تقرير: واشنطن تدرس رفع عقوبات عن بكين للتعاون بمكافحة المخدرات

time reading iconدقائق القراءة - 10
مشرعون أميركيون يعقدون مؤتمراً صحفياً حول أزمة الفنتانيل خارج مبنى الكابيتول في العاصمة واشنطن. 23 مايو 2023 - REUTERS
مشرعون أميركيون يعقدون مؤتمراً صحفياً حول أزمة الفنتانيل خارج مبنى الكابيتول في العاصمة واشنطن. 23 مايو 2023 - REUTERS
دبي-الشرق

تدرس الإدارة الأميركية رفع العقوبات المفروضة على معهد الطب الشرعي الصيني، في مقابل تجديد التعاون مع بكين في مجال مكافحة المخدرات، وفقاً لما ذكرته صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية.

ونقلت الصحيفة عن أشخاص وصفتهم بالمطلعين أن إدارة جو بايدن تنظر في احتمالية رفع العقوبات عن المعهد التابع للشرطة الصينية (وزارة أمن الدولة الصيني)، والمشتبه في مشاركته بانتهاكات لحقوق الإنسان، في محاولة لتأمين تعاون الصين المتجدد في مكافحة أزمة مادة الفنتانيل المخدرة.

واقترح وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، خلال اجتماعات في بكين الشهر الماضي، تشكيل مجموعة عمل جديدة مع الصين لمحاولة إحياء المحادثات المتوقفة بشأن مكافحة الفنتانيل.

مع ذلك، تمسَّك المسؤولون الصينيون بموقفهم الثابت منذ فترة طويلة بأن الولايات المتحدة يجب أن تزيل أولاً العقوبات المفروضة على المعهد ، كشرط مسبق لاستئناف العمل المشترك لمكافحة المخدرات، حسب ما نقلت الصحيفة عن أشخاص مطلعين.

وقف تدفق الفنتانيل

ويعد وقف تدفق الفنتانيل إلى الولايات المتحدة أولوية لإدارة بايدن، إذ أدت المواد الأفيونية لموجة من الوفيات في جميع أنحاء أميركا.

ويرى المسؤولون الأميركيون أن الصين تلعب دوراً حاسماً في هذا الجهد. وتنتج الشركات الصينية مواد كيميائية تسمى "السلائف" يتم شحنها إلى مناطق إنتاج المخدرات في المكسيك، حيث ينتج الفنتانيل ويتم تهريبه إلى الولايات المتحدة.

وبالنظر إلى المخاطر، تحاول الولايات المتحدة معرفة كيفية تحقيق التعاون مع الصين، وأصبح معهد الطب الشرعي الصيني عقبة في هذه الجهود، وفقاً للصحيفة.

وقالت مصادر مطلعة إنه كان من المفترض أن تكون مجموعة العمل جزءاً من نهج مرحلي لكسر الجمود.

تردد صيني

ضمن هذه الجهود، قالت مصادر إنه من المتوقع أن تضع الصين خططها للعمل مع الولايات المتحدة في مكافحة المخدرات، في حين ستعيد واشنطن النظر في قيودها على المعهد.

وقال مصدر مطلع إن المسؤولين الصينيين "لم يوافقوا على أي شيء بعد، ونحن متوقفون قليلاً انتظاراً إلى أين سنذهب".

ورفض البيت الأبيض ووزارة الخارجية التعليق على المداولات الداخلية، وقال متحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية إن بلينكن لم يعرض أبداً أثناء وجوده في بكين رفع العقوبات عن معهد الشرطة الصيني.

وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية، ماثيو ميلر: "لم يعرض أي عضو في الوفد الأميركي رفع أي عقوبات على كيانات جمهورية الصين الشعبية كما لم يقل إننا سننظر في القيام بذلك".

