الصين وإفريقيا.. دور سياسي يدعم الوجود الاقتصادي

time reading iconدقائق القراءة - 8
وزير الخارجية المصري سامح شكري ونظيره الصيني وانج يي يعقدان مؤتمراً صحافياً بعد اجتماع في قصر التحرير وسط العاصمة المصرية القاهرة. 14 يناير 2024- - afp
وزير الخارجية المصري سامح شكري ونظيره الصيني وانج يي يعقدان مؤتمراً صحافياً بعد اجتماع في قصر التحرير وسط العاصمة المصرية القاهرة. 14 يناير 2024- - afp
القاهرة-أمير فتحيمحمود أبو بكر

تأتي جولة وزير الخارجية الصيني، وانج يي، الإفريقية التي تشمل مصر وتونس وتوجو وساحل العاج في الفترة من 13 إلى 18 يناير، لتزيد دور الصين السياسي في المنطقة، وتدعم وجودها الاقتصادي، خاصة مع انضمام دول إفريقية وعربية إلى تحالف "بريكس"، واستمرار الحرب الإسرائيلية على غزة.

وعادة ما يزور وزير الخارجية الصيني دولاً إفريقية مطلع كل عام، لتعزيز وجود بلاده في القارة، وبحسب المتحدثة باسم الوزارة ماو نينج، فإن هذا هو العام الـ34 على التوالي الذي تكون فيه إفريقيا وجهة الزيارة الخارجية السنوية الأولى لوزراء الخارجية.

وسبق أن زار الرئيس الصيني شي جين بينج، جنوب إفريقيا في أغسطس الماضي لحضور قمة "بريكس".

وأفادت بيانات رسمية صينية، بأن التبادل التجاري بين الصين وإفريقيا نما بنسبة 7.4% على أساس سنوي، خلال الشهور السبعة الأولى من العام الماضي، وأعلنت الهيئة العامة للجمارك الصينية، أن التبادل التجاري بين الصين وإفريقيا بلغ 1.14 تريليون يوان (نحو 160 مليار دولار)، وحافظت الصين على مكانتها كأكبر شريك تجاري لإفريقيا على مدى العقد الماضي، بحسب بيانات الجمارك ومنظمة التجارة العالمية، بينما بلغ إجمالي التجارة الثنائية 1.87 تريليون يوان (نحو 263.3 مليار دولار) في عام 2022، أي بزيادة 14.8% على أساس سنوي.

تواجد عسكري فاعل

رئيس المجلس العربي الصيني للتبادل التجاري، عادل المسلماني، يرى أن الصين تحاول حالياً أن يكون لها دور سياسي بجانب الدور الاقتصادي الموجود بالفعل، معتبراً أن هناك العديد من الأحداث التي تمنح الصين الفرصة لتكون أهم لاعب في المنطقة العربية حالياً.

وقال لـ"الشرق"، إن جولة وزير الخارجية الإفريقية تعزز دور بلاده كلاعب سياسي مهم في المنطقة، موضحاً أن الصين بدأ دورها في إفريقيا والمنطقة العربية اقتصادياً، دون أن يكون لها دور سياسي أو عسكري.

وأضاف: "لكن يبدو أن الصين شعرت أنه من المستحيل أن تستمر في دورها الاقتصادي في القارة الإفريقية والمنطقة العربية، دون أن يكون لها دور سياسي وعسكري فاعل".

وأوضح المسلماني، أن الصين بدأت تواجدها ببناء قاعدة عسكرية في جيبوتي لحماية طريق التجارة من الصين إلى باقي دول العالم لا سيما الأوروبية، كما أنها تحتفظ بعلاقات جيدة مع كل أطراف النزاع في حرب إسرائيل على غزة، في ظل علاقاتها مع إيران وروسيا وكذلك الدول العربية، وارتباطها بعلاقات اقتصادية وتكنولوجية مع إسرائيل.

واعتبر أن استمرار الحرب يؤثر في مصالح الصين في المنطقة والعالم، مشيراً إلى أن الوفد الذي شكلته الدول العربية والإسلامية لإجراء مشاورات مع أطراف دولية بحثاً عن حل للأزمة، بدأ عمله بزيارة الصين.

ورداً على سؤال بشأن الفارق بين الدور الصيني والأميركي في المنطقة، أوضح المسلماني أن "الصين تحتفظ بعلاقات مع إيران، وهذا ما تفتقر إليه الولايات المتحدة، وبريطانيا، كما أن إيران والسعودية تنظران إلى الصين على أنها شريك أمين، في المقابل لا تنظر إسرائيل إلى الصين كشريك وداعم لأفعالها في غزة، لكنها في الوقت نفسه لا تنظر إليها كخصم أو عدو، وهو ما يمنح الصين مساحة أوسع للتحرك داخل المنطقة العربية".

