فاز حزب "البديل من أجل ألمانيا" اليميني المتطرف للمرة الأولى الأحد، برئاسة بلدية مدينة، وهو ما يمثل علامة فارقة أخرى في الشعبية المتزايدة للحزب التي تعززت بسبب خيبة أمل الناخبين من الائتلاف الحاكم في البلاد، حسبما نقلت صحيفة "فاينانشيال تايمز" البريطانية.
وفاز المرشّح تيم لوشنر، بنسبة 38.5% من الأصوات في الجولة الثانية من الاقتراع الأحد في بيرنا، وهي بلدة في شرق ألمانيا قريبة من الحدود التشيكية، متفوقاً على مرشّحي الاتحاد الديمقراطي المسيحي، الذي ينتمي إلى يمين الوسط، والديمقراطيين الأحرار الليبراليين.
ولوشنر، وهو نجار يبلغ من العمر 53 عاماً، ليس عضواً في حزب البديل من أجل ألمانيا، لكنه ترشّح كمرشح للحزب.
وجاء في المركز الثاني بعد لوشنر، مرشحة الحزب المسيحي الديمقراطي، كاترين دولينجر كنوت، التي حصلت على نحو 31.4% ثم المرشّح المستقل، رالف تيله الذي حصل على نحو 30.1%، والذي خاض الانتخابات مرشحاً عن حزب "الناخبون الأحرار".
ويأتي هذا الفوز بعد أيام فقط من تصنيف وكالة الاستخبارات الداخلية الألمانية لحزب "البديل من أجل ألمانيا" في ولاية ساكسونيا، كـ"منظمة متطرفة"، مشيرة إلى خطابه المناهض للمهاجرين، وجهوده لتقويض الديمقراطية، وفق وكالة "فرانس برس".
كما من المقرر أن يمثل أحد قادته للمحاكمة بتهمة استخدام شعارات نازية محظورة، فيما تم اعتقال نائبة سابقة في الحزب، العام الماضي، بسبب دورها في مؤامرة من قبل متطرفين للإطاحة بالحكومة، واُعتقل عضو آخر في الحزب في أكتوبر الماضي بتهمة "إثارة الفتنة وحيازة مواد نازية".
وأشادت الرئيسة المشاركة للحزب، أليس فيديل، في منشور على منصة "إكس" بالفوز، ووصفته بأنه "نتيجة تاريخية".
لكن حزب الخضر في ساكسونيا، أعرب على المنصة نفسها عن شعوره بـ"الهلع لانتخاب رئيس بلدية من حزب تم تصنيفه الأسبوع الماضي على أنه متطرف".
وهذا الفوز هو الأحدث في سلسلة نجاحات انتخابية حققها حزب "البديل من أجل ألمانيا" الذي تأسس عام 2013 كمؤسسة سياسية مناهضة للاتحاد الأوروبي، قبل أن يستغل الغضب الشعبي ضد الهجرة لحشد التأييد.
وحصل الحزب على أول منصب إداري له في يونيو في ولاية شرقية أخرى هي ثورينجيا، وأول رئاسة بلدية لبلدة في يوليو في ولاية "ساكسونيا أنهالت" المجاورة.
ويحظى حزب "البديل من أجل ألمانيا" بدعم قوي في مناطق ألمانيا الشرقية السابقة، حيث تبلغ نسبة تأييده في استطلاعات الرأي نحو 32%، وفقاً لاستطلاع حديث أجرته مجلة "دير شبيجل".
ومن المقرر أن تنتخب ولاية ساكسونيا، برلمانها الإقليمي في سبتمبر 2024، إلى جانب ولايتين أخريين هما براندنبورج وتورينجيا.
تراجع الائتلاف الحاكم
وتأكد تراجع شعبية الائتلاف الحاكم في ألمانيا، من خلال استطلاع نشرته صحيفة "بيلد تسايتونج" السبت، وأظهر أن 59% من الناخبين يريدون إجراء انتخابات العام المقبل لتغيير الحكومة الفيدرالية، على الرغم من أن الانتخابات لن تكون مقررة قبل عام 2025، حسبما نقلت "فاينانشيال تايمز".
وحقق حزب "البديل من أجل ألمانيا" نتائج غير متوقعة، خصوصاً في منطقة الغرب الأكثر ثراءً، إذ حصل على 18.6% في هيسن، و14.6% في بافاريا.
ويبدو أن الناخبين ينقلبون ضد الائتلاف الحاكم بزعامة المستشار أولاف شولتز، بسبب قضايا تتراوح بين ارتفاع التضخم، والاقتصاد الراكد، وارتفاع تكاليف الطاقة، والقفزة في الهجرة غير الشرعية، وفق "فاينانشيال تايمز".
ويحصل حزب "البديل من أجل ألمانيا" على حوالي 22% من الأصوات في استطلاعات الرأي الوطنية، متقدماً على جميع الأحزاب الثلاثة في ائتلاف شولتز (الديمقراطيين الاشتراكيين، والخضر، والديمقراطيين الأحرار).
وفي أغسطس الماضي، فاز حزب "البديل من أجل ألمانيا" بأول انتخابات له لمنصب عمدة بلدية ريفية في "راجوهن جيسنيتز"، في شرق ألمانيا. وفي يونيو، فاز بأول انتخابات له لمنصب رئيس مجلس مقاطعة في سونبيرج، الواقعة أيضاً في الشرق.
ولكن، على الرغم من الانتصارات التي حققها حزب "البديل من أجل ألمانيا" في الانتخابات، فإنه لا يزال حركة هامشية. وقد أقامت الأحزاب التقليدية "جدار حماية" حول الحزب، وأصرت على أنها لن تتعاون معه، أو تشكل تحالفات معه، سواء على المستوى الفيدرالي أو الإقليمي، وفق صحيفة "فاينانشيال تايمز".
مع ذلك، تتزايد المخاوف من أن جدار الحماية لن يستمر لفترة طويلة، خاصة في الولايات الشرقية في ألمانيا، حيث يتجاوز حزب البديل من أجل ألمانيا نسبة 30% من أصوات الناخبين. وقد تواجه الأحزاب الأخرى صعوبة في تشكيل ائتلافات من دونه.