وافق مجلس النواب الروسي (الدوما)، الثلاثاء، في قراءة أولى على إلغاء مصادقته على معاهدة الحظر الشامل للتجارب النووية، وسط بلوغ التوتر مع الغرب ذروته منذ أزمة الصواريخ الكوبية عام 1962.
وصوت المجلس في قراءة أولى من أصل 3 مقررة لهذه الخطوة من أجل التصديق على الانسحاب من المعاهدة، بإجماع 412 صوتاً، مع عدم امتناع أي عضو عن التصويت.
وقال رئيس المجلس فياتشيسلاف فولودين إن روسيا ألغت التصديق بسبب ما وصفه بـ"الموقف غير المسؤول للولايات المتحدة تجاه الأمن العالمي".
ما هي معاهدة حظر التجارب النووية؟
تمنع معاهدة الحظر الشامل للتجارب النووية التي أُبرمت في عام 1996، جميع تفجيرات التجارب النووية، سواء كانت لغرض عسكري أو غيره، وحتى للاستخدامات السلمية.
ووقعت 187 دولة على المعاهدة، وصادقت عليها 178 دولة في برلماناتها، ومن الدول التسع التي تمتلك أسلحة نووية وقعت وصدقت بريطانيا، وفرنسا، وروسيا على المعاهدة. كما وقعت الولايات المتحدة، وإسرائيل، والصين، على المعاهدة دون التصديق عليها، فيما لم توقع الهند، وباكستان، وكوريا الشمالية أو تصدق على المعاهدة بعد.
ما الهدف من معاهدة حظر التجارب النووية؟
يتألف نظام المعاهدة من نظام رصد دولي، وهو شبكة من مرافق الرصد المختلفة في أنحاء العالم، إذ تستطيع هذه المرافق رصد أصوات التفجيرات النووية، أو الأنشطة الزلزالية المصاحبة لها، أو حتى آثارها الإشعاعية.
ومن المقرر أن تتكون الشبكة عند اكتمالها من 321 محطة رصد و16 مختبراً في 89 دولة، وتم تشغيل نحو 90% من هذه المرافق بالفعل، وترسل البيانات من محطات نظام الرصد الدولي عن طريق شبكة متتالية عالمية مغلقة تعرف بمرفق الاتصالات العالمي إلى مركز دولي بقصد تجهيزها وتحليلها، كما تتاح للدول بيانات نظام الرصد الدولي ونواتج مركز البيانات.
وتوضح صيغة المعاهدة أن الهدف منها يتمثل في تقليص الأسلحة النووية والتخلص منها في نهاية المطاف، إضافة إلى حظر التجارب بتقييد تطوير الأسلحة النووية، وإدخال تحسينات نوعية عليها، ووقف تطوير أنواع جديدة متقدمة من الأسلحة النووية، يشكل تدبيراً فعالاً لنزع السلاح النووي وعدم الانتشار بجميع وجوهه.
الوضع القانوني لمعاهدة حظر التجارب النووية
المعاهدة لم تدخل حيز التنفيذ بشكل قانوني بعد، ولن يتم ذلك إلا بعد التوقيع والتصديق عليها من قبل 44 دولة محددة، بما في ذلك الدول التسع التي تمتلك أسلحة نووية، و35 دولة أخرى تمتلك قدرات نووية ومفاعلات للبحوث.
وأرست المعاهدة قاعدة لمكافحة التجارب، ولم تجر أي دولة تفجير نووي تجريبي منذ تسعينيات القرن الماضي، باستثناء كوريا الشمالية، والتي أجرت آخر تجاربها النووية الستة عام 2017. وتفرض الأمم المتحدة عقوبات على كوريا الشمالية، بسبب برامجها النووية وبرامج الصواريخ الباليستية المحظورة.
وقالت جمعية مراقبة الأسلحة، وهي منظمة غير ربحية في الولايات المتحدة: "منذ إبرام معاهدة الحظر الشامل للتجارب النووية وفتح باب التوقيع عليها، أصبحت التجارب النووية من الأمور المحظورة".
ويرى مدير قسم الانتشار والسياسات النووية في المعهد الملكي للخدمات المتحدة في روسيا، ماثيو هاريس، أن معاهدة الحظر الشامل للتجارب النووية "فعالة للغاية، على الرغم من عدم دخولها حيز التنفيذ".
ما التغيير الذي تحدثه روسيا؟
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، قال في 5 أكتوبر الجاري، إن روسيا يجب أن تلغي تصديقها على معاهدة الحظر الشامل للتجارب النووية لتتصرف بنفس طريقة الولايات المتحدة في المعاهدة.
وبدأت، الاثنين، مهلة مدتها 10 أيام للمشرعين الروس، لدراسة أفضل السبل لإلغاء تصديق موسكو على المعاهدة.
ونقلت وكالات أنباء روسية عن نائب وزير الخارجية الروسي، سيرجي ريابكوف، قوله إن روسيا "تشعر بأنه ليس أمامها خيار سوى أن تُجاري موقف واشنطن بخصوص التجارب النووية".
ونُقل عن ريابكوف قوله إن الخارجية الروسية، تعد مشروع قانون لإلغاء التصديق على المعاهدة، موضحاً أن موسكو "ستُبقي على التفاعل مع المنظمة التي تُشرف على حظر التجارب النووية بعد إلغاء التصديق عليها".
وتحرك مجلس الدوما الروسي (البرلمان)، لتحويل ذلك إلى واقع، ووضع مشروع قانون من المقرر أن يصوت عليه النواب، هذا الأسبوع.
تأتي هذه الخطوة ضمن مجموعة من الإجراءات والتصريحات الروسية التي أدت إلى زيادة التوتر النووي مع الغرب منذ بداية الغزو الروسي لأوكرانيا.
كما تأتي، بعدما علقت روسيا مشاركتها في معاهدة "نيو ستارت"، آخر المعاهدات الخاصة بالأسلحة النووية مع الولايات المتحدة، وتحد هذه المعاهدة من عدد الأسلحة النووية الاستراتيجية التي يمكن أن تمتلكها كل دولة.
وأعلن بوتين، خلال العام الجاري، نشر صواريخ نووية تكتيكية في بيلاروس، حليفة روسيا المتاخمة لأوكرانيا. وفي وقت تعاني فيه القوات الروسية التقليدية في الحرب، يتحدث بوتين عن القدرات روسيا النووية لردع وترهيب خصومه في الغرب.
ماذا سيحدث بعد انسحاب روسيا؟
تقول روسيا إن إلغاء التصديق على معاهدة حظر التجارب النووية لم يكن بهدف إجراء أول تجربة نووية لها منذ عام 1990، وأنها لن تجري أي تجارب نووية، إلا إن أقدمت واشنطن على ذلك.
ومع ذلك، تمنح هذه الخطوة روسيا غطاءً قانونياً لإجراء اختبارات نووية، إن أرادت ذلك، وأشار بعض المحللين الأمنيين إلى زيادة احتمالات أن تجري روسيا اختباراً نووياً. وربما يحتفظ بوتين بالتجارب النووية كخيار لاستخدامه في حالة تدهور حظوظ روسيا في أوكرانيا.