رفضت المحكمة العليا في بريطانيا، الأربعاء، سياسة حكومة رئيس الوزراء ريشي سوناك المثيرة للجدل التي تقضي بترحيل طالبي اللجوء إلى رواندا، قائلة إنها "غير قانونية" باعتبار أن الدولة الواقعة شرق إفريقيا "ليست آمنة"، فيما عارضت كيجالي الحكم، وفق ما أوردته "بلومبرغ".
وقال رئيس المحكمة العليا القاضي روبرت ريد، إن أولئك الذين يُرسلون إلى رواندا سيكونون في خطر حقيقي عند إعادتهم إلى وطنهم، سواء كانت أسباب طلب اللجوء مبررة أم لا، لكن الحكومة البريطانية قالت إنها "تعترض على الحكم، لكون رواندا ملتزمة بالتزاماتها الدولية في مجال حقوق الإنسان"، وفق ما أوردته شبكة "سكاي نيوز".
وأشار ريد إلى أن المحكمة العليا "مطلوب منها أن تقرر ما إذا كانت هذه السياسة قانونية"، مضيفاً أنها "مسألة قانونية، وأن المحكمة غير معنية بالنقاش السياسي حول المخطط"، لافتاً إلى أن أساس القرار تم اتخاذه بناءً على أسس القانون الدولي، بما في ذلك الاتفاق الأوروبي لحقوق الإنسان، وكذلك معاهدات الأمم المتحدة المختلفة.
وقضت هيئة القضاة بالإجماع بأنه "يحق لمحكمة الاستئناف أن تستنتج أن هناك أسباباً جوهرية للاعتقاد بأن طالبي اللجوء سيكونون معرضين لخطر حقيقي لسوء المعاملة".
بدوره، رفض الناطق باسم الحكومة الرواندية اعتبار بلاده "دولة ثالثة غير آمنة للجوء" بعد المملكة المتحدة، في حين قال وزير الداخلية البريطاني جيمس كليفرلي، إن الحكومة "ستنظر في الأمر"، موضحاً أن الخيارات كافة متاحة بعد حكم المحكمة العليا.
وأضاف كليفرلي أن "شراكتنا مع رواندا، على الرغم من كونها جريئة وطموحة، إلّا أنها كذلك مجرد جزء واحد من مجموعة تدابير لوقف قوارب الهجرة. سنتعامل مع الهجرة غير الشرعية وسنواصل النظر في كل السبل الممكنة لذلك، لتعطيل نموذج أعمال العصابات الإجرامية التي تعرض حياة الأبرياء للخطر من أجل مكاسبهم المالية والأنانية".
ما هو مخطط الترحيل؟
وأبرمت بريطانيا في أبريل العام 2022، اتفاقاً بـ157 مليون دولار مع رواندا، لاستقبال طالبي لجوء ومهاجرين في المملكة المتحدة، في إطار محاولات الحكومة ضبط الهجرة غير الشرعية.
وبموجب الاتفاق تموّل المملكة المتحدة رواندا ما يصل إلى 120 مليون جنيه إسترليني (157 مليون دولار أو ما يعادل 144 مليون يورو)، ليتم "دمج (مهاجرين) في مجتمعات عبر البلاد".
وادّعى جميع رؤساء الوزراء البريطانيين المتعاقبين أن هذه السياسة "ستكون بمثابة رادع لأولئك الذين يسعون إلى عبور بحر المانش، فضلاً عن المساعدة على تفكيك عصابات تهريب البشر"، لكن القضاة قالوا إنه بموجب اتفاق الأمم المتحدة الخاص باللاجئين، يجب حماية طالبي اللجوء من الإعادة القسرية أي إعادتهم إلى بلادهم، ولن يكون هذا هو الحال في رواندا.
ضربة لـ"سوناك"
وبحسب "سكاي نيوز"، فإن القرار يمثل إحراجاً كبيراً لحكومة المحافظين ويقضي على الأمل في أن يتمكن سوناك من تنفيذ الركيزة الأساسية لإصلاحه الصارم فيما يتعلق بقضية المهاجرين.
وركزت دعوة سوناك على منع طالبي اللجوء من السفر إلى المملكة المتحدة عبر القنال الإنجليزي من فرنسا، وهي واحدة من 5 تعهدات رئيسية طلب من الناخبين أن يحكموا عليه بناءً عليها.
وأثار الاقتراح، الذي يتضمن خططاً لنقل طالبي اللجوء الذين يصلون إلى بريطانيا جواً لمسافة 6400 كيلومتر إلى رواندا، سلسلة من التحديات القانونية، إذ قال اللاجئون والجمعيات الخيرية التي اعترضت على هذه الخطط إنها "لا تتماشى مع اتفاقيات حقوق الإنسان، وأن رواندا ليست مكاناً آمناً لإرسال طالبي اللجوء".
وبعد أيام قليلة من التعديل الوزاري لكبار وزراء حكومته، والذي شهد إقالة وزيرة الداخلية سويلا برافرمان وعودة رئيس الوزراء السابق ديفيد كاميرون بشكل مفاجئ إلى السياسة، يمثل الحكم ضربة جديدة لرئيس الوزراء في وقت يسعى فيه إلى إعادة تأكيد سلطته قبل الانتخابات المتوقعة العام المقبل.
ومن المرجح أيضاً أن يؤدي الحكم إلى إثارة المحافظين، إذ كانت برافرمان التي طردت مؤخراً إحدى المؤيدين لخطة رواندا، وفي رسالة استقالتها اللاذعة، اتهمت سوناك بأنه "ضعيف، وفشل بشكل واضح ومتكرر في الوفاء بالتزاماته تجاهها، بما في ذلك ما يتعلق بالهجرة".
ورغم كل الخطابات، لا يزال طالبو اللجوء يصلون بأعداد كبيرة، إذ ارتفع عدد طالبو اللجوء في بريطانيا إلى 215.500 حتى يونيو الماضي، وفقاً للبيانات الحكومية.
وتظهر بيانات وزارة الداخلية وقوة الحدود أن أكثر من 26 ألف مهاجر عبروا القنال في قوارب صغيرة في الأشهر العشرة الأولى من العام الجاري، وهذا يمثل انخفاضاً بمقدار الثلث تقريباً عن ما يقرب من 40 ألفاً عبروا القنال في الفترة من العام الماضي.