"COP 28".. كيف يُمكن أن تساهم الطاقة النووية في مكافحة تغير المناخ؟

time reading iconدقائق القراءة - 7
أبراج التبريد للوحدة الثالثة الجديدة في محطة للطاقة النووية بمدينة Mochovce في سلوفاكيا. 12 سبتمبر 2022 - REUTERS
أبراج التبريد للوحدة الثالثة الجديدة في محطة للطاقة النووية بمدينة Mochovce في سلوفاكيا. 12 سبتمبر 2022 - REUTERS
دبي -محمد منصور

دعت أكثر من عشرين دولة بينها الإمارات والولايات المتحدة وفرنسا، في بيان مشترك خلال مؤتمر الأمم المتحدة للمناخ (COP 28) المنعقد في دبي، إلى زيادة مصادر الطاقة النووية في العالم ثلاثة أضعاف بحلول 2050 مقارنة بعام 2020، لتقليل الاعتماد على الفحم والغاز.

فهل يُمكن أن تساهم الطاقة النووية فعلًا في مكافحة التغير المناخي؟

تبدأ القصة مع اعتماد اتفاق باريس في عام 2015، حين وافقت جميع الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ تقريباً على إعداد مساهمات محددة وطنياً للتحكم في انبعاثات غازات الدفيئة، والحد من زيادة متوسط درجة حرارة السطح العالمية بحلول نهاية القرن إلى أقل من درجتين مئويتين؛ مقارنة بمستويات ما قبل الصناعة.

منذ ذلك الحين، أدى الفهم العلمي المتزايد للمخاطر الكبيرة المرتبطة بارتفاع درجة الحرارة بمقدار درجتين مئويتين، إلى جانب القلق المجتمعي المتنامي، إلى إدراك ضرورة اتخاذ إجراءات أكثر إلحاحاً وطموحاً لتجنب أسوأ آثار تغير المناخ، من خلال الحد من ارتفاع درجة الحرارة إلى 1.5 درجة مئوية.

ولتحقيق هذا الهدف، يجب أن تنخفض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون الناتجة عن توليد الكهرباء إلى ما يقرب من الصفر بحلول منتصف هذا القرن، حتى مع استمرار احتياجات الكهرباء في جميع أنحاء العالم في النمو والتوسع في الاستخدامات النهائية؛ مثل النقل والتدفئة واستخدام الطاقة الصناعية.

والطاقة النووية هي مصدر طاقة منخفض الكربون؛ وفي عام 2018، أنتجت الطاقة النووية حوالي 10% من الكهرباء في العالم.

وإلى جانب التوسع في مصادر الطاقة المتجددة وتحول الوقود من الفحم إلى الغاز، ساهم ارتفاع إنتاج الطاقة النووية في إبقاء انبعاثات ثاني أكسيد الكربون العالمية عند 33 جيجا طن في عام 2019.

ومن الواضح أن الطاقة النووية، باعتبارها مصدراً منخفض الكربون للكهرباء يمكن توزيعه، يمكن أن تلعب دوراً رئيسياً في التحول إلى مستقبل الطاقة النظيفة؛ حسب الهيئة الدولية للطاقة النووية.

ومن الممكن نشر الطاقة النووية على نطاق واسع، وفي الجدول الزمني المطلوب، وتزويد العالم بالكهرباء النظيفة والموثوقة بأسعار معقولة.

وقد خلص الخبراء إلى أنه من أجل تحقيق إزالة الكربون المطلوبة للحفاظ على متوسط الارتفاع في درجات الحرارة العالمية إلى أقل من 1.5 درجة مئوية، فإن مكافحة تغير المناخ ستكون مهمة أكبر وأصعب دون زيادة دور الطاقة النووية.

ولأن الطاقة النووية موثوقة ويمكن نشرها على نطاق واسع، فإنها يمكن أن تحل محل محطة الوقود الأحفوري مباشرة، وتجنب احتراق الوقود الأحفوري لتوليد الكهرباء.

وتقول الدراسات إن استخدام الطاقة النووية اليوم سيجنب العالم الانبعاثات التي تعادل تقريباً إزالة ثلث السيارات من الطرق في العالم.

أصبح المجتمع الحديث يعتمد أكثر فأكثر على الكهرباء، مع تزايد الطلب بشكل مطرد، إذ أصبحت وسائل النقل والتدفئة المنزلية والعمليات الصناعية مكهربة بشكل متزايد. في حين أن الكهرباء نظيفة عند نقطة الاستخدام، فإن توليدها ينتج حالياً أكثر من 40% من جميع انبعاثات الكربون المرتبطة بالطاقة.

