو الاستحقاقات الانتخابية، فهذه القوى (المتحالفة) فازت في الانتخابات ولا بد أن تحترم جميع القوى هذه النتائج حسب مدونة السلوك الانتخابي التي وقعناها بحضور الأمم المتحدة ومشرفين دوليين، ولا يمكن إعادة عقارب الساعة إلى الوراء، أو إلغاء نتائج هذه الانتخابات كما تذهب إليه بعض أطراف الإطار التنسيقي".
وبشأن الضغوط التي تمارَس على التحالف الثلاثي، تحدث زيباري عمَّا وصفه بـ"تهديدات لقيادات سنية بارزة، واستهداف بعض النشطاء والمستقلين المحسوبين على التيار الصدري، وربما الدور سيأتي على التيار الصدري لاحقاً"، مشيراً إلى أن الهدف من كل ذلك "هو تفكيك هذا التحالف الثلاثي بالتهديد وبالترغيب والابتزاز وبكل الوسائل".
وعبّر عن استعداد التحالف للحوار مع الإطار التنسيقي، محذراً من أن "العملية (السياسية) خرجت عن مسارها الطبيعي مع الأسف الشديد، وتحتاج إلى قوى كبيرة وحكمة من القيادات السياسية العراقية التاريخية ومن المرجعية الدينية ومن بعض الحكماء لإعادة هذا القطار إلى المسار الصحيح".
صراع تشكيل الحكومة
واعتبر زيباري أن استهدافه هو محاولة "لإفشال المشروع المهم لتشكيل حكومة أغلبية وطنية سياسية تتحمل المسؤولية في النجاح والفشل"، منتقداً الدعوات إلى تشكيل حكومة وحدة وطنية، واعتبر أن تجارب العراق أثبتث فشل "إشراك الجميع ومسؤولية الجميع. وأنه لا بد من رؤية جديدة".
واتهم زيباري قوى الإطار التنسيقي بأنها "أكثر ميلاً إلى الجانب الإيراني، حسب كل المعطيات والمعلومات"، مضيفاً "لذلك هناك صراع إقليمي وعراقي يحصل حالياً حول مستقبل العراق، وحول تشكيل حكومة وطنية مستقلة وقوية تراعي مصالح بلدها في تعاملها مع الآخرين بدون إملاءات وبدون تدخلات في شكل التحالفات وفي شكل الحكومة وفي شكل اختيارات القوى الأساسية".
خلافات البيت الكردي
وألمح زيباري إلى أن استهدافه يأتي في إطار استهداف وحدة الإقليم الكردستاني، وقال: "هم في هذه العملية بدأوا بي كمرشح لأحد الأحزاب الفائزة الكبيرة، وأيضاً بدأوا بحقوق الإقليم في النفط والغاز حسب ما نص عليه الدستور، وقرروا أن قانون النفط والغاز غير دستوري بالنسبة للإقليم، مع أنه دستوري في تقديرنا وحسب قراءتنا للدستور، لأن النفط والغاز هما خارج الصلاحيات الحصرية للحكومة الاتحادية".
لكن رغم هذه التهديدات التي وصفها بـ"الحقيقية"، اعتبر وزير الخارجية السابق أن تغيير شكل وهوية الدولة العراقية "صعب جداً".
وبشأن ما يثار عن تراجع قوة الأكراد في المشهد السياسي العراقي، والخلاف بين مكونات البيت الكردي، قال هوشيار زيباري: "مؤسف هذا التفكك وهذا النزاع الداخلي وقد حاولنا من جهتنا التواصل مع حزب الاتحاد الوطني الكردستاني، وأردنا الذهاب إلى بغداد كوفد مشترك بموقف واحد وبرأي واحد، لكن هم كان عندهم قرار آخر".
ودخل العراق في أزمة توقيتات دستورية بشأن الترشح لمنصب رئيس الجمهورية، وذلك عقب إلغاء مجلس النواب جلسة التصويت لانتخاب رئيس جديد للبلاد لعدم اكتمال النصاب القانوني، وغياب التوافق بين الكتل السياسية على من يترشح للمنصب.
وأرجعت المحكمة الاتحادية العليا في بيان، قرار رفض ترشح هوشيار زيباري إلى مخالفته "أحكام قانون الترشح لمنصب رئيس الجمهورية، والذي ينص على أن يكون المرشح (ذا سمعة حسنة وخبرة سياسية، ومن المشهود لهم بالنزاهة والاستقامة)".