وأشار المسلماني إلى أن الصين لديها الوسائل الكافية للضغط على أي طرف بما تملكه من علاقات اقتصادية ومصالح مالية تخشى عليها كل الأطراف وبالتالي تتحاشى إغضاب الصين.

دبلوماسية نشطة

مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق للشؤون الآسيوية، السفير حسين هريدي، قال إن الدبلوماسية الصينية أصبحت منفتحة ونشطة للغاية في الشرق الأوسط، ولعبت دوراً ملموساً وبناءً في المصالحة بين السعودية وإيران، في مارس الماضي، والتي فتحت الطريق أمام استئناف العلاقات الدبلوماسية بين الرياض وطهران.

واعتبر هريدي، أن بدء وزير الخارجية الصين جولته الإفريقية من القاهرة يعكس الأهمية التي طالما أولتها الصين للتنسيق والتعاون مع مصر في كافة الملفات الشرق أوسطية والعربية والإفريقية.

وقال لـ"الشرق"، إن الوجود والدور الصيني في منطقتي الشرق الأوسط والخليج له بصماته، مشيراً إلى أن الدور الذي لعبته الصين في إزالة الجليد بين إيران والسعودية، وتوقيعها على اتفاقية تعاون استراتيجي مع إيران لمدة 25 عاماً يجعل من الصين قوة فعالة في الشرق الأوسط ومنطقة الخليج.

تعاون اقتصادي مع مصر

رئيس وحدة العلاقات الدولية وخبير الشؤون الآسيوية في مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية بالقاهرة، أحمد قنديل، قال إن جدول أعمال الجولة يتضمن ملفات إقليمية عديدة أبرزها الحرب على غزة.

وأضاف لـ"الشرق"، أن الصين من أبرز الدول التي دافعت في مجلس الأمن، عن وقف إطلاق النار بشكل فوري ومستدام، كما أنها ينظر إليها كقوة لكبح جماح إيران والجماعات التابعة لها من توسيع نطاق المواجهات العسكرية، خاصة أن بكين لديها علاقات قوية سياسية وتجارية مع طهران.

وتوقع قنديل أن تدفع زيارة وزير الخارجية إلى القاهرة، علاقات التعاون الاقتصادي بين مصر والصين في ظل الأزمة الاقتصادية التي تشهدها مصر حالياً، فضلاً عن مبادرة "الحزام والطريق" والتي أصبح لها بصمة هامة في المشروعات الكبرى التي تنفذها مصر.

وتابع: "من المعروف أن مصر أصبحت، مطلع العام الجاري، عضواً في تحالف (بريكس) الذي تعتبر الصين أحد أبرز الدول الفاعلة فيه، وبالتالي فإن الزيارة فرصة جيدة لرسم خريطة التعاون بين مصر والصين في إطار التحالف".

وتوقع قنديل، أن يكون للصين دور سياسي أكبر، في ظل أنها تحاول الحفاظ على علاقات طيبة مع جميع دول المنطقة، وتتبع دبلوماسية حذرة للغاية في التعامل مع كل الأطراف، كما هي الحال في أزمة الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، أو الصراع بين مصر وإثيوبيا في أزمة سد النهضة.

دعم العلاقات العربية

المحلل السياسي الصيني إلهام لي، قال إن بلاده تدعم القضايا العربية، خاصة ملف غزة والعلاقات العربية الإيرانية، بشكل كبير.

وقال لـ"الشرق"، إن الصين تمتلك علاقات جيدة مع كل أطراف الصراعات في الشرق الأوسط والمنطقة العربية، مشيراً إلى أن بلاده لعبت دوراً هاماً في تطبيع العلاقات بين السعودية وإيران، العام الماضي، إضافة إلى تقريب وجهات النظر بين الحكومة الشرعية في اليمن، وجماعة الحوثي.

واعتبر لي، أن زيارة وزير الخارجية الصيني إلى القاهرة، تعكس اهتمام الجانب الصيني بدور دول الشرق الأوسط، وفي مقدمتها الدور المصري في المنطقة، مشدداً على أن الموقف الصيني ثابت تجاه الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، متمثلاً في الدعوة إلى وقف إطلاق النار وتحقيق السلام الدائم في المنطقة.

وأشار إلى أن الوضع في اليمن ومنطقة القرن الإفريقي والتهديدات التي تشهدها الملاحة في البحر الأحمر، تعكس وجود خلافات كبيرة بين المعسكرين الغربي والشرقي، الأمر الذي يستدعي إصلاح النظام الدولي بشكل عاجل قبل خروج الأمور عن السيطرة.

تصنيفات

قصص قد تهمك