وأضاف: "ناقش الوزير (بلينكن) مجموعة عمل بشأن الفنتانيل من شأنها أن تسمح لكل جانب بإثارة ومناقشة مخاوفه، وما زلنا ندعو بكين إلى وقف تدفق المواد الكيميائية لسلائف الفنتانيل من الصين إلى الكارتلات (المكسيكية)".

فيما نقلت الصحيفة عن مصدر قوله إن بلينكن أثار قضية الفنتانيل بشكل صريح مع وزير الخارجية الصيني تشين جانج في بكين، خلال الزيارة التي التقى فيها أيضاً بأكبر مسؤول في السياسة الخارجية الصينية، وانج يي. وبعد الاجتماعات، قال بلينكن إنه أحرز تقدماً.

وقال للصحافيين: "اتفقنا على استكشاف تشكيل مجموعة عمل أو جهد مشترك حتى نتمكن من وقف تدفق السلائف الكيميائية".

مجالات محتملة للتعاون

ووسط التوترات واسعة النطاق والمثيرة للانقسام في العلاقات بين الولايات المتحدة والصين، يعد "الفنتانيل" وتغير المناخ، من القضايا التي حددتها إدارة بايدن كمجال محتمل للتعاون مع بكين.  

ويظهر عدم القدرة على المضي قدماً في مجال مكافحة المخدرات مستوى انعدام الثقة بين القوتين، على الرغم من زيارة بلينكن للصين والعديد من الاجتماعات رفيعة المستوى الأخرى التي تهدف إلى تحسين العلاقات، وفقاً لـ"وول ستريت جورنال".

وأصبح وصول معهد علوم الطب الشرعي، التابع لوزارة الأمن العام الصينية، إلى التكنولوجيا الأميركية محدوداً للغاية منذ ثلاث سنوات، بسبب اعتبار إدارة الرئيس السابق دونالد ترمب أن للمعهد دوراً في حملة المراقبة الجماعية وانتهاكات حقوق الإنسان على نطاق واسع ضد أقلية "الأويجور"، وغيرهم من الأقليات في منطقة شينجيانج في أقصى غرب الصين.  

وتنفي الصين مزاعم الانتهاكات في شينجيانج، وقالت للولايات المتحدة إن العقوبات تقوض أيضاً قدرتها على الوصول إلى المعدات الأميركية لأعمال مكافحة المخدرات.

ولم تعلق وزارة الخارجية الصينية مباشرة على المناقشات الأخيرة مع الولايات المتحدة، لكنها كررت دعواتها لواشنطن لرفع العقوبات.

وذكرت وزارة الخارجية: "إذا كانت الولايات المتحدة تريد حقاً حل مشكلة المخدرات المحلية، فعليها احترام الحقائق، وسحب العقوبات، والتوقف عن التشهير و(التعامل معنا) ككبش فداء".

وقال شخص آخر مطلع على المناقشات إن الولايات المتحدة تبحث عن علامات على أن بكين ستتخذ موقفاً أكثر تشدداً بشأن الشركات المشتبه في تورطها في تجارة الفنتانيل خلال الأشهر القليلة المقبلة، مثل احتمال اتخاذ إجراءات صارمة ضد بائعي السلائف عبر الإنترنت.

شروط صينية

وقالت مصادر مطلعة إن المسؤولين الصينيين كانوا حازمين مع الولايات المتحدة لعدة أشهر، بأن رفع معهد الطب الشرعي من القائمة السوداء للتصدير شرط مسبق لاستئناف العمل المشترك لمكافحة المخدرات.  

وجمَّدت الصين التعاون في مكافحة المخدرات مع الولايات المتحدة منذ ما يقرب من عام، احتجاجاً على زيارة رئيسة مجلس النواب آنذاك نانسي بيلوسي إلى تايوان، والتي اعتبرتها الصين استفزازاً.

وكانت المداولات داخل إدارة بايدن جارية منذ أواخر العام الماضي على الأقل، إذ تسعى إلى إظهار تقدم في مكافحة آفة المواد الأفيونية، وفقاً لأحد المصادر ووثيقة اطلعت عليها صحيفة "وول ستريت جورنال". ويمثل ذلك محاولة مهمة، لبدء التعاون مع الصين.

