قال رئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان، الأحد، إن أي مفاوضات سلام لا تلبي رغبة الشعب السوداني لن تكون مقبولة، مشدداً على أنه "لا حلول ستفرض علينا من الخارج".
وخلال مخاطبته ضباط وجنود قيادة الفرقة الأولي مشاة بمدينة ودمدني بولاية الجزيرة وسط السودان، أكد البرهان عزم حكومة بلاده إيجاد حلول جذرية للأزمة السودانية، حيث نقل عنه إعلام مجلس السيادة القول: "ذهبنا للتفاوض بقلب مفتوح لأجل التوصل لسلام عادل وشامل ودائم".
وبينما اتهم البرهان قوات الدعم السريع بخلق حالة "استقطاب حاد لضرب الوحدة الوطنية"، أكد استمرار المعارك من أجل إلحاق الهزيمة بها. وأضاف: "نقول لمن يتسولون في عواصم العالم، ويدعون جلب الحلول بأن الحل في الداخل، وعليهم التفاوض مع الشعب السوداني الذي سيلفظ التمرد".
وجدد رئيس مجلس السيادة رغبة السودان في التعاون مع المجتمع الدولي، حيث رحب بالمبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة الجديد، قائلاً: "لا نريد مبعوثاً ينحاز لفئة أو مجموعة، وإلا سيكون مصيره مثل فولكر بيرتس، بل نريد بعثة محايدة تسهم في استقرار وأمن السودان ووحدته".
اشتباكات عنيفة
ميدانياً، أبلغ شهود عيان وكالة أنباء العالم العربي (AWP) بسماع دوي انفجارات عنيفة بمحيط القيادة العامة شرق الخرطوم، وأشاروا إلى أن الجيش قصف بالمدفعية محيط الإذاعة والتلفزيون وسط مدينة أم درمان، التي تسيطر عليها قوات الدعم السريع منذ بداية الصراع في أبريل.
وقال سكان إن قصفاً مدفعياً استهدف، صباح الأحد، منطقة الفتيحاب المجاورة لسلاح المهندسين جنوب أم درمان.
واتهمت "لجان مقاومة الفتيحاب"، الليلة الماضية، قوات الدعم السريع باستهداف الفتيحاب بقذائف المدفعية، مما أدى إلى سقوط 3 سودانيين. كما أوقع القصف عدداً من الإصابات بين المدنيين وتسبب في ضرر ببعض المنازل.
من جهة أخرى، قالت اللجنة الدولية للصليب الأحمر، السبت إنها سهّلت إطلاق سراح 64 طفلاً في مدينة الجنينة بولاية غرب دارفور بناء على طلب من قوات الدعم السريع. وأضافت: "قمنا بلم شملهم مع عائلاتهم في أرداماتا".
وتقدم اللجنة الدولية لجميع أطراف النزاع خدماتها في لعب دور الوسيط المحايد في تسهيل إطلاق سراح المحتجزين.
التركيز على الخرطوم
أفادت مصادر وشهود عيان لـ"الشرق" بأن طائرات مسيّرة ولواء مدفعية تابع للجيش السوداني قصف مجدداً مواقع لقوات "الدعم السريع" شرقي الخرطوم، مشيرين إلى ارتفاع وتيرة العمليات العسكرية واحتدام القتال بين طرفي الصراع في السودان داخل مدن العاصمة الثلاث خلال الأيام الماضية.
وعاد التركيز العسكري للعاصمة السودانية الخرطوم، بعدما سُلبت عنها الأضواء لأسابيع، تركز خلالها القتال والمناوشات في ولايات دارفور الخمس، وولايتي غرب وشمال كردفان، علاوة على شمالي ولاية النيل الأبيض وجنوب ولاية نهر النيل.
وازدادت حدة الاشتباكات النوعية بين الطرفين في الخرطوم، بعد إعلان "الدعم السريع" سيطرتها على قواعد عسكرية تابعة للجيش في نيالا بجنوب دارفور، وزالنجي (عاصمة ولاية وسط دارفور)، والجنينة في غرب دارفور، لتعقب هذا الإعلان بإرسال تعزيزات كبيرة إلى محيط مدينتي الفاشر في شمال الإقليم والضعين في شرقه.
