حصاد قمم الرياض بين الصين والعرب.. اقتصاد وسياسة وأمن

time reading iconدقائق القراءة - 11
ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان والرئيس الصيني شي جين بينج يتوسطان القادة العرب في صورة جماعية للمشاركين في القمة العربية الصينية، الرياض- 9 ديسمبر 2022 - REUTERS
ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان والرئيس الصيني شي جين بينج يتوسطان القادة العرب في صورة جماعية للمشاركين في القمة العربية الصينية، الرياض- 9 ديسمبر 2022 - REUTERS
دبي- الشرق

أسست القمم السعودية والخليجية والعربية مع الصين التي استضافتها الرياض، الخميس والجمعة، لانطلاقة جديدة في العلاقات بين بكين ودول المنطقة، مع توقيع عدد من الشراكات الاستراتيجية والاقتصادية، والتأكيد الصيني على دعم دول الخليج للحفاظ على أمنها.

وغادر الرئيس الصيني شي جين بينج الرياض، السبت، بعد زيارة استمرت 3 أيام شارك خلالها في 3 قمم سعودية وخليجية وعربية مع الصين، في أول زيارة له إلى المملكة منذ عام 2016. 

وشهدت القمم تبادلاً للرؤى بشأن الأوضاع الإقليمية والعالمية، مع تأكيد متبادل على مراعاة المصالح الجوهرية للطرفين، والتشديد على ضرورة تعزيز التعاون واستراتيجيات النمو، والالتزام بعدم التدخل في شؤون الدول الأخرى. وفيما شدد الرئيس الصيني على دعمه لأمن دول الخليج، أكدت دول الخليج حرصها على تعزيز الشراكة الثنائية والتزامها بمبدأ الصين الواحدة. 

وأكد الرئيس الصيني، أن بلاده والدول العربية يتبادلان "الدعم الثابت" في القضايا المتعلقة بالمصالح الحيوية للجانب الآخر. 

"رؤية 2030" تلاقي "الحزام والطريق"

أسفرت القمة السعودية الصينية، عن توقيع اتفاقيات شراكة استراتيجية بين الرياض وبكين، في عدة مجالات منها الطاقة والاستثمارات، بعد اجتماع الملك سلمان بن عبد العزيز مع الرئيس الصيني شي جين بينج في الرياض، الخميس، في قمة استعرضت العلاقات العميقة والمتنامية خارج نطاق النفط. 

ووقّع الملك سلمان، وشي جين بينج، الاتفاقات في قصر اليمامة، بحضور ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان. وتضمنت اتفاقية شراكة استراتيجية وخطة تنسيق بين رؤية المملكة 2030، التي تهدف إلى تقليص اعتماد الاقتصاد على النفط، ومبادرة الحزام والطريق الصينية.

واستعرض الملك سلمان والرئيس الصيني "أوجه الشراكة بين السعودية والصين، والجهود التنسيقية المشتركة لتعزيز التعاون بين البلدين في مختلف المجالات، بما يتلاءم مع رؤيتهما، وبحث فرص استثمار الموارد المتاحة في كلا البلدين، بما يحقق المصالح المشتركة".

"انطلاقة جديدة" 

ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان اعتبر أن القمة الخليجية الصينية أتت في ظل عدة تحديات تواجه المنطقة والعالم وظروف استثنائية تحتم تفعيل العمل الجماعي المشترك. 

وذكر في افتتاح القمة أنها "تؤسس لانطلاقة تاريخية جديدة في العلاقات بين الصين ودول مجلس التعاون". 

وقال الأمير محمد بن سلمان، إن تلك الرؤية ستأخذ في الاعتبار أيضاً "الدروس المستفادة من تجارب مواجهة جائحة كورونا، والدور المتنامي لدول مجلس التعاون في القضايا الإقليمية والدولية، والنمو الاقتصادي المتسارع، والتنمية الاجتماعية والثقافية التي تمر بها دول المنطقة". 

وأكد أن دول مجلس التعاون تعتبر جمهورية الصين الشعبية "شريكاً أساسياً مهماً لها، وقد انعكست ثمار إيجابية لهذه الشراكة على مصالحنا المشتركة وعلى أمن منطقتنا واستقرارها"، مشيراً إلى أن "دولنا تولي أهمية قصوى لرفع مستوى الشراكة الاستراتيجية مع الصين، باذلة جهودها لتعظيم مكاسب هذه الشراكة".

رفض التدخل في شؤون الدول

بدوره، اعتبر الرئيس الصيني القمة العربية الصينية، "حدثاً مفصلياً" في تاريخ العلاقات المتجذرة بين العرب والصين. 

وأكد أن بلاده والدول العربية يتبادلان "الدعم الثابت" في القضايا المتعلقة بالمصالح الحيوية للجانب الآخر، مشيراً إلى أن حجم التبادل التجاري بين الدول العربية والصين يزيد عن 300 مليار دولار، فيما "بلغ رصيد الاستثمار المباشر المتبادل 27 مليار دولار وتم تنفيذ أكثر من 200 مشروع في إطار التعاون في بناء الحزام وطريق التي عادت بالخير على قرابة ملياري نسمة من السكان". 

