لودريان يغادر لبنان دون "إحراز تقدّم" في ملف الرئيس.. وزيارة سابعة مرتقبة

time reading iconدقائق القراءة - 10
الموفد الفرنسي جان إيف لودريان خلال لقائه مع رئيس الوزراء اللبناني نجيب ميقاتي في قصر الحكومة في بيروت. 28 مايو 2024 - REUTERS
الموفد الفرنسي جان إيف لودريان خلال لقائه مع رئيس الوزراء اللبناني نجيب ميقاتي في قصر الحكومة في بيروت. 28 مايو 2024 - REUTERS
بيروت-عماد عاصي

قالت مصادر سياسية لبنانية لـ"الشرق"، إن عودة الموفد الرئاسي الفرنسي إلى لبنان، جان إيف لودريان في مهمة سابعة جديدة إلى بيروت، مرتبط بلقاء الرئيسين الفرنسي إيمانويل ماكرون والأميركي جو بايدن في السادس من يونيو، وذلك بعدما أنهى زيارته السادسة من دون توافق على انتخاب رئيس للبنان.

ويلتقي بايدن وماكرون على هامش إحياء ذكرى "إنزال نورماندي" في الحرب العالمية الثانية، ومن المقرر أن يبحثا عدداً من الملفات المرتبطة بالشرق الأوسط، بما في ذلك ملف لبنان.

وفي 30 مايو الماضي، غادر لودريان بيروت من دون أن تثمر جهوده في إقناع القوى السياسية بالتوافق على انتخاب رئيس للجمهورية، وتلاحقت المواقف في الأيام الماضية، وسط حديث عن فشل مهمة الموفد الرئاسي الفرنسي في إحراز تقدم بالمحادثات، بعد مضي أكثر من عام و8 أشهر على انتهاء ولاية الرئيس السابق ميشال عون.

ومنذ انتهاء ولاية عون في نهاية أكتوبر 2022، فشل البرلمان اللبناني 12 مرة في انتخاب رئيس، إذ لا يحظى أي فريق بأكثرية واضحة تخوّله إيصال مرشحه لقصر بعبدا، على وقع انقسام سياسي يزداد حدة بين "حزب الله" وحلفائه من جهة، وخصومهم من جهة ثانية.

اختلافات قائمة

وقالت مصادر سياسية لبنانية لـ "الشرق"، إنه رغم زيارة الموفد الفرنسي إلى لبنان، إلا أن اختلافات بشأن اختيار 3 مرشحين لانتخاب رئيس للجمهورية لا زالت قائمة.

وأضافت المصادر إلى أن رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري أبدى ارتياحه إلى نتائج الاجتماع الذي عُقد مع لودريان، مشيرة إلى حصول تشاور بين نواب البرلمان يؤدي إلى توجههم للقاعة العامة في البرلمان وانتخاب رئيس الجمهورية بدورات متتالية.

وتابعت المصادر: "لم يتم ذكر  مرشح ثالث في اللقاء مع لودريان، والذي يقضي في حال تطبيق هذا الطرح باستبعاد الوزيرين السابقين سليمان فرنجية وجهاد أزعور من لائحة المرشحين للرئاسة، الأمر الذي يعترض عليه بري وجماعة حزب الله وكل من يريد انتخاب فرنجية".

وأوضح المكتب الإعلامي لبري أنه تم خلال اللقاء "استعراض الأوضاع العامة، لاسيما موضوع الرئاسة وما صدر مؤخراً عن اللجنة الخماسية"، إذ كرّر بري تمسكه بمبادرته لانتخاب رئيس للجمهورية، من دون شروط مسبقة للتشاور حول الموضوع لانتخاب رئيس؛ ومن ثم الانتقال إلى القاعة العامة للمجلس النيابي لانتخاب بدورات متتالية رئيس من ضمن قائمة تضم عدداً من المرشحين حتى تتوج المبادرة بانتخاب رئيس جديد للجمهورية اللبنانية. 

وخلال الزيارة التي استمرت يومين، التقى لودريان رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، كما التقى لاحقاً عدداً من القوى السياسية الرئيسية في البلاد، كما اجتمع مع بري بحضور السفير الفرنسي لدى لبنان هيرفيه ماجرو والوفد المرافق.

"القوات اللبنانية"

وزار الموفد الرئاسي الفرنسي أيضاً رئيس كتلة "حزب الله" النيابية، النائب محمد رعد في مقر الكتلة، وبحث معه في الشأن المتعلق بالانتخابات الرئاسية.

