طالب الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب بتوجيه "اتهامات على الفور" ضد المدعي العام لمقاطعة مانهاتن ألفين براج على خلفية ما يقول الرئيس الخامس والأربعين للولايات المتحدة إنه تسريبات غير قانونية مرتبطة بلائحة اتهام في قضية دفع أموال لممثلة أفلام إباحية لـ"شراء صمتها".
يأتي ذلك قبل ساعات من مثول ترمب، الثلاثاء، أمام محكمة لإبلاغه رسمياً بتوجيه تهم جنائية إليه في قضية دفع مبلغ 130 ألف دولار لممثلة الأفلام الإباحية ستورمي دانيالز، لشراء صمتها قبل الانتخابات الرئاسية في نوفمبر 2016، في حدث غير مسبوق لرئيس سابق، وسط تحذيرات من البيت الأبيض وبلدية نيويورك من ممارسة "أي عنف".
وبدا أن تعليقات ترمب الغاضبة، التي نشرها على منصته للتواصل الاجتماعي "تروث سوشيال" ليل الاثنين، كانت رداً على تقرير نشره موقع "ياهو نيوز"، أفاد بأن الرئيس السابق سيُواجه 34 تهمة جنائية بتزوير سجلات تجارية، بحسب مصدر مطلع على إجراءات المحاكمة.
وكشف التقرير أيضاً أن ترمب لن تلتقط له صورة جنائية وسيستثنى من وضع الأصفاد بيديه في إطار الإجراءات لتوجيه لائحة الاتهام إليه في القضية، التي توصف بأنها "تاريخية".
وكتب ترمب أن "مدعي عام المقاطعة براج سرب بشكل غير قانوني عدداً من النقاط المختلفة والمعلومات الكاملة بشأن لائحة الاتهام المثيرة للشفقة الموجهة لي".
وأضاف: "أنا أعرف الصحفي، وهو كذلك للأسف. هذا يعني أنه يجب توجيه لائحة اتهام ضده فوراً. الآن، إذا أراد استعادة سمعته حقاً، عليه القيام بهذا الشرف وبصفته مدعي عام المنطقة، يوجه لائحة اتهام إلى نفسه".
اتهامات غير مسبوقة
وقبل خمسة أيام، أصبح ترمب أول رئيس أميركي سابق يُوجَّه إليه الاتهام، وسيُسلم نفسه لضباط إنفاذ القانون جنوب مانهاتن ليتم احتجازه، وسماع التهم الموجهة إليه، والإقرار بأنه غير مذنب، بحسب "بلومبرغ".
وقال محاميه جو تاكوبينا، الأحد، في تصريح لشبكة "سي إن إن"، إن الرئيس السابق سيدفع بأنه غير مذنب "بصوت عالٍ وبافتخار".
ووصل الرئيس السابق ولاية نيويورك، الاثنين، وحطّت الطائرة الخاصة التي أقلّته في مطار لاجوارديا آتية من فلوريدا بعد رحلة استمرت ساعتين ونصف الساعة.
وبات الرئيس السابق ليلته في برج ترمب على أن يتوجّه إلى محكمة مانهاتن عصر الثلاثاء.
وكانت لقطات تلفزيونية أظهرت موكباً يغادر منزل ترمب في مارالاجو بفلوريدا عند الساعة 12:20 (16:20 بتوقيت جرينتش)، للتوجّه إلى المدينة التي صنع فيها ترمب اسمه وحيث يأمل في استغلال مثوله أمام المحكمة لاستثارة حملة تأييد لترشحه للانتخابات الرئاسية في عام 2024.
وحمل العشرات أعلاماً مؤيدة لترمب وأعلاماً أميركية واصطفوا على طول الطريق الذي مرّ فيه الموكب.
وفي مطار بالم بيتش الدولي استقلّ ترمب طائرته الخاصة وهي من طراز بوينج 757، ولوّح للصحافيين خلال صعوده سلّمها.