الرئيس الصيني شدد على أنه يجب الالتزام بمبدأ رفض التدخل في شؤون الدول الداخلية، معلناً دعم بلاده لبناء منظومة أمنية مشتركة وشاملة وتعاونية ومستدامة في الشرق الأوسط.  

وأشار إلى أن الجانب الصيني يرحب بالمشاركة مع الجانب العربي في مبادرة الأمن العالمي، وهو على استعداد لمواصلة الإسهام في تعزيز السلام والأمان في الشرق الأوسط. 

وقال إن "من الضروري تعزيز المواءمة بين استراتيجيات التنموية وبناء الحزام والطريق بجودة عالية، وتوطيد تعاون تقليدي في مجالات الاقتصاد والتجارة والطاقة والبنية التحتية". 

وعبر شي عن ارتياحه لما تم الاتفاق عليه في هذه القمة، مشيراً إلى وضع الخطوط العريضة لخطة تعاون شامل بين بلاده والدول العربية بهدف تخطيط آفاق تطور العلاقات الصينية العربية بشكل مشترك. 

توافق صيني - خليجي 

كما شهدت القمة الصينية الخليجية تلاقياً في الرؤى بين بكين ودول الخليج بشأن عدة قضايا في مقدمتها البرنامج النووي الإيراني، وإدانة الضربات الحوثية على أهداف مدنية في السعودية والإمارات، كما شهدت الاتفاق على تعزيز الشراكة الاستراتيجية القائمة بين مجلس التعاون  والصين. 

وأكدت الصين دعمها جهود دول المجلس لصيانة سيادتها ووحدة أراضيها والحفاظ على أمنها واستقرارها، وتحقيق التنمية المتكاملة، كما تدعم دول المجلس جهود الصين لتنمية اقتصادها وصيانة سيادتها وسلامة أراضيها، والالتزام بمبدأ الصين الواحدة. 

إيران والبرنامج النووي 

وفي الشأن الإيراني، أكد القادة ضرورة دعم معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية، ومنع انتشار أسلحة الدمار الشامل في منطقة الخليج، وضمان الطابع السلمي للبرنامج النووي الإيراني، حفاظاً على الأمن والاستقرار إقليمياً ودولياً، ودعوا إيران للتعاون الكامل مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية. 

وأكد الجانبان ضرورة أن تقوم العلاقات بين دول الخليج العربية وإيران على اتباع مبدأ حسن الجوار وعدم التدخل في الشؤون الداخلية، واحترام استقلال الدول وسيادتها وسلامة أراضيها، وحل الخلافات بالطرق السلمية، وفقاً لميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي، وعدم اللجوء إلى استخدام القوة أو التهديد بها، والحفاظ على الأمن والاستقرار الإقليمي والدولي. 

إدانة هجمات الحوثيين 

ودان القادة كافة "الهجمات الإرهابية التي تشنها الميلشيات الحوثية على الأهداف المدنية في السعودية والإمارات والداخل اليمني وفي الممرات المائية وطرق الملاحة الدولية"، ودعوا كافة الدول إلى التعاون لمكافحة هذه الأعمال والتقيد بحظر السلاح المنصوص عليه في قراري مجلس الأمن 2216 و2624. 

حل سياسي في أوكرانيا

وأكد القادة على مواقفهم الداعمة لكافة الجهود الدولية الرامية إلى التهدئة وإيجاد حل سياسي لإنهاء الأزمة في أوكرانيا، وفقاً للقانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة، بما يحقق حماية الأرواح والممتلكات، ويحفظ الأمن والاستقرار الإقليمي والدولي. 

مواقف عربية

وركز الزعماء العرب في كلماتهم التي ألقوها أمام لقمة العربية الصينية على تطوير التعاون مع بكين، وصياغة استراتيجيات لتعزيز الشراكة والانفتاح ضمن مبادرة الحزام والطريق، مشيدين بـ"سياسات صينية متوازنة" لا تسيس قضايا حقوق الإنسان وتحترم خصوصية الشعوب. 

السيسي: سياسات صينية متوازنة 

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، اعتبر في كلمته أمام القمة العربية الصينية، أن انعقاد القمة "يعطي دفعة ملموسة للتعاون العربي -الصيني بكافة صوره".

وقال السيسي إن آفاق التعاون العربي الصيني، وفرص تطويره، "لا تقتصر فقط على الشق الاقتصادي والتنموي، بل تمتد إلى الآفاق السياسية والثقافية"، مشيراً إلى "السياسات الصينية المتوازنة تجاه مختلف القضايا العربية بشكل عام، وتجاه القضية الفلسطينية بشكل خاص". 

وقال إن التعاون العربي الصيني، تأسس على تعظيم المنفعة والمصالح المشتركة ومواجهة التحديات التنموية، واحترام خصوصية الشعوب وحقها في الاختيار دون وصاية أو تدخلات خارجية، بالإضافة إلى "رفض تسييس قضايا حقوق الإنسان، وتعزيز حوار الحضارات وتقارب الثقافات، والتعاون في مواجهة تحديات التغير المناخي وتفشي الأوبئة، وانتشار أسلحة الدمار الشامل، ومكافحة خطر الإرهاب والأفكار المتطرفة". 