كما تواترت الأنباء أيضاً عن سيطرة "الدعم السريع" على معظم أنحاء الجنينة، وحقل "بليلة" النفطي في غرب كردفان وسط توترات تخيم على مدينتي المجلد القريبة، والدلنج جنوبي كردفان، فيما تبقى "الأبيّض" عاصمة ولاية شمال كردفان تحت وضع أشبه بالحصار منذ أشهر.
وفي منتصف نوفمبر، تبادل كل من الجيش وقوات الدعم السريع الاتهامات بتفجير جسر "شمبات" الذي يربط بين مدينتي أم درمان والخرطوم بحري. كما جرى قصف جسر "جبل أولياء" الرابط بين الخرطوم وأم درمان.
ويحرم الجسران اللذان خرجا عن الخدمة "مؤقتاً"، وفق خبراء عسكريين، قوات الدعم السريع من تأمين انسياب الإمدادات اللوجستية والبشرية القادمة من دارفور غرباً إلى فرقها في قلب الخرطوم.
وأوضح الخبراء العسكريون أن عوامل أخرى دفعت "الدعم السريع" لتوسيع عملياتها العسكرية جنوباً، والتوغل شمال ولاية النيل الأبيض، لتأمين جسور حيوية هناك، من بينها "جبل أولياء" و"الدويم" و"ربك"، في ظل سيطرة الجيش على جسري "الحلفايا" و"السلاح الطبي".
كما أشاروا إلى أنه في حال خسرت "الدعم السريع" كل الجسور الرابطة بين غرب النيل وشرقه، ستصبح قواتها في قلب الخرطوم ممزقة الأوصال تقاتل دون سند أو إمداد يذكر.
"انسحابات تكتيكية"
ورجح الخبير العسكري والاستراتيجي السوداني اللواء متقاعد أمين إسماعيل كفة الجيش في ولاية الخرطوم "في الوقت الراهن"، مشيراً إلى أن ذلك يرجع إلى الضربات القوية التي وجهها لعناصر "الكتلة الصلبة" في الدعم السريع.
وأكد إسماعيل لـ"الشرق" أن هذه الضربات خففت الضغط على بعض معسكرات القوات المسلحة، ما مكّن من إطلاق عمليات هجومية تستهدف "تطهير بعض المواقع" و"تدمير نقاط تابعة للدعم السريع" في شوارع المدينة، وفق تعبيره.
وأضاف أن قوات الدعم السريع تسعى حالياً إلى تأمين سيطرتها على مواقعها، خاصة في محيط القيادة العامة للجيش ومطار الخرطوم والقصر الرئاسي، لتواصل التفاوض في "منبر جدة" بشكل قوي.
ويرى الخبير العسكري السوداني أن ما جرى في دارفور يمكن وصفه بـ"انسحابات تكتيكية" قام بها الجيش من بعض مواقعه لأسباب نفسية، تعود إلى أن أغلب عناصر القوات المسلحة هناك من أبناء الإقليم "ما يصعّب من مهمة القتال المتلاحم"، إضافة إلى انضمام القواعد العسكرية الصغيرة إلى رئاساتها في مدن الإقليم بغرض الحفاظ على هذه القوات مع التركيز على استخدام سلاحي الطيران والمدفعية ضد القوات المهاجمة في ظل انتشار كبير لـ"الدعم السريع" بدارفور.
واتفق إسماعيل مع التحذيرات الأممية والإقليمية من مخاطر استمرار القتال، لافتاً إلى "الدعم الإقليمي" الذي تتلقاه قوات الدعم السريع ويمكنها، على الأرجح، من البقاء مقاتلةً فترة طويلة.
لكن عمليات الجيش الحالية، والكلام للواء متقاعد أمين إسماعيل، قد تختصر الزمن اللازم لإنهاء المعارك. وأشار إلى أن من المبكر الحديث عن تحوّل الحرب في السودان إلى حرب إقليمية.
ووصف اللواء المتقاعد "منبر جدة" للمفاوضات بأنه المنبر الأقوى لمعالجة أزمة الحرب في السودان، لافتاً إلى أنه قطع خطوات كبيرة في المجال العسكري، لكن العقبات تتمثل في بناء الثقة، لأن عناصر الدعم السريع لم يلتزموا باتفاق 11 مايو، خاصة إخلاء المساكن وإزالة نقاط التفتيش في المناطق المدنية.