كما زار لودريان رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع. وقال جعجع: "مهما كانت التسمية، حواراً أو تشاوراً أو تحاوراً، لن نقبل بخرق الدستور ولا بأي سوابق لا لزوم لها. من غير المقبول أن يصار إلى عقد جلسة حوار أو مشاورات قبل الجلسات الرسمية عند أي استحقاق، ونحن في الوقت عينه سنبقى من أول المدافعين عن صلاحيات رئاسة المجلس والرئاسات الأخرى كلها".

وعما إذا كانت تصريحات بري توحي بشيء جديد، أجاب جعجع: "الموفد الفرنسي نقل استعداد رئيس المجلس النيابي نبيه بري ليكون إيجابيا، ولكن إذا كان فعلاً هناك إيجابية، فعليه أن يدعو إلى جلسة انتخابات رئاسية، وفي حال دعت الحاجة إلى التشاور، عندها يحصل من ضمن الجلسة، إذ أن الدعوة إلى جلسة انتخاب هي من واجبات الرئيس، وليست من صلاحياته فحسب".

ورأى جعجع أن "من يعمل في المجال الدبلوماسي يضع قناعاته التي يتوصل إليها جانباً، ويتصرف وفق طريقة تهدف للوصول إلى نتيجة، الأمر الذي يسعى إليه جميع الموفدين".

وأضاف: "أعلن النتيجة منذ الآن، بأن محور الممانعة يسعى عن سابق تصميم إلى عرقلة الانتخابات الرئاسية، للسبب الأول وهو بسيط، إذ أن لا قدرة لديه على إيصال مرشحه المتمسك به أي رئيس تيار (المردة) سليمان فرنجية. بات اليوم هناك سبب إضافي يتمثّل بحرب غزة ووضع المنطقة".

وتابع جعجع: "إن الفريق الآخر لا يلتزم اللعبة الديمقراطية وغير مستعد لها، خلافاً لما قمنا به في السابق لجهة انتخابات رئاسة المجلس النيابي، لأن من يعترف بالديمقراطية يجب أن يتقبل نتائجها".

جعجع الذي جدد تأكيد استعداد حزب "القوات" للسير بخيار ثالث، وهو ما طرحه لودريان سابقاً، ذكر أنه "حينها طرح الأخير هذه المعادلة أمام الفريق الآخر"، لافتاً إلى أنه مهما كان الخيار يبقى الأهم انتخاب رئيس جمهورية جديّ".

 وعن المعلومات التي تشير إلى أن هناك طرحاً مفاده أن بري سيفتتح الجلسة في القاعة العامة؛ من ثم ينتقل بعدها النواب إلى عقد لقاء ونقاشات، أجاب: "الهدف الحوار، ما المانع لدعوة رئيس المجلس إلى جلسة انتخابية تنعقد فيها الدورة الأولى التي تنتهي من دون انتخاب، فيصار إلى التشاور بين الكتل لتتابع الدورات المتتالية والتشاور حتى انتخاب الرئيس".

أما عن جدية إنجاز الملف الرئاسي، فأعلن جعجع أنه لمس محاولة جدية من قبل فرنسا لإنجاز هذا الاستحقاق، لأنهم "يعون تماماً أنه في حال لم يتم انتخاب رئيس حتى يوليو المقبل، فلن ينتهي الشغور الرئاسي قبل سنة في ظل انتخابات الرئاسة الأميركية وحرب غزة".

وتابع: "رأيت أن فرنسا تجهد في سبيل إنجاز هذا الاستحقاق، لكن الفريق الآخر غير جاهز إطلاقاً، باعتبار أنه غير قادر على ذكر مرشحه".

حزب "الكتائب"

بدوره، أكد رئيس حزب "الكتائب اللبنانية" النائب سامي الجميّل، أنه "سيتم التعامل بإيجابية مع كل الطروحات، لكننا لن نستسلم أو نسلم البلد لحزب الله".

وقال الجميل بعد لقائه الموفد الفرنسي: "كانت جولة مريحة أكدنا له فيها إصرار حزب الكتائب على انتخاب رئيس بأسرع وقت واستعدادنا لتسهيل هذه المهمة والمساعدة باتجاه انتخاب رئيس، وفي الوقت نفسه حذرناه من بعض المطبّات التي يمكن أن تكون في طور التحضير، على أمل أن يؤمن الضمانات اللازمة لنطمئن للمسار".

