يعتزم الاتحاد الأوروبي الكشف عن استراتيجية أمنية جديدة، تساعد على الاستفادة من السوق الموحدة الضخمة، لرفض "الإجراءات القسرية" التي تفرضها دول مثل الصين والولايات المتحدة وروسيا.
ووفقاً لمسودة خطة اطلعت عليها "بلومبرغ"، فإن الذراع التنفيذية للاتحاد الأوروبي، ستكشف، الأربعاء، عن اقتراح يتضمن قواعد تهدف إلى "تعزيز قدرتها على فحص ومنع الاستثمار الأجنبي في الصناعات الحساسة"، بما في ذلك الشركات التي يسيطر عليها الأجانب داخل الكتلة، بالإضافة إلى النظر في إنشاء صندوق لزيادة حجم الاستثمار الأجنبي المباشر، إضافة إلى تطوير التقنيات الحيوية التي يمكن أن تخدم الأغراض العسكرية والمدنية.
وتسعى الاستراتيجية الجديدة إلى معالجة "المخاطر التي تهدد الأمن الاقتصادي للاتحاد الأوروبي، مع ضمان بقاء الكتلة الوجهة الأكثر جاذبية للأعمال والاستثمار".
وتهدف الاستراتيجية المقترحة إلى تعزيز قدرة الاتحاد والدول الأعضاء على معالجة "تقييمات المخاطر المستمرة المتعلقة بسلاسل التوريد، والتكنولوجيات والبنية التحتية والإكراه الاقتصادي".
وتشمل التقنيات الحيوية التي حددها الاتحاد، أشباه الموصلات المتقدمة والذكاء الاصطناعي وتقنيات الكم والتكنولوجيات الحيوية، لكن المفوضية لن تقرر حتى فبراير المقبل، ما إذا كانت هناك حاجة إلى مزيد من الإجراءات لتعزيز الأمن التكنولوجي وتخفيف المخاطر، وذلك بناءً على استنتاجات تقييمات المخاطر في هذه المجالات التي تُجرى بالاشتراك مع الدول الأعضاء.
تحديات 2024
وستعتمد حزمة الأمن الاقتصادي، على الجهود التي بذلها الاتحاد الأوروبي حتى الآن، "لكي يصبح فاعلاً عالمياً أكثر قوة"، حتى مع بقائه نصيراً للتعددية.
واعتبرت "بلومبرغ"، أن الاقتصاد الذي يحاول الاتحاد الأوروبي حمايته، أصبح في وضع "أسوأ بكثير من اقتصاد الصين أو الولايات المتحدة".
ومن المحتمل أن تكون منطقة اليورو في حالة ركود، إذ نمت بنسبة 0.6% فقط في عام 2023 ككل، ويقارن ذلك بمعدلات التوسع التي تتجاوز 5% في الصين وأكثر من 2% في الولايات المتحدة.
وكانت المفوضية الأوروبية، حددت في عام 2021، عقيدة تجارية جديدة وسعت من خلالها مجموعة أدواتها الاقتصادية، لمواجهة ما يسمى بـ"المتنمرين"، بما في ذلك الصين، بأداة جديدة لمكافحة الإكراه.
مواجهة بكين وواشنطن
وفي الإطار، قال المفوض التجاري للاتحاد الأوروبي، فالديس دومبروفسكيس، الجمعة، إن عام 2024 سيكون مليئاً بالتحديات، حيث ستدخل حرب أوكرانيا عامها الثالث قريباً، كما أن "الصراع في الشرق الأوسط لديه القدرة على تعطيل التجارة وسلاسل التوريد بشكل أكبر".
ومنذ أن بدأت في شراء الشركات الأوروبية الرئيسية على مدى العقد الماضي، بما في ذلك "كوكا" الألمانية لصناعة الروبوتات في عام 2016، دفع صعود الصين، الكتلة إلى البحث عن طرق لتعزيز ترسانتها الاقتصادية.
وتدهورت العلاقات منذ أن وصف الاتحاد الأوروبي بكين في عام 2019 بأنها "منافس نظامي"، وعلق اتفاقية استثمار ثنائية وسط نزاع بشأن العقوبات المتبادلة بشأن حقوق الإنسان.
لكن الكتلة تتنافس أيضاً مع واشنطن، وقد فشل الحليفان في حل النزاع المستمر منذ سنوات حول الرسوم الجمركية على الصلب والألومنيوم، ويتنافسان على الموارد والشركات لتسريع تطوير التقنيات النظيفة والرقمية.
ولا يزال الاتحاد الأوروبي في وضع غير مؤات؛ بسبب ارتفاع مستوى اعتماده على الطاقة ونقص العديد من المواد الحيوية اللازمة للتحولات الخضراء والرقمية، كما كشفت جائحة فيروس كورونا عن نقاط الضعف في سلاسل التوريد في الكتلة.
وقد أدت التوترات إلى وضع الجهود الرامية إلى الحفاظ على القدرة التنافسية في بيئة معادية على رأس أجندة أوروبا، حيث يُنظر إلى التجارة الآن باعتبارها أداة أساسية لتأمين الموارد وسلاسل التوريد، وتعزيز التحالفات.
وكشف الجائحة والغزو الروسي ضد أوكرانيا عن اعتماد الاتحاد الأوروبي المفرط على الإمدادات من الدول الأخرى، فضلاً عن نقاط الضعف التجارية مع الشركاء الذين لا يشاركون قيم الكتلة.
ويركز هذا الاهتمام على الحاجة إلى الدفاع عن الأمن الاقتصادي للاتحاد الأوروبي، سواء لحماية المعروض من التكنولوجيا المستوردة، أو التأكد من عدم قدرة المنافسين على السيطرة على الصناعات الاستراتيجية في أوروبا.