دقّت دراسة نشرتها دورية "Current Biology" ناقوس الخطر، بشأن توسّع وانتشار قشور نوع فرعي من الطحالب الحمراء يُطلق عليه اسم "البيسونيليويدات"، عبر الشعاب المرجانية في جميع أنحاء العالم، مما يؤدي إلى نفوق الشعاب المرجانية، ويُسبب تحولاً في جميع النظم البيئية المتصلة بالشعاب.
وعلى مدى العقود القليلة الماضية، أخرجت الطحالب الشعاب المرجانية ببطء من الشعاب المرجانية الأصلية في جميع أنحاء العالم عن طريق حجب ضوء الشمس، وإرهاق الشعاب المرجانية، وإنتاج مواد كيميائية ضارة، لكن في السنوات الأخيرة، ظهر نوع جديد من تهديد الطحالب في المناطق الاستوائية مثل منطقة البحر الكاريبي، وهو نوع ينتشر بسرعة، ويُشكل قشرة فوق المرجان والإسفنج، مما يخنق الكائنات الحية تحتها، ويمنعها من النمو مرة أخرى.
وتوجد هذه الطحالب عادةً في البيئات البحرية، وتشتهر بشكل نموها القشري، إذ تنمو كطبقة رقيقة ومتكلسة غالباً على الصخور والأصداف والشعاب المرجانية والركائز الأخرى في المياه الساحلية الضحلة.
"تهديد مثير للقلق"
وتُعد الشعاب المرجانية أنظمة بيئية معقدة ومتنوعة بيولوجياً، توفر خدمات أساسية لكل من الكائنات البحرية والبشر، وتدعم مجموعة واسعة من الأنواع البحرية، وتحمي السواحل من التآكل، وتولد قيمة اقتصادية من خلال السياحة ومصايد الأسماك.
وتعرضت هذه النظم البيئية لهجوم وضغوط مختلفة، وكان تغير المناخ وابيضاض المرجان في مقدمتها.
وتقول الدراسة إن هجوم الطحالب الحمراء يُشكل تهديداً جديداً ومثيراً للقلق للشعاب المرجانية، فعلى عكس الطحالب التقليدية، التي تتنافس مع الشعاب المرجانية للحصول على ضوء الشمس، يُظهر ذلك النوع من الطحالب طريقة عمل مختلفة، إذ تُشكل هذه الطحالب قشرة سميكة على سطح المرجان والإسفنج، مما يمنع الضوء من الوصول إلى الكائنات الحية الموجودة أسفلها، ويعوق نموها جسدياً.
كما وجد الباحثون أن قدرة تلك الطحالب على الانتشار ينذر بالخطر، فنظراً لأنها تُغطي المستعمرات المرجانية، فإنها لا تحجب ضوء الشمس الضروري لعملية التمثيل الضوئي للشعاب المرجانية فحسب، بل إنها تؤدي أيضاً إلى تآكل الهياكل المرجانية. ويمكن أن يؤدي هذا الهجوم ذو الحدين إلى موت الشعاب المرجانية والإسفنج، ويمكن أن يحول النظم البيئية التي كانت مزدهرة ذات يوم إلى أراض قاحلة.
وبين عامي 2012 و2019، استحوذت تلك الطحالب بالفعل على جزء كبير من الشعاب المرجانية الضحلة في سانت جون الواقعة في جزر العذراء الأميركية، بنسبة تُقدر بين 47% إلى 64% من هذه النظم البيئية الحيوية.
"مقاومة الضغوطات"
الأمر الأكثر إثارة للقلق، وفقاً للدراسة التي نُشرت الاثنين، هو أن تلك الطحالب تتمتع على ما يبدو بقدرة ملحوظة على مقاومة الضغوطات البيئية، بما في ذلك تأثيرات تغير المناخ، مثل تحمض المحيطات، والأحداث الجوية القاسية مثل الأعاصير.
ويخشى الباحثون أنه إذا تركت هذه الطحالب دون رادع، فإنها ستهيمن في نهاية المطاف على الشعاب المرجانية في جميع أنحاء العالم، مما يؤدي إلى تغيير هذه النظم البيئية بشكل أساسي.
ويُحذر مؤلفو الدراسة من أن "الزيادات الأخيرة في غطاء وتوزيع الطحالب على الشعاب المرجانية الاستوائية تُثبت قدرتها على تسريع إعادة هيكلة الموائل الاستوائية".
ولمكافحة هذا التهديد المتزايد وحماية مستقبل الشعاب المرجانية، يُعد الاكتشاف المبكر لتفشي تلك الطحالب أمراً بالغ الأهمية، لكن أحد الجوانب الأكثر تحدياً للتهديد الناشئ لـتلك الطحالب هو أنه قد يكون من الصعب للغاية التعرف عليها، فهناك ما يقدر بـ 48 نوعاً مختلفاً منها، وقد يكون من الصعب تمييزها عن الأنواع غير الضارة مثل الأعشاب البحرية، لأن شكلها لا يختلف كثيراً عندما يتعلق الأمر باللون والشكل والبنية.