"بناء الثقة"
وقالت مصادر متطابقة لـ"الشرق"، الخميس، إن الوساطة السعودية الأميركية سلمت وفدي القوات المسلحة و"الدعم السريع" في مباحثات جدة مسودة لحل القضايا العالقة، وأبرزها نقاط التفتيش العسكرية التابعة لـ"الدعم السريع" في المناطق المدنية، وأن الوفدين يجريان مشاورات بشأن هذه المسوّدة مع قادتهما.
وفي وقت تطابقت هذه المعلومات مع أحاديث منسوبة لقادة في الجيش السوداني، قال مصدر رفيع في "الدعم السريع"، لـ"الشرق"، إن المباحثات تتركز حالياً على إجراءات "بناء الثقة، خاصة توقيف فارين من السجون" وخفض حدة الخطابات الإعلامية.
ويسود تكتّم بالغ على جولة المفاوضات الحالية بطلب من الوساطة السعودية الأميركية، كما علمت "الشرق".
ووقفت "الشرق" على رغبة قوى مدنية مؤثرة في إشراك أطراف إقليمية"منبر جدة"، بغرض الدفع بالأمور إلى الأمام.
بدورها، يبدو أن السلطات السودانية لا تمانع هذه المشاركة، وهي رؤية تتشاطرها هذه الجهات الداخلية مع واشنطن التي ترى من ناحيتها الأهمية المتعاظمة في جلب لاعبين آخرين إلى طاولة جدة بوسعهم التأثير بشكل حاسم على جولات المفاوضات، في ضوء مشاركة الاتحاد الإفريقي و"إيقاد" في المنبر.
وقف نار لشهر؟!
من جانبه، أبدى قيادي رفيع في القوى المدنية، طلب عدم الكشف عن هويته، تفاؤله بـ"منبر جدة"، قائلاً لـ"الشرق"، إن اللمسات الأخيرة تُوضع على اتفاق بات شبه جاهز لوقف النار لمدة تتراوح بيم 30 و45 يوماً قابلة للتجديد، بعد الانتهاء من بنود الاتفاق التي تشمل بقاء قوات طرفي الصراع في مواقعها، وخروج المقاتلين من المنازل والمستشفيات.
وأوضح المصدر أن معلوماته تشير إلى أن وفد "الدعم السريع" طالب الطرف الآخر بتنفيذ ما اتفق عليه سابقاً في إطار "بناء الثقة"، لا سيما ما يتعلق بتوقيف فارين من السجون، في إشارة إلى أركان نظام الرئيس المعزول عمر البشير.
وكان رد الجيش بأن قوات "الدعم السريع" مطالبة أيضاً بتوقيف عناصر، ولو جرى التغلّب على هذه المعضلة، فسيتم توقيع اتفاق وقف النار بغضون أسبوع، وفقاً لتعبيره.
كما كشف القيادي، الذي كان ضمن أعضاء وفد "قوى الحرية والتغيير" الذي التقى أخيراً، في جوبا برئيس جمهورية جنوب السودان، لـ"الشرق"، أن لقاء وفده بسيلفا كير عزز الاعتقاد بأن القادة هناك يرغبون بشدة في دعم حل سياسي شامل مع اهتمام ملحوظ بجمع كل المدنيين.
وأشار إلى أن سيلفا كير أبدى رغبته في التئام المجلس المركزي لقوى الحرية والتغيير، وائتلاف الحرية والتغيير "الكتلة الديمقراطية" في جوبا، لكن المركزي فضّل أن تستمتع قيادة جنوب السودان للطرفين كلٍ على حدة، ثم تحدد لاحقاً إمكانية جمعهما.
وقال القيادي في القوى المدنية إنه "بدا واضحاً أن جوبا تتطلع إلى لعب دور إيجابي من خلال مبادرة إيقاد التي تشارك في منبر جدة"، وترجو أن تستضيف في وقت لاحق اجتماعات القوى المدنية، في أعقاب دعوة ستقدمها جوبا للجبهة المدنية التي يقودها حالياً رئيس الوزراء السابق عبد الله حمدوك.
كما أوضح أن الجبهة المدنية تنوي إجراء مشاورات مع الكتلة الديمقراطية ومع كتلة "الجذريين" التي تضم الحزب الشيوعي وبعض لجان المقاومة.
