طرح تقرير جديد نُشرت نتائجه، الجمعة، خلال مؤتمر صحافي على هامش فعاليات مؤتمر الأمم المتحدة للمناخ "COP 28"، بدائل جديدة للأغذية ذات المصدر الحيواني التقليدي، وذلك بهدف المساهمة في توفير استخدام الأراضي، والحد من الغازات المسببة للاحتباس الحراري، وتداعيات تغير المناخ.
وقالت المديرة التنفيذية لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة إنجر أندرسن، خلال المؤتمر إن النظام الغذائي العالمي يمر بتحدٍ كبير يتمثل في تحقيق التوازن الأمن الغذائي والاستدامة البيئية.
وأضافت: "ومن المعترف به على نطاق واسع أن ممارساتنا الحالية في مجال إنتاج واستهلاك الغذاء تساهم بشكل كبير في انبعاثات الغازات الدفيئة؛ حيث يأتي ما يقرب من 30% من الانبعاثات البشرية من قطاع الأغذية".
وأوضحت أندرسن أن المنتجات الحيوانية تستحوذ على حصة مذهلة، تمثل ما يقرب من 60% من العبء البيئي لانبعاثات قطاع الغذاء، لافتة إلى ضرورة "تغيير الطريقة التي ننتج بها، ونستهلك الطعام الذي نتناوله بسبب تأثيره المتزايد على تغير المناخ، لا سيما في البلدان مرتفعة ومتوسطة الدخل".
ووجد التقرير الجديد أن بدائل اللحوم والألبان الجديدة تقدم وعداً كبيراً للحد من التأثيرات البيئية، مقارنة بالمنتجات الحيوانية التقليدية، كما ستوفر استخدام الأراضي وانبعاثات الغازات الدفيئة.
وينطوي إنتاج اللحوم ومنتجات الألبان على عمليات كثيفة الاستخدام للموارد، بما في ذلك الاستخدام المكثف للأراضي، واستهلاك المياه، والانبعاثات الكبيرة من غاز الميثان وأكسيد النيتروز، وهما من الغازات القوية المسببة للاحتباس الحراري.
ولا تؤدي هذه الممارسات إلى إجهاد الموارد الطبيعية فحسب، بل تؤدي أيضاً إلى تفاقم تغير المناخ، وفقدان التنوع البيولوجي، وإزالة الغابات.
بدائل جديدة لمصادر الغذاء
وهناك حركة متنامية تدعو إلى إيجاد بدائل جديدة لمصادر الغذاء التقليدية المعتمدة على الحيوانات، وتوفر هذه البدائل حلولاً واعدة للتخفيف من الآثار البيئية الضارة المرتبطة بالزراعة الحيوانية مع تلبية متطلبات الأنظمة الغذائية الغنية بالبروتين.
وتشمل تلك البدائل تطوير وترويج بدائل اللحوم النباتية، وتعمل الشركات والباحثون على تسخير التقنيات المبتكرة لإنشاء بدائل نباتية تحاكي طعم اللحوم وملمسها وخصائصها الغذائية، دون الإضرار بالبيئة.
ولا تقلل هذه البدائل النباتية من البصمة الكربونية فحسب، بل تتطلب أيضاً موارد أقل بكثير للإنتاج والحفاظ على المياه والأرض.
وعلاوة على ذلك، فإن ظهور الزراعة الخلوية، أي إنتاج منتجات حيوانية حقيقية من مزارع الخلايا بدلاً من الحيوانات الكاملة، يقدم حلاً رائداً. وقد اكتسبت اللحوم المستنبتة أو المصنعة في المختبر، والمشتقة من الخلايا الحيوانية، الاهتمام لقدرتها على إحداث ثورة في صناعة الأغذية.
ومن خلال القضاء على الحاجة إلى تربية الحيوانات وذبحها، تقلل الزراعة الخلوية بشكل كبير من التأثيرات البيئية، مما يوفر نهجاً أكثر استدامة لإنتاج اللحوم.
كما تساهم مصادر البروتين البديلة، مثل الحشرات الصالحة للأكل والطحالب الدقيقة مصدراً بديلاً للبروتين الحيواني، إذ تتطلب الحشرات الغنية بالبروتين والمغذيات الدقيقة موارد أقل، وتنبعث منها مستويات أقل بكثير من الغازات الدفيئة مقارنة بالماشية التقليدية. وبالمثل، توفر الطحالب الدقيقة مصدراً مستداماً للبروتين، ويمكن زراعتها بأقل قدر من التأثير البيئي، وفق التقرير.
وتشير التقييمات الواردة في التقرير إلى أن مساحة استخدام الأراضي أو البدائل الجديدة يمكن أن تكون أقل بنحو 90% من لحوم البقر التقليدية.
سيناريوهات متفائلة
وفي السيناريوهات المتفائلة حيث يجري تعزيز الإمكانات البيئية، فإن انبعاثات الغازات الدفيئة من اللحوم المزروعة يمكن أن تكون أقل بنحو 40 مرة من لحوم البقر التقليدية ونحو ربع الانبعاثات في لحوم الدجاج ولحم الخنزير.
لكن، وبحسب ما يشير الباحث الرئيسي في الدراسة كليو فاكيل، فإن العديد من البدائل الجديدة، تتطلب الكثير من الطاقة لإنتاجها.
ولذلك، فإن تعظيم إمكاناتها البيئية يتطلب استخدام مصادر طاقة منخفضة الكربون، بدلاً من طاقة الوقود الأحفوري. ويقول التقرير إن التحوّلات في الغذاء يجب أن تسير جنباً إلى جنب مع التحوّلات في مجال الطاقة.
ومن المهم أيضاً التأكيد على أن بعض هذه التقنيات، مثل اللحوم المزروعة، لا تزال في مراحل أولية للغاية، ولم يتم نشرها على نطاق واسع بعد. لذا، فإن فوائدها في الوقت الحالي تعتبر نظرية، وليست محققة. ومع ذلك، فإن هذه النتائج توفر أساساً قوياً لمواصلة استكشاف هذا المجال من قبل الباحثين وصانعي السياسات.
وقال فاكيل في كلمة بثت خلال المؤتمر، إن اللحوم النباتية الجديدة، والتي غالباً ما تكون مصنوعة من بروتين الصويا أو البازلاء، واللحوم المزروعة، وهي اللحوم الحقيقية المصنوعة من الخلايا الحيوانية التي تُغَذَّى بمصل النمو في المفاعلات الحيوية؛ والمنتجات المشتقة من التخمير التي تستخدم الكائنات الحية الدقيقة "يُمكن أن تحدث ثورة في مجال إنشاء بروتينات بديلة جديدة".
وأشار إلى أنه على الرغم من إمكاناتها، لا تزال البدائل الجديدة تواجه عوائق كبيرة أمام توسيع نطاقها، بما في ذلك التحديات المتعلقة بخفض تكلفتها ومواصلة تحسين مذاقها.
وتابع فاكيل: "إذا اختارت الحكومات دعم البدائل الجديدة، حتى تصبح مجدية تجارياً، بما في ذلك تمويل البحوث، وخاصة البحوث مفتوحة المصدر والتسويق سيسهم ذلك في الحد من الانبعاثات الكربونية".
واعتبر فاكيل أن العالم لا يزال بحاجة إلى بذل المزيد من العمل، لفهم التأثيرات الاجتماعية والاقتصادية وتأثيرات العدالة على البدائل الجديدة.