عجز الكونجرس الأميركي عن توفير تمويل لتقديم مساعدات إلى الحلفاء، حتى الآن، أو إصلاح أمن الحدود، أو المضي قدماً في جهود عزل وزير الأمن الداخلي في إدارة الرئيس جو بايدن في ظل "تمرد" مشرعين جمهوريين، واستمرار "هيمنة" الرئيس السابق دونالد ترمب، بحسب وكالة "أسوشيتدبرس".
وأشارت الوكالة الأميركية، الخميس، إلى أن مجلس النواب فشل خلال جلسة تصويت، الثلاثاء الماضي، في إحالة وزير الهجرة أليخاندرو مايوركاس، إلى المحاكمة تمهيداً لعزله بتهمة التسبّب في أزمة هجرة على الحدود بين الولايات المتحدة والمكسيك، معتبرة أن هذا الفشل يشكل "انتكاسة خطيرة".
ولم يتوصل أعضاء مجلس الشيوخ، الأربعاء الماضي، إلى اتفاق ينص على رصد مساعدات خارجية جديدة إلى أوكرانيا وإسرائيل، وعلى إصلاح نظام الهجرة في الولايات المتحدة، على الرغم من إجراء مفاوضات شاقة لعدة أشهر، على الرغم من أن مجلس الشيوخ الأميركي، مضى قدماً في مشروع قانون بقيمة 95.34 مليار دولار، يشمل تقديم مساعدات إلى أوكرانيا وإسرائيل وتايوان، بعد فصلها عن تشريعات الهجرة.
"أسوشيتدبرس" اعتبرت أن "الكونجرس المعطل" أخفق على نحو صادم خلال الأسبوع الجاري، إذ "تمرد" جمهوريون في مجلسي النواب والشيوخ، بأساليب جديدة ولا يمكن تصورها ضد أجندتهم، متوقعة أن "يحاولوا إعادة الكرّة مجدداً"، الأسبوع المقبل.
وقالت الوكالة، إن 48 ساعة فقط كشفت عن مستوى هائل من "الخلل الوظيفي" حتى بالنسبة للكونجرس، الذي وضع بالفعل معايير جديدة لـ"الصراعات الداخلية والتعطيل والفوضى" بعد انتخابات تاريخية، العام الماضي، ثم الإطاحة برئيس مجلس النواب الجمهوري السابق، كيفين مكارثي.
"هيمنة ترمب"
وفقاً لـ"أسوشيتدبرس"، ما حدث يعكس إلى أي مدى "ينصرف الحزب الجمهوري، بقيادة رئيس مجلس النواب مايك جونسون، وزعيم الجمهوريين في مجلس الشيوخ ميتش ماكونيل، سواء بمحض إرادته أو بالإذعان لقوى (سياسية)، عن دوره التقليدي كشريك عامل في النظام القائم على حزبين في الولايات المتحدة، إلى دور جديد نابع من رؤية ترمب للحزب الجمهوري".
وأضافت أن ما سمته "مشاهد مأساوية" متتالية هذا الأسبوع، شملت "مشادة كلامية خلال جلسة مغلقة بين الجمهوريين في مجلس الشيوخ، تختبر انفلات سيطرة ماكونيل على السلطة في وقت متأخر، الاثنين الماضي، وترؤس رئيس مجلس النواب جونسون بشكل مؤسف سلسلة إخفاقات في المجلس التي لم يتمكن من السيطرة عليها، الثلاثاء، وفرت معطيات لسطور جديدة في كتب التاريخ".
ورجحت أن الخطوات التالية "غير مؤكدة إلى حد كبير"، لأن "جيلاً أكثر جرأة من المشرعين اليمينيين المتشددين الموالين لترمب يستمد طاقته من الاضطراب، ويتوق إلى الاستمرار في أجندتهم الناشئة، رغم الأغلبية الضئيلة للحزب الجمهوري في مجلس النواب، والتي تجبر جونسون على الشراكة مع الديمقراطيين ليحظى بأي فرصة بشأن معظم المسائل الكبيرة".
"حكم الغوغاء"
ونقلت الوكالة عن النائبة الجمهورية من ولاية إنديانا، فيكتوريا سبارتز، قولها: "هذا هو حكم الغوغاء الآن في الكونجرس، وأنا مستعدة لحكم الغوغاء. لكنها ليست وسيلة للحكم".
وقال السيناتور الجمهوري ميت رومني، المرشح للرئاسة في عام 2012: "اعتدنا أن تكون السياسة هي فن الممكن. الآن أصبحت فن المستحيل".
وأضاف موضحاً النهج الحالي: "لنطرح مقترحات لا يمكن تمريرها، حتى نتمكن من أن نقول لقواعدنا الشعبية المعنية، انظروا كيف أقاتل من أجلكم. لقد انتقلنا من الأفضل إلى الأسوأ".
