في ظل توترات سياسية متسارعة يشهدها العالم، تتسابق الدول لتطوير واستخدام الوقود الصلب في الصواريخ، نظراً لإمكانية إطلاقها بسرعة أكبر من تلك التي تعمل بالوقود السائل، ما يجعل اعتراضها أمراً أكثر صعوبة.
وأعلنت كوريا الشمالية اختبار صاروخ "هواسونج-18" الباليستي العابر للقارات باتجاه البحر الشرقي من شبه الجزيرة الكورية.
وأُطلق "هواسونج-18" لأول مرة في أبريل الماضي، وهو أول صاروخ باليستي عابر للقارات في كوريا الشمالية يستخدم وسائل دفع صلبة، ما يمكن أن يسمح بنشر أسرع للصواريخ أثناء الحرب.
ما هي تقنية الوقود الصلب؟
الوقود الصلب مكوّن من مادتين مؤكسدة ومختزلة، يتم ربطهما معاً بواسطة مادة مطاطية صلبة، ويتم تعبئتهما في غلاف معدني.
وعندما يحترق الوقود الصلب، يتحد الأوكسجين من مادة "كلورات الأمونيوم" مع الألمنيوم، لتوليد كميات هائلة من الطاقة، ودرجات حرارة تزيد عن 5000 درجة فهرنهايت (2760 درجة مئوية)، ما يؤدي إلى دفع الصاروخ، ورفعه من على منصة الإطلاق.
ويوفر الوقود السائل قوة دفع وقوة أكبر، ولكنه يتطلب تقنية أكثر تعقيداً. لكن الوقود الصلب كثيف ويحترق بسرعة كبيرة، ويولد قوة دفع خلال فترة زمنية قصيرة.
كما يمكن أن يبقى الوقود الصلب في المخازن لفترة طويلة من دون أن يتحلل، وهي مشكلة شائعة في الوقود السائل.
من يمتلك التكنولوجيا؟
ووفق وكالة "رويترز"، فإن تاريخ الوقود الصلب يعود إلى الألعاب النارية التي طورتها الصين، لكنه حقق تقدماً كبيراً في منتصف القرن الـ20، عندما طورت الولايات المتحدة وقوداً دافعاً أكثر قوة.
وأرسل الاتحاد السوفيتي أول صاروخ باليستي عابر للقارات يعمل بالوقود الصلب "RT-2"، في أوائل السبعينيات، ثم طورت فرنسا صاروخها "S3"، المعروف أيضاً باسم "SSBS"، وهو صاروخ باليستي متوسط المدى.
كما بدأت الصين اختبار صواريخ باليستية عابرة للقارات تعمل بالوقود الصلب في أواخر التسعينيات، فيما قالت كوريا الجنوبية إنها حصلت بالفعل على تكنولوجيا صاروخية باليستية "فعالة ومتقدمة" تعمل بالوقود الصلب.
تعزيز قدرة كوريا الشمالية
ومنذ عام 2017، أطلقت كوريا الشمالية عدداً كبيراً من الصواريخ العابرة للقارات، لكن الخبراء يرون أن بيونج يانج لديها بعض التقنيات التي تخولها لامتلاك صواريخ تعمل بالطاقة النووية، وقادرة على الوصول إلى الولايات المتحدة، وفق "BBC".
وكان أحدث اختبار سابق للصواريخ الباليستية العابرة للقارات في كوريا الشمالية، هو أول إطلاق لـ"هواسونج -18" في أبريل، بعد ذلك الإطلاق، قال الزعيم الكوري الشمالي كيم يونج أون، إن الصاروخ سيعزز قدرات الهجوم المضاد لكوريا الشمالية، وأمر بتوسيع ترسانة بلاده النووية.
وقالت كوريا الشمالية في وقت سابق، إن تطوير صاروخها الذي يعمل بالوقود الصلب، من شأنه أن "يعزز بشكل جذري قدرتها على الهجوم المضاد النووي".
ما أهميته؟
من شأن امتلاك هذا النوع من الوقود في الصواريخ، منح الدول قدرة أكبر على المناورة، ويجعلها أكثر خطورة وتهديداً.
ومن أهم الاختلافات بين الصواريخ العاملة بالوقود السائل وتلك العاملة بالوقود الصلب، أن الأولى تحتاج إلى التزود بالوقود قبل فترة قصيرة نسبياً من الإطلاق، على عكس الوقود الصلب الذي يُعبَّأ ويُخزَّن في الصاروخ لحين استخدامه.
ويمكن لهذه التكنولوجيا أن تمنح بيونج يانج قدرة أكبر على الحركة خلال عمليات الإطلاق، نظراً لغياب الحاجة إلى تعبئة الصواريخ بالوقود.
وفي تغريدة تزامنت مع إطلاق كوريا الشمالية صاروخ "هواسونج -18"، قال الخبير في "مؤسسة كارنيغي للسلام"، أنكيت باندا، إنه "نظراً لأن هذه الصواريخ يتم تزويدها بالوقود في وقت التصنيع، فبالتالي هي جاهزة للاستخدام حسب الحاجة".
وأضاف أن هذه الصواريخ "ستكون أكثر قابلية للاستخدام في أزمة أو صراع، مما يحرم كوريا الجنوبية والولايات المتحدة من وقت ثمين، يمكن أن يكون مفيداً للبحث بشكل استباقي وتدمير هذه الصواريخ".
ومن الخصائص الأساسية للصواريخ العاملة بنظام الوقود الصلب أنها أكثر ثباتاً؛ إذ يمنح الوقود الصلب قدرة أكبر على التوازن خلال التحليق، كما أن قوة الدفع في الصواريخ العاملة بنظام الوقود الصلب أعلى منها في الصواريخ العاملة بالوقود السائل في بعض الحالات.
كما تُعدّ الصواريخ ذات الوقود الصلب أسهل وأرخص وأكفأ، من نظيرتها ذات الوقود السائل.
ولكن رغم إيجابيات الصواريخ العاملة بالوقود الصلب بالنسبة لكوريا الشمالية، فإن لديها بعض النواحي السلبية.
ويشير باندا، في تغريدة على "تويتر"، إلى أنه من الناحية التشغيلية، فإن لدى هذه الصواريخ بعضَ الجوانب السلبية المتعلقة بصيانتها، وتخزينها، والتعامل معها.
ويضيف أن حبيبات الوقود الصلب تصبح، بمجرد صبها، حساسة للرطوبة، ودرجة الحرارة، والحركة أثناء نقلها. ويشير أيضاً إلى إمكانية تحلل الوقود داخل الصواريخ على مدى سنوات تخزينها.
هذه الأسباب تدفع إلى أن يتم تفكيك الصواريخ الكبيرة والقيمة، التي تعمل بالوقود الصلب.