1000 جيجاوات إضافية

ويجب أن تتماشى إزالة الكربون مع تلبية الاحتياجات من الكهرباء بطريقة موثوقة، وبأسعار معقولة لعدد متزايد من سكان العالم.

وقد أظهرت الطاقة النووية أن لديها القدرة على أن تكون حافزاً لتحقيق تحولات الطاقة المستدامة، قبل وقت طويل من تغير المناخ.

وتولد فرنسا أكثر من 70% من احتياجاتها من الكهرباء من الطاقة النووية؛ وهي أكبر حصة نووية في أي دولة على مستوى العالم، وتشكل الانبعاثات من قطاع الكهرباء لديها سدس المتوسط الأوروبي.

وفي غضون حوالي 15 عاماً، تحولت الطاقة النووية من لعب دور ثانوي في نظام الكهرباء الفرنسي إلى إنتاج غالبية احتياجاتها من الكهرباء، مما يدل على أنه يمكن توسيع الطاقة النووية بالسرعة المطلوبة لمكافحة تغير المناخ بشكل فعال.

ولتحقيق الانسجام؛ يجب نشر جميع التقنيات التي يمكن أن تساهم في حل أحد أكبر التحديات التي تواجه البشرية.

ويحدد برنامج "هارموني"، ويعني اختصاراً "رؤية الصناعة لمستقبل إمدادات الكهرباء"؛ هدفاً لبناء 1000 جيجاوات إضافية من المفاعلات النووية في جميع أنحاء العالم، بحيث توفر الطاقة النووية 25% من الكهرباء بحلول عام 2050.

ومن خلال تحقيق تلك الرؤية؛ يقول ذلك البرنامج إنه يمكننا بناء عالم جديد "عالم أنظف ومستدام حقاً، مما يمكننا من توريث كوكب أنظف لأطفالنا".

البصمة الكربونية

لكن؛ وعلى الرغم من أن المفاعلات النووية لا تنتج تلوث الهواء أو ثاني أكسيد الكربون أثناء التشغيل؛ إلا أن عمليات تعدين وتكرير خام اليورانيوم وتصنيع وقود المفاعلات كلها تتطلب كميات كبيرة من الطاقة.

كما تحتوي محطات الطاقة النووية أيضاً على كميات كبيرة من المعدن والخرسانة، والتي تتطلب تصنيعها كميات كبيرة من الطاقة. إذا تم استخدام الوقود الأحفوري للتعدين وتكرير خام اليورانيوم، أو إذا تم استخدام الوقود الأحفوري عند بناء محطة الطاقة النووية، فإن الانبعاثات الناتجة عن حرق هذا الوقود يمكن أن ترتبط بالكهرباء التي تولدها محطات الطاقة النووية.

أما أحد المخاوف البيئية الرئيسية المتعلقة بالطاقة النووية هو النفايات المشعة مثل مخلفات مصانع اليورانيوم، ووقود المفاعلات المستهلكة وغيرها من النفايات المشعة.

ويمكن أن تظل هذه المواد مشعة وخطيرة على صحة الإنسان لآلاف السنين.

ويمكن أن يتراوح النشاط الإشعاعي لهذه النفايات من مستويات أعلى قليلاً من المستويات الطبيعية، مثل مخلفات مصانع اليورانيوم، إلى النشاط الإشعاعي الأعلى بكثير لوقود المفاعلات المستخدم (المستنفد) وأجزاء المفاعلات النووية.

وعلى الرغم من أن النشاط الإشعاعي للنفايات النووية يتناقص بمرور الوقت، من خلال عملية تسمى الاضمحلال الإشعاعي؛ إلا أن خطر التلوث الإشعاعي يظل قائماً.

كما أن مجمعات وقود المفاعلات المستهلكة شديدة الإشعاع، وهو ما يجعله شديد الخطورة.

ولحل تلك المشكلة؛ يجب في البداية تخزينه في أحواض مائية مصممة خصيصاً لذلك؛ فيقوم الماء بتبريد الوقود ويعمل كدرع للإشعاع. ويمكن أيضاً تخزين مجمعات وقود المفاعلات المستهلكة في حاويات تخزين جافة مصممة خصيصاً أيضاً.

ويقوم الآن عدد متزايد من مشغلي المفاعلات بتخزين الوقود المستهلك القديم في مرافق التخزين الجاف، باستخدام حاويات خرسانية أو فولاذية خارجية خاصة مع تبريد الهواء.

ولا تمتلك معظم البلدان، ومن ضمنها الولايات المتحدة، حالياً منشأة دائمة للتخلص من النفايات النووية عالية المستوى.

تصنيفات

قصص قد تهمك