وعلمت "الشرق" أن وفداً من الكتلة الديمقراطية توجه إلى جوبا بالفعل، وقال القيادي في الكتلة مبارك أردول، لـ"الشرق"، إن "الهدف الرئيسي من الزيارة هو دفع جهود وقف الحرب وجلب السلام والاستقرار".
"تقدم في ظل عقبات كبيرة"
وبعد برود ساد علاقات السودان بعدد من دول الجوار، بسبب ما قالت السلطات السودانية إنها تدخلات غير مرغوبة في الشأن الداخلي، زار الفريق أول عبد الفتاح البرهان، رئيس مجلس السيادة والقائد العام للجيش، كينيا وإثيوبيا ثم جيبوتي وإريتريا، ما أفسح المجال، وفقاً لمحللين، أمام فعالية إفريقية أكبر في حل الأزمة، بترحيب من المسؤولين السودانيين.
وذكر المحلل السياسي السوداني عزمي عبد الرازق، لـ"الشرق"، أن "المعلومات شحيحة للغاية عن منبر جدة، لكنه يحرز تقدماً في ظل عقبات كبيرة، على رأسها الخطابات العدائية، إضافة إلى تطورات الوضع العسكري الميداني وعدم التزام أحد الطرفين، وهو الدعم السريع بما تم تضمينه في إعلان المبادئ الموقع بجدة في مايو، وهو الخروج من الأعيان المدنية"، الأمر الذي يجزم بأنه "سيكون القشة التي ستقصم ظهر المفاوضات".
وأشار عبد الرازق إلى أن هناك "تسريبات بشأن تكوين آلية من دول عدة بقوة سلام تقدر بنحو 3 آلاف جندي، تتولى عمليات المراقبة والإشراف على خروج قوات الدعم السريع وتجميعها في معسكرات خارج الخرطوم، مع تعهدات من أطراف إقليمية ودولية بتوفير 500 مليون دولار كدفعة أولى لتسهيل هذه العملية".
لكن محللين آخرين يرون أن هذا الأمر سابق لأوانه، إذ عبر دبلوماسي غربي في السودان، رفض الكشف عن هويته، لـ"الشرق"، عن آمال تحدو الأوساط الدبلوماسية في تحقيق "اختراق" في جدة يسدل الستار على الحرب الدائرة منذ 15 أبريل، لكنه ذكر أنه "لا يملك معلومات تفصيلية عمّا يحدث في جدة"، وإنما يحتفظ "بتفاؤل كبير حيال هذه الجولة".
"منبر جدة.. الحل الوحيد"
وأكد عبد الرازق أن "منبر جدة هو الحل الوحيد المطروح حالياً لمعالجة الأزمة في السودان"، مشيراً إلى أنه "رغم عدم تطويره لآليات رقابية فاعلة على الأرض للتعامل مع الخروقات الأمنية، والقصد خروقات الدعم السريع، وجرائم النهب والقتل والعنف الجنسي الموثقة، لكنه يظل المنبر الوحيد المتاح، ويجد مباركة سودانية ودعم المنظمات الدولية، بما فيها الأمم المتحدة والجامعة العربية، وأخيراً الاتحاد الإفريقي".
وحذّر المحلل السياسي السوداني من إقحام الملف السياسي في هذا المنبر بـ"ضغط من قوى الحرية والتغيير، لأن ملف السلطة أمر متروك لكافة القوى السياسية والشارع السوداني، ولا يحق للجيش والدعم السريع احتكار العملية السياسية، أو الدخول في شراكة جديدة مع جهة بعينها".
ورأى عبد الرازق أن "الخطر الأعظم الذي يهدد الحل الشامل هو محاولة إقصاء أطراف بعينها، كما حدث في السابق من شيطنة، وعزل للتيار الإسلامي"، لافتاً إلى "العسكريين وشركائهم في الوثيقة الدستورية فعلوا ذلك من قبل، متجاهلين التيار الإسلامي، الذي يصف نفسه بأنه قوي وراسخ ولديه جماهيرية، ولن يقبل العودة إلى مقاعد المتفرجين".
وتسود قناعة لدى عدد من المحللين السياسيين بضرورة جلب "الإسلاميين" إلى طاولة أي حل سياسي مقترح، وترك مسألة المحاسبة على اتهامات بجرائم محتملة ارتكبت خلال سنوات حكم البشير لآليات العدالة والعدالة الانتقالية.
