اعترف وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، الثلاثاء، علناً للمرة الأولى بتسلمه شكوى عبر قناة داخلية لموظفي الوزارة للاعتراض، على سياسة إدارة الرئيس جو بايدن حيال الحرب الدائرة في قطاع غزة منذ أكتوبر الماضي، وجاءت تصريحات بلينكن قبل إضراب لموظفين فيدراليين الثلاثاء، احتجاجاً على سياسة الولايات المتحدة إزاء الحرب.
وقال بلينكن لقناة CNBC الأميركي على هامش المنتدى الاقتصادي العالمي بدافوس: "أثار عدد من موظفي وزارة الخارجية منذ أكتوبر الماضي، تساؤلات ومخاوف وانتقادات بشأن السياسات التي تنتهجها إسرائيل وكذلك تلك التي ننتهجها خلال الحرب".
وأشار إلى أن لدى الوزارة "قناة للاعتراض تسمح لأي موظف بإبداء مخاوفه"، لافتاً إلى وجود عدد من الاعتراضات، مؤكداً أنه "قرأ كل واحدة".
وبسؤاله عن إمكانية اتجاه عدد من الموظفين للإضراب، أكد بلينكن ضرورة أن "يعبر الناس عن أنفسهم وعما يؤمنون به"، لكنه أضاف: "في النهاية عليهم العمل، والقيام بواجباتهم. يشعر الناس بالحاجة إلى رفع أصواتهم وآرائهم، وهذا جزء نعتز به في ديمقراطيتنا".
وتعهد المسؤولون الأميركيون، وفي مقدمتهم بايدن وبلينكن بـ"الدعم الثابت" لإسرائيل، إذ باركا علناً رد الفعل الانتقامي لتل أبيب على الهجوم المباغت لـ"حماس" في 7 أكتوبر، والذي تضمن حملة قصف متواصلة على القطاع المكتظ بالسكان.
وإثر ذلك، تواترت على مدى الأسابيع الماضية الأخبار عن انقسام داخل إدارة بايدن، وفي وزارة الخارجية الأميركية، ما دفع بعدد من المسؤولين إلى إعداد "برقية معارضة" تنذر بنشوب حركة "تمرد" رافضة للنهج الأميركي تجاه الصراع الإسرائيلي الفلسطيني.
إحباط واسع النطاق
وقال مسؤولون أميركيون لموقع HuffPost، إن بلينكن وكبار مستشاريه يتجاهلون "حالة إحباط واسعة النطاق" تتبلور داخل الوزارة، وذلك بسبب عدم استماع بايدن وبلينكن لنصائح الخبراء وإصرارهما على دعم العملية العسكرية الإسرائيلية الموسعة في غزة.
وأضافوا: "هناك بالأساس تمرد يختمر داخل الوزارة على جميع المستويات. هذه البرقيات يُنظر إليها داخل الوزارة على أنها بيانات مترتبة على خلاف خطير في لحظات تاريخية مفصلية".
وفي إحدى الاجتماعات، قال مدير لفريقه من العاملين إنهم يعلمون أن "الموظفين الذين يتمتعون بخبرات دولية واسعة غير راضين عن خطة بايدن، خاصة فيما يتعلق بشعورهم بأن الولايات المتحدة لن تقدم شيئاً لكبح جماح إسرائيل، لكن لا تتوافر لهم الفرصة لتغيير هذه الخطة".
وقال العديد من المسؤولين إنهم سمعوا زملاءهم يتحدثون عن "تقديم استقالاتهم" في أعقاب إعلان المسؤول المخضرم في الوزارة جوش بول استقالته، فيما وصف مسؤول أميركي قرار بول بأنه "صدمة" و"خسارة فادحة للوزارة".
قناة المعارضة
وغالباً ما تجذب هذه البرقيات مئات التوقيعات، كما يُنظر إليها على أنها "طريقة حيوية لرفع وجهات النظر المعارِضة من دون الخوف من تلقي ضربات انتقامية، لأن سياسات الوزارة تمنع الانتقام من الأشخاص الذين يستخدمونها".
وتأسست قناة المعارضة تلك في خضم صراع داخلي عميق نشب خلال فترة حرب فيتنام، واستخدمها الدبلوماسيون الأميركيون منذ ذلك الحين، للتحذير من أن الولايات المتحدة "تتخذ خيارات خطيرة يمكن أن تؤدي إلى هزيمتها ذاتياً في الخارج".
وقال أحد المسؤولين إن وزير الخارجية تحدث عن هذا الأمر في العديد من المناسبات، عندما قال إنه "يرحب بالمعارضين الذين يعملون من خلال هذه القناة، لأنه يجد أن من المفيد أن تكون هناك أصوات معارضة تخالفه الرأي".
وأضاف المسؤول أن "بلينكن يأخذ هذا الأمر على محمل الجد، ما يجعله يفكر ملياً في نهجه الخاص فيما يتعلق بصنع السياسات".
مذكرة اعتراض
واتهمت مذكرة داخلية معارضة في وزارة الخارجية الأميركية الرئيس جو بايدن بـ"نشر معلومات مضللة" عن الحرب بين إسرائيل وحركة "حماس"، قائلة إن تل أبيب ترتكب "جرائم حرب" في قطاع غزة، وفقاً لنسخة حصل عليها موقع "أكسيوس" الإخباري، في نوفمبر الماضي.
وقال الموقع إن المذكرة المكونة من 5 صفحات، والتي أشرف على كتابتها دبلوماسي كان قد أشار على وسائل التواصل الاجتماعي إلى أن دعم بايدن لإسرائيل جعله "متواطئاً في الإبادة الجماعية بقطاع غزة"، تقدم نظرة جديدة على الانقسامات داخل الإدارة الأميركية بشأن الحرب التي تشنها إسرائيل على قطاع غزة.
وتحث المذكرة، التي حملت توقيع 100 موظف في وزارة الخارجية والوكالة الأميركية للتنمية الدولية (USAID)، كبار المسؤولين الأميركيين على إعادة تقييم سياستهم تجاه إسرائيل والمطالبة بوقف إطلاق النار في غزة.