العليمي: استراتيجية مشتركة للتعاون 

 رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني، رشاد العليمي، اعتبر أن القمة الصينية العربية، "فرصة لتحقيق التقدم والازدهار والتنمية من خلال صياغة استراتيجية مشتركة للتعاون ورؤى موحدة للسلام المستدام". 

وثمن العليمي، موقف الصين الثابت والمساند للحكومة الشرعية في اليمن، مشدداً على ضرورة إنهاء النزاعات والحروب في المنطقة وفي المقدمة "دفع الميليشيات الحوثية الإرهابية المدعومة من النظام الإيراني إلى الرضوخ للإرادة الشعبية والدولية والحيلولة دون التدخل الإيراني في شؤون اليمن، وتزويد المليشيات بأنواع الأسلحة المحرمة دولياً كافة". 

"الصين واحدة" 

وتضمن "إعلان الرياض" الذي صدر في ختام القمة العربية الصينية، تأكيداً على التزام الدول العربية الثابت بمبدأ الصين الواحدة، ودعمها لجهود الصين في الحفاظ على سيادتها ووحدة أراضيها، والتأكيد مجدداً على أن تايوان جزء لا يتجزأ من الأراضي الصينية، ورفض "استقلال تايوان" بكافة أشكاله. 

كما نص الإعلان على دعم الموقف الصيني في ملف هونج كونج ودعم "جهود الصين لصيانة الأمن القومي وتنمية الديمقراطية واستكمالها في هونج كونج في إطار دولة واحدة ونظامان"، وتقدير "الجهود المهمة المبذولة لرعاية الأقليات في كلا الجانبين العربي والصيني". 

منع انتشار الأسلحة النووية 

ودعم البيان الختامي للقمة العربية الصينية الجهود الرامية إلى منع انتشار الأسلحة النووية وأسلحة الدمار الشامل الأخرى، وفقاً لمعاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية (NPT) بوصفها حجر الأساس للمنظومة الدولية لمنع الانتشار، والتأكيد على أهمية إخلاء منطقة الشرق الأوسط من أسلحة الدمار الشامل. 

تحذير من "إهمال" مصادر طاقة رئيسية

وتضمن الإعلان الاتفاق على تعزيز الجهود الدولية المبذولة في إطار الأمم المتحدة لمكافحة التغيرات المناخية، بما في ذلك اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ واتفاقية باريس في إطارها. ودعم المبادرات الرامية إلى تحقيق التنمية الخضراء، بما في ذلك مبادرة السعودية للشرق الأوسط الأخضر، ومبادرة الصين بشأن طريق الحرير الأخضر. 

وأكدت القمة العربية الصينية على "أهمية تجنب المجتمع الدولي إقصاء مصادر طاقة رئيسية أو إهمال الاستثمار فيها، مما يؤدي إلى تحديات في أسواق الطاقة وأثر غير متكافئ خاصة على المجتمعات والدول النامية"، مع ضرورة تبني سياسة "النهج المتوازن" لتعزيز النمو الاقتصادي العالمي والمرتبط بشكل وثيق بأمن الطاقة وتوفرها، بالاستفادة من مصادر الطاقة المختلفة، وتطبيق حلول الاقتصاد الدائري للكربون للوصول إلى الحياد الصفري وبناء مجتمعات مستدامة. 

لقاءات ثنائية عربية صينية 

شهدت القمة العربية الصينية، مشاركة عربية واسعة، وعقد قادة عدد من الدول العربية لقاءات ثنائية مع الرئيس الصيني، بينهم الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، ورئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان، والرئيس الفلسطيني محمود عباس، وولي العهد الكويتي الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح. 

وأشار الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، في اجتماعه مع الرئيس الصيني، إلى تكامل المبادرة الصينية "الحزام والطريق" مع جهود مصر التنموية، خاصةً تلك المتعلقة بتنمية محور قناة السويس، وتطوير البنية الأساسية بالدولة، لاسيما في مجالات الطرق والموانئ البحرية والطاقة. 

كما التقى الرئيس الصيني أيضاً بالرئيس الفلسطيني محمود عباس، واستعرضا سبل تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين، بما يشمل زيادة التبادل الاقتصادي والتجاري والاستثمارات، خاصة بعد انضمام دولة فلسطين لمبادرة الحزام والطريق. 

والتقى شي جين بينج، ولي العهد الكويتي الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح وبحثا القضايا ذات الاهتمام المشترك، وآخر المستجدات على الساحتين الإقليمية والدولية. 

كما اجتمع الرئيس الصيني مع رئيس مجلس السيادة الانتقالي في السودان عبد الفتاح البرهان. 

البيان الختامي للقمة السعودية الصينية 

إعلان الرياض الصادر عن القمة العربية الصينية

البيان الختامي لقمة الرياض الخليجية الصينية

اقرأ أيضاً:

تصنيفات