محاكمة دون بث مباشر
وقرر القاضي المشرف على القضية الجنائية للرئيس السابق حظر دخول كاميرات الفيديو قاعة المحاكمة، لكنه سمح للمصورين بالتقاط صور ثابتة قبل بدء الإجراءات الثلاثاء، وفق موقع "أكسيوس" الأميركي.
وذكر قاضي المحكمة العليا في نيويورك بالإنابة خوان ميرشان، في حكمه الصادر ليل الاثنين، برفض طلب تقدم به ائتلاف من المنافذ الإخبارية للبث المباشر خلال أول ظهور لترمب أمام المحكمة، أن "لائحة الاتهام هذه تنطوي على أهمية كبيرة".
وكتب ميرشان: "لم يحدث في تاريخ الولايات المتحدة أن وجهت اتهامات جنائية إلى رئيس حالي أو سابق"، مضيفاً: "لقد أثار استدعاء ترمب للمثول أمام المحكمة اهتماماً جماهيرياً وإعلامياً غير مسبوق".
وتابع: "للأسف، على الرغم من كونه حقيقي ومهم بلا شك، يجب الموازنة بين اهتمامات المؤسسات الإخبارية والمصالح المتعارضة".
وكانت منافذ إخبارية تشمل "نيويورك تايمز"، و"واشنطن بوست"، و"CNN"، و"وول ستريت جورنال" قالت في رسالة إلى المحكمة، الجمعة، إن "خطورة هذه الإجراءات، توجيه الاتهام غير المسبوق والتاريخي لرئيس أميركي سابق، لا يمكن التقليل من أهمية الحاجة إلى اطلاع الجماهير على أوسع نطاق ممكن".
في المقابل، عارض محامو ترمب طلب وسائل الإعلام، بحجة أنه "سيخلق أجواء تشبه السيرك في المحاكمة، ويثير مخاوف أمنية، ويتعارض مع افتراض براءة الرئيس ترمب".
ليست القضية الوحيدة
وليست هذه القضية الوحيدة التي يواجهها ترمب، فهناك قضية الهجوم الذي شنّه حشد من أنصاره على مبنى الكابيتول في 6 يناير 2021.
ومن أبرز القضايا، التي تلاحق الرئيس الخامس والأربعين للولايات المتّحدة، الاتّهامات الموجّهة اليه بممارسة ضغوط على مسؤولين عن العملية الانتخابات في ولاية جورجيا في 2020، وتحقيق بشأن طريقة تعامله مع أرشيف البيت الأبيض.
والرئيس جو بايدن هو من الديموقراطيين القلائل الذين لزموا الصمت بهذا الصدد، والرئيس الديموقراطي الذي لم يطلق رسمياً بعد حملة ترشيحه لولاية ثانية على يقين بأنّ أيّ تعليق يصدر عنه سيكون بمثابة سلاح للملياردير الجمهوري يؤكد نظريته حول تسييس القضاء.
والتفّ الجمهوريون صفاً واحداً حول ترمب للرئاسة جاعلين منه، في مقابلاتهم وتغريداتهم وبياناتهم، ضحية.
ومن بين هؤلاء خصمه المحتمل لنيل الترشيح الجمهوري رون ديسانتيس الذي ندّد بتهم "مخالفة لقيم أميركا".
لكنّ الجمهوري آسا هاتشينسون، الحاكم السابق لولاية أركنسا في جنوب الولايات المتّحدة والذي أعلن ترشحه للانتخابات التمهيدية للحزب الجمهوري لخوض السباق الرئاسي، الأحد، طرح تساؤلات جدّية حول مثل هذه الاستراتيجية داعياً ترمب الى الانسحاب من السباق.
وقال الحاكم السابق: "أولاً، وقبل كل شيء، المنصب أهمّ من أيّ فرد. وبالتالي، من أجل المنصب الرئاسي، أعتقد أنّ هذه (اللائحة الاتهامية) ستشكّل تشتيتاً كبيراً له ويجب أن يكون قادراً على التركيز على العملية القضائية".
اقرأ أيضاً: