اضطراب ما بعد الصدمة.. الأسباب والأعراض والعلاج

time reading iconدقائق القراءة - 9
طبيب نفسي يتحدث مع مريضة تعاني من صدمة بعد شهرين من زلزال ضرب مدينة أنطاكية جنوب شرق تركيا. 6 أبريل 2023 - AFP
طبيب نفسي يتحدث مع مريضة تعاني من صدمة بعد شهرين من زلزال ضرب مدينة أنطاكية جنوب شرق تركيا. 6 أبريل 2023 - AFP
بالتعاون مع مايو كلينك -الشرق

اضطراب ما بعد الصدمة (PTSD)، هو حالة صحية عقلية يستثيرها حدث مخيف، قد يحدث للمريض، أو قد يشهده. قد تتضمن الأعراض استرجاع الأحداث، والكوابيس والقلق الشديد، بالإضافة للأفكار التي لا يمكن السيطرة عليها بخصوص الحدث.

أغلب من يمرون بأحداث مؤلمة قد يصابون بصعوبة مؤقتة في التأقلم والتكيّف، ولكن بمرور الوقت والعناية الجيدة بالنفس، فعادةً ما يتحسنون. إن تفاقمت الأعراض، أو استمرت لشهور أو حتى لسنوات، وإن أعاقت الحياة اليومية، فقد يكون الشخص مصاباً باضطراب الكرب التالي للرضح (PTSD).

تلقّي العلاج الفعال بعد تطوّر أعراض اضطراب ما بعد الصدمة (PTSD)، يمكن أن يكون حاسماً للحد من الأعراض ولتحسين الوظيفة.

الأعراض

قد يبدأ ظهور أعراض اضطراب ما بعد الصدمة خلال شهر واحد من وقوع الحدث الذي سبب صدمة نفسية، لكن أحياناً قد لا تظهر الأعراض إلا بعد أعوام من وقوع الحدث. وتسبب هذه الأعراض مشكلات كبيرة في المواقف الاجتماعية أو مواقف العمل وفي العلاقات. ويمكن أن تتعارض أيضاً مع القدرة على أداء المهام اليومية العادية.

تندرج أعراض اضطراب ما بعد الصدمة عموماً تحت أربعة أنواع: الذكريات المُلحّة، والتجنُّب، والتغيرات السلبية في التفكير والمزاج، والتغيرات في ردود الفعل الجسدية والعاطفية. وتختلف الأعراض بمرور الوقت أو من شخص إلى آخر.

الذكريات المُلحّة

قد تشمل أعراض الذكريات المُلحّة ما يأتي:

  • ذكريات محزنة متكررة غير مرغوب فيها للحدث المؤلم نفسياً
  • استرجاع تفاصيل الحدث المؤلم نفسياً كأنه يحدث مرة أخرى
  • أحلام أو كوابيس مزعجة عن الحدث المؤلم نفسياً
  • توتر انفعالي حاد أو ردود فعل جسدية تجاه أمر ما يذكر بالحدث المؤلم نفسياً

التجنُّب

قد تشمل أعراض التجنُّب ما يأتي:

  • محاولة تجنُّب التفكير في الحدث المؤلم نفسياً أو التحدث عنه
  • تجنُّب الأماكن أو الأنشطة أو الأشخاص الذين يذكرون بالحدث المؤلم نفسياً

التغيرات السلبية في التفكير والمزاج

قد تشمل أعراض التغيرات السلبية في التفكير والمزاج ما يأتي:

  • أفكار سلبية عن النفس أو عن الآخرين أو العالم
  • اليأس بشأن المستقبل
  • مشكلات في الذاكرة، بما في ذلك عدم تذكر جوانب مهمة من الحدث المؤلم نفسياً
  • صعوبة الحفاظ على العلاقات الوثيقة
  • الشعور بالانفصال عن العائلة والأصدقاء
  • فقدان الشغف بالأنشطة التي طالما كان الشخص يستمتع بها
  • صعوبة الإحساس بمشاعر إيجابية
  • الشعور بالتبلد العاطفي

التغيرات في ردود الفعل الجسدية والعاطفية

قد تشمل أعراض التغيرات في ردود الفعل الجسدية والعاطفية (تُسمى أيضاً أعراض الاستثارة) ما يأتي:

  • الإجفال أو الشعور بالخوف بسهولة
  • الحذر الدائم من وجود خطر
  • سلوك مدمِّر للذات، مثل الإفراط في تناوُل الكحول أو القيادة بسرعة كبيرة
  • صعوبة النوم
  • صعوبة التركيز
  • سهولة الاستثارة ونوبات غضب وسلوك عدواني
  • شعور بالذنب أو الإحراج صعب التحمّل
  • بالنسبة للأطفال بعمر 6 سنوات فأقل، قد تشمل المؤشرات والأعراض أيضاً ما يأتي:
  • إعادة تمثيل الحدث المؤلم نفسياً أو جوانب منه من خلال اللعب
  • أحلام مخيفة قد تشمل جوانب من الحدث المؤلم نفسياً أو لا

الأسباب

يمكن أن يصاب الشخص باضطراب الكرب التالي للرضح عند المرور بحدث، أو رؤيته أو العلم به، يكون منطوياً على تهديد بالموت، أو موت فعلي، أو إصابة خطيرة، أو انتهاك جنسي.

لا يعلم الأطباء على وجه الدقة سبب إصابة بعض الأشخاص باضطراب ما بعد الصدمة (PTSD). وكما هو الحال مع معظم مشكلات الصحة العقلية، فمن المحتمل أن تحدث الإصابة باضطراب الكرب التالي للرضح بسبب مزيج من:

  • التجارب المجهدة، بما في ذلك مقدار الرضح الذي أُصيب به في حياته وشدته
  • مخاطر الصحة النفسية الموروثة، كوجود تاريخ عائلي للقلق والاكتئاب
  • الخصائص الموروثة للشخصية، تسمى أحياناً الحالة المزاجية
  • الطريقة التي ينظم بها الدماغ المواد الكيميائية والهرمونات التي يفرزها الجسم في استجابته للإجهاد

الوقاية

بعد النجاة من أحداث مؤلمة وصادمة، يحدث لمعظم الأشخاص في البداية أعراض تشبه اضطراب ما بعد الصدمة، مثل عدم القدرة على التوقف عن التفكير فيما حدث. الخوف، والقلق، والغضب، والاكتئاب، والشعور بالذنب؛ جميعها ردود أفعال شائعة عن الصدمة. ومع ذلك، لم يصب أغلبية الأشخاص الذين تعرضوا لصدمة باضطراب الكرب التالي للرضح لمدى طويل.

قد يمنع الدعم والمساعدة في الوقت المناسب من زيادة سوء ردود الأفعال الطبيعية الناتجة عن الضغط النفسي، وعدم تطورها إلى اضطراب ما بعد الصدمة. وقد يعني هذا طلب الدعم من الأسرة والأصدقاء الذين سيستمعون للشخص، ويوفرون له الراحة. وقد يعني البحث عن أخصائي صحة نفسية لدورة علاج قصيرة. وقد يجد بعض الأشخاص طلب الدعم من مجتمع عقيدتهم مفيداً أيضاً.

قد يساعد الدعم من الآخرين في الوقاية من اللجوء إلى طرق تأقلم غير صحية، مثل إدمان المواد الكحولية أو المخدرة.

المعالجة

سيساعد تلقي علاج اضطراب ما بعد الصدمة من استعادة السيطرة على شؤون الحياة. يشكل العلاج النفسي الطريقة الأساسية للعلاج، ويمكن أن يتضمن ذلك العلاج الدوائي أيضاً. سيعمل الجمع بين طريقتي العلاج على تحسن الأعراض، وذلك من خلال:

  • تعلم المريض مهارات التعامل مع الأعراض التي يعانيها
  • المساعدة في إعادة النظر إلى النفس، وإلى الآخرين والعالم من حوله بصورة أفضل
  • الاطلاع على الطرق المختلفة التي يتمكن بها من التكيف في حال ظهور الأعراض مرة أخرى
  • علاج المشكلات الأخرى المرتبطة بالحوادث الرضحية، مثل الاكتئاب، والقلق، وإساءة استخدام الكحول والعقاقير

لا ينبغي على المريض محاولة التغلب بمفرده على ما يعانيه من اضطراب الكرب التالي للرضح.

العلاج النفسي

يمكن استخدام عدة أنواع من العلاج النفسي، يُسمى أيضاً العلاج بالحديث، لعلاج الأطفال والبالغين المصابين باضطراب الكرب التالي للرضح. تشمل بعض أنواع العلاج النفسي المستخدمة في علاج اضطراب الكرب التالي للرضح:

  • العلاج المعرفي. يساعد هذا النوع من العلاج بالحديث على التعرف على طرق التفكير (الأنماط المعرفية) التي تحافظ على التفاعل، مثل المعتقدات السلبية عن النفس وخطر الأشياء الرضحية التي تحدث مرة أخرى. غالباً ما يُستخدم العلاج المعرفي مع اضطراب ما بعد الصدمة إلى جانب العلاج بالتعرض.
  • العلاج بالتعرض. يساعد هذا العلاج السلوكي على أن يواجه المريض بشكل آمن كلاً من المواقف والذكريات التي يجدها مخيفة لكي يستطيع أن يتعلم التكيف معها بفعالية. يمكن أن يحقق العلاج بالتعرض فائدة خاصة في حالات الذكريات والكوابيس. يستخدم أحد الأساليب برامج الواقع الافتراضي التي تسمح بدخول المكان الذي تعرض فيه للرضح مرة أخرى.
  • إزالة التحسس وإعادة المعالجة لحركة العينين (EMDR). يجمع EMDR بين العلاج بالتعرض وسلسلة من حركات العينين الموجهة التي تساعد على معالجة الذكريات الصادمة وتغيير طريقة التفاعل معها.

يستطيع المعالج أن يساعد في تطوير مهارات إدارة الضغط النفسي للمساعدة على التعامل بشكل أفضل مع المواقف الضاغطة نفسياً والتكيف مع الضغط النفسي في الحياة.

تستطيع كل هذه الأساليب أن تساعد على التحكم في الخوف المستمر بعد حدث رضحي. يمكن مناقشة أخصائي الصحة النفسية في نوع العلاج أو مجموعات العلاجات التي قد تحقق الاحتياجات بالشكل الأمثل.

تجربة العلاج الفردي أو العلاج الجماعي أو كليهما. يمكن أن يقدم العلاج الجماعي طريقة للتواصل مع الآخرين ممن يمرون بالخبرات ذاتها.

الأدوية

قد تُساعد أنواع متعدِّدة من الأدوية في تحسين أعراض اضطراب ما بعد الصدمة (PTSD).

  • مُضادَّات الاكتئاب. تُساعِد هذه الأدوية في أعراض الاكتئاب والقلق. وقد تُساعِد أيضاً في تحسين مشكلات النوم والتركيز. أدوية مثبِّطات استرداد السيروتونين الانتقائية (SSRI) مثل سيرترالين (زولوفت) وباروكستين (باكسيل) مُوافَق عليها من إدارة الغذاء والدواء الأميركية (FDA) لعلاج اضطراب ما بعد الصدمة (PTSD).
  • الأدوية المضادَّة للقلق. هذه الأدوية قد تُخفِّف القلق الشديد والمشكلات ذات الصلة. بعض الأدوية المضادة للقلق قد يَتِمُّ إدمانها؛ لذلك يتم استخدامها عادة لفترة قصيرة فقط.
  • برازوسين. في حين أن العديد من الدراسات أشارت إلى أن البرازوسين (مينيبريس) قد يُقلِّل أو يمنع الكوابيس في بعض الأشخاص الذين يُعانون اضطراب ما بعد الصدمة (PTSD)، أوضحت دراسة حديثة أنه لم يبدِ أي جدوى مقارَنة بالعلاج الوهمي. ولكن هناك اختلافاً في المشاركين في الدراسة الحديثة عن الآخرين بطرق قد تُؤثِّر بشدة على النتائج. الأشخاص الذين يأخذون في الاعتبار تناوُل برازوسين يجب عليهم التحدُّث مع الطبيب؛ لتحديد إذا ما كانت حالتهم قد تستوجب تجربة هذا الدواء.

يُمكِن أن يعمل المريض والطبيب معاً لتحديد أفضل علاج، بأقلِّ آثار جانبية، لأعراضه وحالته. قد يَشعُر بتحسُّن في المِزاج والأعراض الأخرى خلال أسابيع قليلة.

إخبِار الطبيب عَنِ الآثار الجانبية أو مشكلات الأدوية. قد يحتاج المريض إلى تجربةِ أكثرَ من دواء أو توليفة من الأدوية، أو قد يحتاج الطبيب إلى ضبط جرعة أو مواعيد العلاج قبل إيجاد ما يناسبه.

هذا المحتوى من مايو كلينك*

تصنيفات

قصص قد تهمك