ذكرت صحيفة "فاينانشيال تايمز" البريطانية، الثلاثاء، أن اليابان ترغب في لعب دور بارز في مجال "التمويل الأخضر"، مع سعي الدول النامية إلى التحول إلى مصادر أنظف للطاقة.
وأشارت الصحيفة إلى استعداد طوكيو لاستغلال التراجع الحاد في الإقراض الخارجي للصين من خلال مساعدة دول آسيا والمحيط الهادي على تغطية تكاليف مكافحة تغير المناخ البالغة 40 تريليون دولار.
ويقصد بـ"التمويل الأخضر" استخدام المنتجات والخدمات المالية مثل القروض والتأمين والأسهم والسندات، وغيرها من أجل تمويل المشروعات الخضراء أو الصديقة للبيئة.
وتنتج آسيا ما يقرب من نصف انبعاثات الكربون العالمية ويتواجد بها أحدث جيل من محطات توليد الطاقة بالفحم في العالم، في حين اتُهمت الدول الغنية بعدم تقديم الدعم المالي الكافي لمساعدة الدول النامية على التحول إلى الطاقة الخضراء.
وتأتي جهود طوكيو للعب دور قيادي في وضع قواعد التمويل الأخضر بآسيا وسط نقاش عالمي بشأن مدى السرعة التي يجب أن تتحول بها الدول إلى أشكال أنظف للطاقة في أعقاب الحرب في أوكرانيا وأزمة الطاقة.
المعايير الدولية
وقال مسؤولون حكوميون في اليابان وأجزاء أخرى من آسيا إن المعايير الدولية، مثل التصنيف الأخضر للاتحاد الأوروبي الذي يهدف لمساعدة المستثمرين على الحكم على الصناعات من حيث الاستدامة البيئية، "صارمة للغاية وتحرم الدول الأكثر فقراً من التمويل"، بحسب الصحيفة البريطانية.
وتسيطر بكين منذ فترة طويلة على المعونات الإنمائية في آسيا، لكنها خفضت مؤخراً بشكل ملحوظ القروض الخارجية لمشاريع البنية التحتية.
وقال إيان بريمر، رئيس مجموعة أوراسيا، لـ"فاينانشيال تايمز"، إن "الصين بحاجة للتركيز أكثر على سوقها الداخلية"، مضيفاً أنه "عندما أفكر في السنوات الـ10 المقبلة، أجد أن الصين قد تكون الدائن الأكبر للدول النامية، ولكن ستكون هناك فجوات. لذا، فمن الواضح أنه سيكون هناك مجالاً أمام اليابانيين".
وأصدرت بعض المؤسسات المالية الكبرى في العالم، بقيادة بنك "ميتسوبيشي يو إف جي"، الأسبوع الماضي إرشادات للمستثمرين لتمويل المشاريع والتقنيات لمساعدة الدول الآسيوية على تسريع الابتعاد عن استخدام الوقود الأحفوري.
ويعتقد المحللون أن محاولات اليابان لقيادة جهود "تمويل العملية الانتقالية" في آسيا يخدم مصالحها في بعض النواحي، فالدولة لا تملك خطة واقعية لتحقيق صافي انبعاثات كربونية صفرية بحلول عام 2050، وتتخلف عن بعض أقرانها بالمنطقة في تبني الطاقة الشمسية وطاقة الرياح.
وكانت اليابان قد زادت من اعتمادها على الفحم، والغاز الطبيعي، والنفط بعد كارثة محطة "فوكوشيما دايتشي" النووية التي وقعت في عام 2011، بحسب "فاينانشيال تايمز".
ومع استكشاف رئيس الوزراء الياباني فوميو كيشيدا، لسُبل التمويل الحكومي والخاص لتقليل البصمة الكربونية للبلاد، فمن المنطق أن تقود بلاده عملية وضع معايير تمويل التحول وتقنيات الحد من الكربون مثل تقنية احتجاز الكربون، في المنطقة، وفقاً للمحللين.
وقال كيشيدا لبورصة نيويورك الشهر الماضي: "لجذب التمويل للعملية الانتقالية من جميع أنحاء العالم، نفكر في العمل على مشروعات واسعة النطاق في آسيا، مثل توليد الطاقة، والهيدروجين، والشبكات، بالإضافة إلى وضع معايير مشتركة داخل المنطقة".
40 تريليرون
وتعهدت اليابان العام الماضي، عندما كشفت عن مفهومها للنسخة الآسيوية من تمويل التحول، بتخصيص 10 مليارات دولار لدعم التحول إلى مصادر الطاقة المتجددة وغيرها من مصادر الطاقة النظيفة. وترى طوكيو أن آسيا ستحتاج إلى 40 تريليون دولار لتحقيق صافي انبعاثات صفرية بحلول عام 2050.
ويعتقد بعض القادة الآسيويين أن الدول الغربية المانحة كانت صارمة للغاية ولا تأخذ في الاعتبار الاختلافات في التنمية الاقتصادية والظروف الجغرافية للمنطقة عندما يتعلق الأمر بالمساعدات المناخية.
وقال وزير الطاقة والموارد المعدنية الإندونيسي، أريفين تصريف، للصحيفة: "على كل دولة أن تضع القواعد وفقاً للقدرات المتوفرة لديها"، داعياً المجتمع الدولي لـ"ألا يمرر هذه القواعد الصعبة، التي لا يمكن تنفيذها في دول أخرى، ويجب أن تكون مرنة".
وقال وزير الطاقة الباكستاني، خرم دستغير خان، للصحيفة: "حرب أوكرانيا جعلت جميع أنواع الوقود الأحفوري باهظة الثمن، ونحن في هذه المرحلة الاستثنائية، نمر بوقت الحياد الكربوني فيه ليس مرغوباً فحسب، ولكنه ضروري لأنه رخيص".
وتلقت باكستان التي دمرتها الفيضانات الناجمة عن بتغير المناخ، تمويلاً طويل الأجل في إطار مبادرة الحزام والطريق الصينية وقروضاً طارئة من بكين في السنوات الأخيرة. وقالت باكستان إنها ترحب بالاستثمارات اليابانية إذا قدمت أسعاراً تنافسية لمشاريعها.
وأضاف خان: "الافتراض بأن الصين -بطريقة ما- سيطرت على باكستان غير صحيح. الباب مفتوح أمام الاستثمار الياباني في التحول في الطاقة. ولكن الطريقة الفعلية لتنفيذ ذلك لم يتم تحديدها بعد. الأمر مجرد فكرة في الوقت الحالي".