وتؤكد الصين أن الولايات المتحدة تسعى إلى إبعاد اللوم عن نفسها في الأزمة، وأن واشنطن لم تفعل ما يكفي للسيطرة على الأدوية الموصوفة، وكبح الطلب المحلي على العقاقير غير القانونية وزيادة الوعي العام بهذه القضية.  

ولقي أكثر من 100 ألف شخص حتفهم بسبب جرعات زائدة من المخدرات في الولايات المتحدة في عام 2022، وفقاً لتقدير فيدرالي صدر في مايو، وهو ما يتماشى تقريباً مع مستويات عام 2021، ولكنه أعلى بكثير من تلك التي كانت قبل بضع سنوات فقط.

تنازل أميركي

وحذَّر مطلعون على المناقشات الحساسة بين البلدين، من أنه من غير المرجح أن تزيل الولايات المتحدة معهد الطب الشرعي الصيني من القائمة السوداء للتصدير قريباً، وأن الكثير سيعتمد على الخطوات التي تتخذها بكين بعد ذلك، والمزيد من المحادثات من كلا الجانبين.

مع ذلك، فإن نظر إدارة بايدن في هذه القضية يمثل تنازلاً أميركياً محتملاً للصين، في محاولة لإحراز تقدم في إحدى الأولويات المحلية للرئيس.  

وتقول الصحيفة إن أي تحرك لرفع قيود التصدير المفروضة على جهة حكومية صينية، يعتقد أنها شاركت في انتهاكات حقوق الإنسان واسعة النطاق المشتبه بها في شينجيانج؛ يخاطر برد فعل عنيف في واشنطن.

وتتعرض إدارة بايدن لضغوط من الكونجرس للتعامل مع أزمة الفنتانيل، إذ يحث بعض المشرعين على قيام الجيش الأميركي بدور للقضاء على الكارتلات.

تأثير العقوبات

ويقول مسؤولون صينيون إنَّ إدراج المعهد على القائمة السوداء كان له تأثير على قدرة الصين على مكافحة تهريب المخدرات.

وأخبرت الصين الولايات المتحدة أن العقوبات تعيقها عن استيراد المعدات من الشركات الأميركية، وفقاً لأحد المصادر.

وقبل زيارة بيلوسي إلى تايوان، حققت الولايات المتحدة بعض النجاح في جعل الصين تعمل معها في مكافحة المخدرات. وفي عام 2019، أعلنت بكين أنها تسيطر بشكل صارم على فئة كاملة من الأدوية المرتبطة بالفنتانيل، استجابة لضغوط إدارة ترمب.

وكثيراً ما تستشهد الصين بهذا الإجراء كإظهار لحسن النية تجاه الولايات المتحدة. ومنذ ذلك الحين، كثفت واشنطن الضغط على بكين بشأن مجموعة من القضايا، مما أدى إلى زيادة التوتر بين البلدين.

وإحدى القضايا التي لا تزال يمكن أن تعرقل الجهود المبذولة لإحياء التعاون في مكافحة المخدرات، هي تكثيف الجهود القانونية الأميركية ضد المواطنين الصينيين الذين يزعم المدعون أنهم متورطون في تجارة سلائف الفنتانيل.  

وفي الشهر الماضي قالت وزارة العدل الأميركية إن مواطنين صينيين طردا من فيجي، واعتقلتهما إدارة مكافحة المخدرات للاشتباه في دورهما في إحدى عمليات السلائف هذه.

وانتقدت بكين بشدة هذه الخطوة. ووصف متحدث باسم وزارة الخارجية الصينية ذلك بأنه شكل من أشكال الاحتجاز التعسفي من قبل الولايات المتحدة، وقدم شكوى دبلوماسية رسمية إلى واشنطن.

اقرأ أيضاً:

تصنيفات