وتشارك كتائب تابعة للتيار الإسلامي، أبرزها "البراء بن مالك" إلى جانب الجيش في العمليات العسكرية، فيما يشارك آخرون أيضاً إلى جانب "الدعم السريع"، ما يثير مخاوف من تمدد هذه العناصر المقاتلة إلى جانب الطرفين، وفرض حلول سياسية ترفضها القوى المدنية الأخرى.
فيما يقول محللون قريبون من التيار الإسلامي إنه تعرّض لإقصاء كامل خلال الانتقال المتعثر ما ألجأه للبحث بكل الوسائل عن دور يبقيه في الحياة السياسية.
"ضرورة صياغة خارطة طريق"
من جانبه، ألمح علي بخيت، السكرتير السابق لرئيس الوزراء عبد الله حمدوك، لـ"الشرق"، إلى أن "فكرة لقاء موسع ليست بالأمر الصعب"، موضحاً أن "من المهم إذا قبلت مختلف القوى المدنية الجلوس إلى طاولة واحدة متخليّة عن فكرة الإقصاء والاحتكار، لتضع جانباً فكرة التصنيفات غير الموضوعية بلا معايير واضحة للذين يحق لهم الانضمام إلى تكتل القوى المدنية".
وأردف: "الحديث عن إقصاء الذين لا يريدون وقف الحرب حقٌ يراد به باطل، لأن حتى البرهان و(قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو) حميدتي، راغبان في إنهاء الحرب"، مشدداً على ضرورة البحث عن أدنى حد يمكن الاتفاق عليه.
وحذّر بخيت "من إمكان ازدياد حدة القتال وتوّسع جبهاته حال عجز منبر جدة عن إحراز تقدم لافت"، مشيراً إلى أن "التعهدات الإنسانية التي التزم بها الطرفان، مطلع نوفمبر الماضي، لم يتم الإيفاء بها".
بدوره، يرى الفريق الركن متقاعد، حمادة عبد العظيم حمادة، وهو عضو سابق في المجلس العسكري، الذي أدار فترة الانتقال بعد سقوط نظام الرئيس جعفر نميري في عام 1985، لـ"الشرق" أنه "من الضروري صياغة خارطة طريق لحل الأزمة بعيداً عن الاحتكار والإقصاء".
وفي ورقة من 4 صفحات قدم الفريق عبد العظيم ما سمّاها برسائل للجميع، بما في ذلك الجيش، و"الدعم السريع"، والقوى السياسية، ولجان المقاومة، لخص فيها رؤيته بشأن الحل الشامل متضمنة "استيعاب الجميع دون استبعاد أي طرف بسبب أفكاره، بما لا يخالف القانون"، وتفادي الدخول في أية تسويات أحادية تؤجل حل المشكلات الشاملة، ولا تعالج جذورها.
الكارثة الإنسانية تتفاقم
وتأمل قطاعات عريضة من السودانيين في الوصول لاتفاق في جدة يزيح عن كاهل مئات الآلاف من الأسر مآسي النزوح وخسارة الأموال والأعمال.
وكان برنامج الأمم المتحدة الإنمائي حذّر في نهاية نوفمبر الماضي، من أن الصراع "يؤدي إلى تفاقم آفاق التنمية البشرية المتردية في السودان بالفعل"، وذلك في ظل مؤشرات انكماش الاقتصاد 12% في 2023، ونزوح نحو 5 ملايين شخص داخلياً وفرار نحو 1.3 مليون آخرين إلى خارج البلاد.
وأشار البرنامج الأممي إلى أن 20 مليوناً يواجهون خطر الجوع مع وجود 6 ملايين شخص "على بعد خطوة واحدة من المجاعة"، في ظل تفشي "الكوليرا" في جميع أنحاء البلاد، وخطر تعرّض 3.1 مليون شخص للإصابة بالإسهال المائي الحاد، فيما تجاوزت حالات الإصابة بالملاريا 800 ألف.
وكان مجلس الأمن، أعلن انتهاء مهمة الأمم المتحدة السياسية في السودان بناء على طلب من القائم بأعمال وزير الخارجية السوداني الشهر الماضي.