ومن المتوقع أن يحاول مجلس النواب مرة أخرى التصويت على مساءلة مايوركاس، ربما الأسبوع المقبل، إذا تمكن الجمهوريون من زيادة أعدادهم لتجاوز ما اعتبر تصويتاً متعادلاً، الثلاثاء الماضي.
ولفتت الوكالة إلى أن النائبة الجمهورية من جورجيا مارجوري تايلور جرين، التي قادت حملة عزل مايوركاس، عازمة على المضي قدماً حتى النهاية، إذ ينتقد جمهوريون طريقة تعامل إدارة بايدن مع الزيادة التاريخية في أعداد المهاجرين على الحدود بين الولايات المتحدة والمكسيك.
وقال النائب هال روجرز، البالغ من العمر 86 عاماً، وهو عميد مجلس النواب باعتباره أكبر أعضائه سناً، بعد عودته إلى واشنطن للتصويت لصالح عزل مايوركاس بعد تعرضه لإصابات في حادث سيارة: "فترة جنون. كنت أتمنى شيئاً أفضل".
من جانبه، وصف مايوركاس، الذي يواجه مادتي اتهام بشأن مزاعم رفض الالتزام بقوانين الهجرة وانتهاك ثقة الجمهور، الاتهامات بأنها لا أساس لها.
وقال خلال مؤتمر صحافي في لاس فيجاس، حيث تتولى إدارته تنسيق الإجراءات الأمنية المتعلقة بمباراة السوبر بول (مباراة البطولة السنوية للرابطة الوطنية لكرة القدم): "أنا أركز على العمل".
وخلال تصويت أجراه مجلس الشيوخ، نجا الوزير بفارق ضئيل جداً من إحالته إلى المحاكمة أمام مجلس الشيوخ تمهيداً لعزله، بعد أن دافع عنه نواب ديمقراطيون متّهمين خصومهم الجمهوريين باستخدام مايوركاس "كبش فداء" في خضم الحملة الانتخابية.
وصوّت المجلس بأغلبية 216 صوتاً مقابل 214.
وخسر الجمهوريون التصويت، ليس فقط لأن 3 من المشرعين الجمهوريين انشقوا، ولكن أيضاً لأن أحد الديمقراطيين، وهو النائب من تكساس ألكسندر جرين، فاجأ زملاءه بمغادرة سريره في المستشفى حيث خضع لعملية جراحية، وحضر للتصويت، ما أدى إلى قلب النتيجة، بحسب "أسوشيتدبرس".
"تمرد" آخر بمجلس الشيوخ
وفي مجلس الشيوخ، واجه زعيم الجمهوريين ماكونيل، تمرداً منفصلاً بشأن حزمة أمن الحدود التي وافق على مضض على المضي في تنفيذها كوسيلة لاسترضاء مطالب اليمين المتشدد بربط مساعدات الأمن القومي لأوكرانيا، بـ"تسوية شبه مستحيلة سياسياً بشأن الهجرة".
وبمجرد الكشف عن الحزمة التي وافق عليها الحزبان الجمهوري والديمقراطي، واجه ماكونيل، ردود فعل سلبية شرسة من زملائه الجمهوريين بقيادة السيناتور من ولاية يوتا، مايك لي، والسيناتور من تكساس تيد كروز، وآخرين، ما أجبره على تغيير موقفه بشكل مفاجئ للتخلي عن هذه الجهود.
ولفتت "أسوشيتدبرس"، إلى أن هذه كانت المرة الثانية التي يضطر فيها ماكونيل، الذي دافع عن مساعدات الأمن القومي لأوكرانيا، إلى التراجع، كما فعل في الخريف الماضي، عندما رفض أعضاء مجلس الشيوخ من الحزب الجمهوري نصيحته، ورفضوا المزيد من المساعدات الخارجية.
وكتب السيناتور، مايك لي، على منصة التواصل الاجتماعي "إكس": "حان الوقت لحل شركة TM"، في إشارة ساخرة بأول حرفين من اسمي ماكونيل، وزعيم الأغلبية الديمقراطية في مجلس الشيوخ تشاك شومر.
وأرجأ الجمهوريون، حزمة الحدود، في مماطلة سياسية بعد تصويت شبه حزبي، الأربعاء، على الرغم من أن أعضاء مجلس الشيوخ بدأوا بالفعل مناقشة حزمة مساعدات أصغر بقيمة 95 مليار دولار لأوكرانيا وإسرائيل وتايوان وحلفاء؛ لكن التمرير النهائي غير مؤكد.
وبضغط من الرئيس السابق ترمب، الذي دعا إلى مقاطعة مشروع القانون، صوّت الأعضاء الجمهوريون ضد رصد مساعدات جديدة لأوكرانيا وإسرائيل.