سعى الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب مجدداً لتحويل الأنظار عن المناظرة الجمهورية الثالثة، إذ أقام تجمعاً انتخابياَ في جنوب فلوريدا، على بعد نحو نصف ساعة بالسيارة من المكان الذي كان منافسوه على بطاقة الحزب الجمهوري للترشح للرئاسة لعام 2024، يعقدون فيه مناظرتهم الثالثة، وفق وكالة "أسوشيتد برس".
وكما فعل في المناظرتين السابقتين، اختار الملياردير الجمهوري "المصمم فعلياً على جذب كل الأنظار إليه، والتغطية على المرشحين الآخرين"، التغيّب عن هذا اللقاء الذي ينظم في ميامي بسبب تقدمه الكبير في استطلاعات الرأي لدى الجمهوريين، بحسب قوله.
وخلال التجمع، أشار ترمب إلى مناظرة الجمهوريين الثالثة على الجانب الآخر من المدينة، مدعياً أنه "لا أحد يشاهدها".
وفي وقت لاحق، قارن تجمعه الانتخابي بالمناظرة قائلاً: "أنا أقف أمام عشرات الآلاف من الناس الآن، وهذا يعرض على شاشات التلفاز. هذا أصعب كثيراً من إجراء مناظرة"، رغم أن الملعب الذي كان يتحدث فيه، يتسع لنحو 5200 شخص.
"أسوشيتد برس" لفتت إلى أن تجمع، الأربعاء، كان أيضاً فرصة لإظهار تأييد ترمب بين الناخبين اللاتينيين في ضاحية هياليه في ميامي، وهي مجتمع يسكنه عدد كبير من الأميركيين من أصل كوبي، حيث لا يزال ترمب يتمتع بشعبية كافية لدرجة أن مرشح مجلس المدينة استخدم صورته على لافتات حملة انتخابية.
وقبل بدء الفعالية، قدم ترمب حاكمة ولاية أركنساس سارة هاكابي ساندرز، المتحدثة السابقة باسم للبيت الأبيض، التي أيدته في فعالية سابقة هذا الأسبوع، وأشادت به ووصفته بأنه رئيسها السابق وصديقها ومعلمها.
وبدأ ترمب المرشح الجمهوري الأوفر حظاً، في الحديث بعد نحو 20 دقيقة من بدء المناظرة الجمهورية الثالثة، وألقى خطاباً مخصصاً للجمهور أمامه، والذي كان إلى حد كبير من الأميركيين ذوي الأصول الكوبية.
انتقادات لبايدن
وانتقد ترمب السياسة الخارجية للرئيس جو بايدن؛ لا سيما فيما يتعلق بكوبا، وقال: "لسنا من نعرض الديمقراطية الأميركية للخطر. نحن من ننقذ الديمقراطية الأميركية من هؤلاء الأشخاص السيئين".
واتهم ترمب بايدن والديمقراطيين بأنهم "يلاحقون الكاثوليك"، مضيفاً: "أي كاثوليكي أو مسيحي يصوّت لصالح ديمقراطي، لا بد لي من القول إنه أحمق"، ولم يذكر ترمب أن بايدن كاثوليكي.
وشبه الرئيس الأميركي السابق القضايا الجنائية المرفوعة ضده بـ"المحاكمات السياسية في كوبا، ودول قمعية أخرى".
وقال ترمب، الذي يدافع عن نفسه في أربع محاكمات جنائية وثلاث محاكمات مدنية على الأقل: "مثل النظام الكوبي، يحاول نظام (الرئيس جو) بايدن الزج بخصمه السياسي في السجن. لسنا نحن الذين نعرض الديمقراطية الأميركية للخطر، بل نحن من ننقذ الديمقراطية الأميركية".
واقترح ترمب مجدداً على الحزب الجمهوري إلغاء المناظرات المستقبلية، قائلاً: "حان الوقت لكي تتوقف المؤسسة الجمهورية عن إهدار الوقت والموارد"، مضيفاً أن المناظرة "لا تحظى بمشاهدة".
"استعراض عضلات" لترمب
وساعد الناخبون الكوبيون في هذه المنطقة في تحقيق انتصارات ساحقة لترمب وغيره من الجمهوريين في الانتخابات الأخيرة، ما ساعد في دفع تغيير وضع فلوريدا من ولاية متأرجحة تقليدية إلى ولاية أكثر محافظة.
مع ذلك يريد الديمقراطيون الذين يعملون من أجل إعادة انتخاب بايدن استعادة الناخبين اللاتينيين الذين ابتعدوا في انتخابات 2020، عن الحزب الديمقراطي.
وسعت الحملة الانتخابية لترمب إلى استغلال هذا الحدث لإظهار قوته قبيل عام 2024، وإيصال رسالة مفادها أن المرشحين الخمسة الذين يتناظرون في ميامي "غير ملائمين"، وفق "أسوشيتدبرس".
ونقلت الوكالة عن كريس لاسيفيتا، أحد كبار مستشاري ترمب، قوله إن الحملة ستحاول الفوز بنسبة متزايدة من أصوات ذوي الأصول اللاتينية في عام 2024. وكان أداء ترمب بين ذوي الأصول الإسبانية في عام 2020 أفضل مما كان عليه في عام 2016، حتى مع حصول بايدن على الأغلبية على مستوى البلاد.
بالنسبة لبايدن، يوضح لاسيفيتا، أن ما "كان يبرز كمشكلة" أصبح الآن "أزمة شاملة... والتي تمنح الرئيس ترمب، على ما أعتقد، فرصة لزيادة مكانته وحصته في التصويت في المجتمع الإسباني".
منافسة على أصوات اللاتينيين
وتخطط حملة ترمب لإعلانات أولية على محطات إذاعة وتلفزيون مخصصة للمشاهدين ذوي الأصول اللاتينية إلى جانب رسائل البريد الإلكتروني الموجهة.
وفي الانتخابات العامة والمنافسة المحتملة مع بايدن، يعتقد مستشارو ترمب أن رسائله بشأن الاقتصاد، والحدود بين الولايات المتحدة والمكسيك، والمسائل الثقافية سيكون لها صدى لدى اللاتينيين.
ولطالما كان ترمب يتودد إلى الجالية الكوبية، التي تميل إلى الجمهوريين أكثر من غيرهم من ذوي الأصول الإسبانية. وأظهر استطلاع لمركز "بيو" للأبحاث قبل انتخابات عام 2020، أن غالبية الناخبين الأميركيين من أصل كوبي، بنسبة 58%، جمهوريون أو ذوو ميول جمهورية.
وفي البيت الأبيض، عمل ترمب على التراجع عن سياسة الانخراط مع كوبا التي انتهجها سلفه باراك أوباما، وفرض عقوبات على حكومات اشتراكية في أميركا اللاتينية.
ومع ترشحه مرة أخرى، كثف ترمب جهوده لتصوير الديمقراطيين على أنهم "ماركسيون واشتراكيون وشيوعيون"، وهي لغة ربما يتردد صداها لدى المنفيين الكوبيين والفنزويليين، الذين فروا من الفقر والاضطهاد السياسي.
وأكثر من 95% من سكان هياليه البالغ عددهم 220 ألف نسمة يعرفون بأنهم من أصل إسباني أو لاتيني، وفقاً لأحدث أرقام التعداد السكاني، ومعظمهم كوبيون أو أميركيون كوبيون، ويتحدثون الإسبانية في المنزل.