وأوضح الجميّل أن الضمانات تتمحور حول نقطتين أساسيتين، الأولى: أن ليس المهم شكل الحوار والمناقشات، بل هل هناك التزام من بري بالدعوة إلى جلسة مفتوحة بدورات متتالية بغض النظر عن نتائج الحوار؟ أو إذا اختلفنا بالحوار لا تنعقد جلسة؟ لأنهم يتحدثون عن جلسة مشاورات، وبعدها جلسة انتخاب، فهل جلسة الانتخاب مرتبطة بالنتائج الإيجابية وبالاتفاق بالمشاورات أم أنها بمعزل عن الاتفاق؟ 

وأردف: "نريد ضمانة بأن تكون الجلسة الانتخابية المفتوحة بمعزل عن الاتفاق على اسم الرئيس. أما الضمانة الثانية، فتتمثل بحضور نواب الممانعة الجلسة، لأن بري يمكن أن يدعو لجلسة يقاطعها النواب، ولا يؤمّنون النصاب وعملياً نكون عدنا إلى نقطة الصفر".

وتابع: "أعتقد أنه من الواضح للموفد الفرنسي وبالنسبة لمن يتعاطى بهذا الملف، ونأمل أن تكون واضحة لحزب الله، أن الاسم الذي سينتج عن هذه العملية يجب أن يكون حيادياً، إذ لا مكان لأن يفرض أحد رئيساً على اللبنانيين، وانطلاقاً من هنا نحن إيجابيون بكل ما يطرح علينا، وسنتعاطى بإيجابية ونحصل على الضمانات اللازمة للمضي قدماً".

وشدد الجميّل على أن المؤسسات لا تستقيم من دون رئيس ومؤسسات فاعلة، قائلاً: "حريصون على عدم تسليم لبنان إلى محور دمّر البلد، وما زال يدمّره".

كتلة "تجدد"

والتقى لودريان أيضاً كتلة "تجدد" النيابية، وقال النائب ميشال معوَّض بعد اللقاء:" أكّدنا حرصنا على انتخاب الرئيس اليوم قبل الغد، ونعلم جيداً مخاطر عدم الانتخاب، ولكنّنا مصرون على أن يمثّل الرئيس  الدولة ومصالحها ولا أن يمثّل فريقاً مسلحاً".

وأضاف: "هناك تقدّم إيجابي باستعمال رئيس مجلس النواب كلمة تشاور واعتماد مبدأ الجلسات المفتوحة ونحن منفتحون تحت سقف الدستور".

تكتل "اللقاء النيابي المستقل"

بدوره، كتب النائب نعمة أفرام على منصة "إكس" إثر اجتماعه برفقة تكتل "اللقاء النيابيّ المستقل" مع لودريان: "لقاء بنّاء مع الموفد الرئاسيّ لودريان، مع أخبار عن حركة جدّية تنطلق من موضوع اجتماعاته مع حزب الله والرئيس برّي وغيرهم، تبشّر بفصل مسار الرئاسة عن النزاعات في جنوب لبنان وغزّة".

وأضاف: "قال لودريان إنّ الفريقين مستعدّان لعقد جلسات مفتوحة للانتخاب. ناقشنا كيفيّة إتمام الدعوة إلى التشاور وآلياته في قاعات المجلس، وبحثنا كيفيّة تسهيل مواكبة ومتابعة تطوّر التشاور، للدخول إلى الانتخابات بعد انتهاء المهلة المحدّدة للتشاور بصورة واضحة للجميع، لتكون عملية انتخاب هادفة ومحصورة ببضعة أسماء. أيكون هناك دور بارز لهيئة المكتب برئاسة رئيسه أو تكون هيئة مقرّرين تشكّل من كلّ الفرقاء؟".

وتابع: "تطرّقنا أيضاً إلى تفاصيل جلسة افتتاح التشاور لممثّلي الكتل النيابيّة والنواب المستقلين، أتكون بحضور اللجنة الخماسية أو مع غيرهم من المسهّلين لهذا التقارب"؟

واصطدمت المساعي الدولية تجاه لبنان، وتلك التي يضطلع بها لودريان حتى الآن بحائط مسدود، فيما يزيد الشغور الرئاسي منذ عام 2022 الأزمة الاقتصادية غير المسبوقة المستمرة منذ خريف عام 2019.

تصنيفات

قصص قد تهمك