تبادلت الولايات المتحدة وروسيا الاتهامات بشأن السعي إلى "عسكرة الفضاء"، وذلك بعد فشل مشروع قرار روسي في مجلس الأمن الدولي يدعو لمنع نشر أسلحة في الفضاء، ما يثير مخاوف من سباق تسلح.
والتوتر بين موسكو وواشنطن في هذه القضية على خلفية الحرب في أوكرانيا، أثار مجدداً مخاوف من سباق إلى التسلح في الفضاء، رغم وجود معاهدة بشأن الفضاء الخارجي منذ عام 1967، تدعو إلى "عدم تطوير أسلحة نووية، أو أي أسلحة دمار شامل أخرى مصممة خصيصاً لوضعها في المدار".
واعتبرت الناطقة باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا أنه مع رفض واشنطن، وحلفائها هذا النص، برهنت الولايات المتحدة أنها تسعى إلى "وضع أسلحة في الفضاء الخارجي، وجعله ساحة للمواجهة العسكرية".
وأضافت زاخاروفا: "إنها فرصة جديدة ضائعة لضمان منع سباق التسلح في الفضاء الخارجي؛ بسبب الولايات المتحدة وحلفائها"، واصفة مشروع القرار بأنه "مبادرة بنّاءة وشاملة".
"السعي لحل شامل للمسألة"
وقال الكرملين للصحافيين: "كنا مع حل شامل لهذه المسألة، ورفض كامل" لعسكرة الفضاء. وأضاف: "انظروا من الذي عارض ما تقترحه روسيا في هذا المشروع، هذا واضح".
في نهاية أبريل كان الوضع معاكساً، حيث قدَّمت الولايات المتحدة واليابان مشروع قرار نال تأييد 13 صوتاً، لكن روسيا استخدمت ضده حق النقض مع امتناع الصين عن التصويت.
ويدعو مشروع القرار، الذي قدمته روسيا والصين، الاثنين، ويستعيد جزئياً النص الذي فشل في أبريل، جميع الدول إلى "اتخاذ إجراءات عاجلة تحظر، بشكل مطلق، وضع أسلحة، والتهديد باستخدام القوة في الفضاء الخارجي".
وصوتت 7 دول لصالح القرار، بينها الصين، و7 أخرى ضده، بينها الولايات المتحدة، وبريطانيا، وفرنسا، مع امتناع سويسرا عن التصويت.
ويحتاج اعتماد مشروعات القرارات في مجلس الأمن الدولي إلى 9 أصوات مؤيدة، وعدم معارضة أي من الأعضاء الخمسة الدائمين الذي يتمتعون بحق النقض.
واعتبر مساعد السفير الأميركي لدى الأمم المتحدة روبرت وود المبادرة الروسية بمثابة "خبث"، مشيراً إلى أن موسكو تسعى إلى "تحويل الانتباه عن جهودها الخطرة الهادفة إلى وضع سلاح نووي في المدار".
ودعا إلى "التشكيك" في "نوايا" روسيا، متهماً إياها بأنها وضعت الأسبوع الماضي في المدار قمراً اصطناعياً "قد يكون قادراً على مهاجمة أقمار اصطناعية أخرى".
في المقابل، قال سفير روسيا لدى الأمم المتحدة فاسيلي نيبينزيا إن التصويت "أظهر نقطة فاصلة (...) بين أولئك الذين يسعون جاهدين نحو الاستخدام السلمي للفضاء الخارجي، وأولئك الذين يتحركون نحو عسكرته".
"سلاح مضاد للأقمار الاصطناعية"
في فبراير، أكد البيت الأبيض أن روسيا تطور سلاحاً نووياً مضاداً للأقمار الاصطناعية في الفضاء، في اتهامات وصفتها موسكو بأنها "لا أساس لها من الصحة".
وأوضحت وسائل إعلام أميركية، نقلاً عن مسؤولين كبار في واشنطن، آنذاك، أن المشروع الروسي المفترض كان في مرحلة التطوير فقط، ولا يشكل تهديداً فورياً.
وبحسب صحيفة "نيويورك تايمز"، فإن الولايات المتحدة نفسها تقوم بجهد لضمان الدفاع عن شبكتها من الأقمار الاصطناعية من الهجمات، وتزويد نفسها بالوسائل اللازمة لتحييد المركبات الفضائية لخصومها.
وعبَّر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عن "معارضته بشكل قاطع" نشر أسلحة نووية في المدار، مؤكداً أن موسكو تفعل في الفضاء "ما تفعله دول أخرى هناك، بما يشمل الولايات المتحدة".
وكانت موسكو أقرت في نوفمبر 2021 بتدمير قمر اصطناعي سوفياتي قديم غير نشط في مداره، عبر استخدام طلقة تجريبية صاروخية، تم إطلاقها من الأرض.
وتواصل الولايات المتحدة وروسيا التعاون في مجال الفضاء المدني، لا سيما إرسال روّاد فضاء إلى محطة الفضاء الدولية. لكن في السنوات الأخيرة، ظهر توتر نتيجة للتطورات الجيوسياسية على الأرض.
وفي الوقت نفسه، تقول موسكو وبكين إنهما ترغبان في تعميق تعاونهما الفضائي في مواجهة القوى الغربية.