بينما تتواصل الضربات الجوية الإسرائيلية على غزة قبل هجوم بري متوقع، يزداد يأس سكان القطاع على مدار الساعة مع نفاد المياه، وتراكم القمامة، وتسوية منازلهم بالأرض، والصعوبات التي تواجهها المستشفيات في التعامل مع الوضع الصحي المتدهور.
وفي محاولة يائسة للحصول على مياه للشرب، بدأ البعض في حفر آبار في مناطق متاخمة للبحر، أو اعتمدوا على مياه الصنبور المالحة من الخزان الجوفي الوحيد في غزة والملوث بمياه الصرف الصحي ومياه البحر.
وتطوع اثنان من سكان خان يونس بجنوب قطاع غزة لتعبئة قوارير بلاستيكية بالمياه لتوزيعها على العائلات النازحة.
وصلّى بعض السكان من أجل إنهاء حرب إسرائيل على قطاع غزة، والتي أثارت مخاوف من صراع أوسع نطاقاً في الشرق الأوسط.
وقالوا إن الضربات الجوية الليلة الماضية كانت الأعنف خلال الصراع المستعر منذ 10 أيام. وسُويت العديد من المنازل بالأرض. وقالت سلطات غزة إن 2750 شخصاً على الأقل معظمهم من المدنيين وبينهم أكثر من 700 طفل لقوا حتفهم، وأُصيب نحو 10 آلاف آخرين. وهناك ألف شخص في عداد المفقودين الذين يُعتقد أنهم تحت الأنقاض.
وتفرض إسرائيل حصاراً تاماً، بينما تستعد لهجوم بري في غزة، وتحشد القوات والدبابات على الحدود.
وتعهدت إسرائيل بسحق حركة "حماس" التي تدير القطاع، رداً على الهجوم الذي شنه مقاتلوها في بلدات إسرائيلية في 7 أكتوبر، وقتلوا فيه 1300 شخص واحتجزوا رهائن. وقال الجيش الإسرائيلي، إن 291 جندياً على الأقل لقوا حتفهم.
وتواصل "حماس" إطلاق الصواريخ على إسرائيل منذ هجومها عبر الحدود. وأعلن الجيش الإسرائيلي أن صفارات الإنذار انطلقت، الاثنين، في عدة بلدات جنوبي إسرائيل.
وتُبذل جهود دبلوماسية في مسعى لإدخال مساعدات إلى القطاع عبر مصر.
وقال فيليب لازاريني المفوض العام لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى "الأونروا"، إن "المياه والكهرباء ينفدان من غزة. في الواقع، غزة تُخنق ويبدو أن العالم الآن فقد إنسانيته".
من جانبها، أكدت "حماس" الاثنين، أن إسرائيل لم تستأنف ضخ المياه إلى غزة رغم تعهدها بذلك، في حين أشار مسؤول إسرائيلي إلى أنه تم توفير بعض المياه لمنطقة في جنوب القطاع.
ووسط دعوات دولية لوقف إطلاق النار للسماح بدخول المساعدات، قال وزير الطاقة الإسرائيلي يسرائيل كاتس، إنه لن يكون هناك تعليق للحصار دون إطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين. وقال الجيش الإسرائيلي في وقت سابق، الاثنين، إنه تأكد احتجاز 199 شخصاً رهائن في غزة، في حين أعلنت حركة "حماس" لاحقاً، احتجاز 250 أسيراً على الأقل.
مخاوف من أزمة صحية
غزة واحدة من أكثر الأماكن ازدحاماً على وجه الأرض، وفي الوقت الراهن ليس لها مخرج. وتقاوم مصر، التي لها أيضاً حدود مع القطاع، حتى الآن دعوات لفتحها أمام السكان الفارين، وتطالب إسرائيل بالسماح بإدخال المساعدات الإنسانية الضرورية والتوقف عن تصعيد الصراع.
وقال محمد صقر: "لا توجد مياه، نظراً للعدد الكبير من الناس داخل المخيم، ولذلك فكرت بالتطوع، وقمت بتأمين عربة بـ3 عجلات أنقل بها الماء من مناطق بعيدة خطرة لتوزيعها على الناس".
وأضاف: "الآن نملأ مياهاً مالحة، وأنا مستعد للشرب منها، ما الذي يمكننا أن نفعله".
وحتى قبل اندلاع الصراع الأخير، وقطع إسرائيل إمدادات الكهرباء والمياه العذبة عن غزة، كان نحو 90% من المياه غير صالح للشرب، بحسب سلطة المياه الفلسطينية.
فخزان المياه الجوفية الوحيد في القطاع ملوث بمياه الصرف الصحي ومواد كيميائية ومياه البحر، كما أن مرافق تحلية المياه في الأحياء وصنابيرها العامة هي المنقذ لحياة بعض سكان غزة البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة.
وحتى نسبة 10% من مياه الخزان الجوفي التي تعتبر صالحة للشرب، غالباً ما يتم خلطها بمياه ذات نوعية رديئة أثناء التوزيع، ما يجعلها صالحة للاستعمالات الأخرى فقط.
واختارت العديد من الأسر التي تعيش في غزة، حفر آبار خاصة بسحب المياه العميقة تحت الأرض، ويميل عدد قليل، ممن يستطيعون تحمل التكاليف، إلى شراء مياه معبأة في زجاجات. ويشتري آخرون ماءً معالجاً بسعر أرخص من شاحنات المياه التي تجوب الشوارع.
كما تتراكم القمامة في الشوارع، وداخل مراكز إيواء النازحين، ما يثير مخاوف من حدوث أزمة صحية.
وقال محمد هدهود، عامل نظافة من خان يونس، "إذا استمر تراكم القمامة، فسوف تسبب أمراضاً وأوبئة".
ويهرع الأطباء لمساعدة عدد متزايد من المرضى، بما في ذلك الأطفال الذين أصيبوا في الغارات الجوية، في مستشفيات مكتظة تعاني من نقص الأدوية والوقود بسبب الحصار. ويقول الأطباء إن الحالات الأكثر خطورة فقط هي التي تخضع لعملية جراحية لعدم وجود موارد كافية.