بعد صعود اليمين المتطرف.. ما أهمية البرلمان الأوروبي؟

time reading iconدقائق القراءة - 11
أعضاء البرلمان الأوروبي يشاركون في جلسة تصويت خلال جلسة عامة في البرلمان الأوروبي في ستراسبورج، شرق فرنسا. 14 مارس 2023 - AFP
أعضاء البرلمان الأوروبي يشاركون في جلسة تصويت خلال جلسة عامة في البرلمان الأوروبي في ستراسبورج، شرق فرنسا. 14 مارس 2023 - AFP
دبي -الشرق

تعد انتخابات البرلمان الأوروبي ثاني أكبر اقتراع في العالم، بعد انتخابات الهند، إذ تستقطب أكثر من 350 مليون مواطن أوروبي للمشاركة في اختيار 720 عضواً يمثلونهم في أعلى هيئة تشريعية بالاتحاد الأوروبي.

وتجرى هذه الانتخابات كل 5 سنوات، ومن بين أولى القرارت التي يتخذها البرلمان الجديد عادة، انتخاب رئيس حاصل على الأغلبية المطلقة. ثم انتخاب رئيس جديد للمفوضية الأوروبية، أو ربما إعادة انتخاب أورسولا فون دير لاين الرئيسة الحالية لولاية جديدة.

وأدلى الأوروبيون الأحد، بأصواتهم في انتخابات البرلمان الأوروبي التي أبرزت نتائجها تحقيق اليمين المتطرف لقفزة نوعية، لكن دون قلب الطاولة أو تسوية الخلافات التي تحول بينه وبين تشكيل "جبهة موحدة".

وأحدثت نتائج الانتخابات الأوروبية ارتدادات كبيرة في فرنسا دفعت الرئيس إيمانويل ماكرون إلى حل البرلمان والدعوة لانتخابات بعد هزيمة حزبه أمام "التجمع الوطني" اليميني المتطرف، كما استقال رئيس الوزراء البلجيكي على خلفية "هزيمة ثقيلة" أيضاً. 

ما هو البرلمان الأوروبي؟

البرلمان الأوروبي هو المؤسسة التي تمثل بشكل مباشر مواطني الاتحاد الأوروبي، الذين ينتخبون أعضائه كل 5 سنوات عن طريق الاقتراع العام المباشر.

ويعد أحد الركائز الثلاث للبنية المؤسسية للاتحاد الأوروبي، إلى جانب المجلس الأوروبي الذي يمثل مصالح الدول الأعضاء، والمفوضية الأوروبية، الفرع التنفيذي للاتحاد الأوروبي، والمسؤولة عن اقتراح التشريعات، وتنفيذ القرارات.

ويوافق البرلمان الأوروبي على ميزانية الاتحاد الأوروبي، ويصوت على الاتفاقيات الدولية وتوسيعات الكتلة.

وعلى عكس البرلمانات الوطنية، لا يتمتع البرلمان الأوروبي بالحق في اقتراح القوانين، ولكن يمكنه فقط التفاوض على تلك التي تقترحها المفوضية الأوروبية التنفيذية.

ما عدد مقاعد البرلمان الأوروبي؟

بالنسبة لانتخابات 2024، تم زيادة عدد أعضاء البرلمان الأوروبي إلى 720 مقعداً، مقارنة بـ 705 مقاعد سابقاً. وتم تخصيص مقعدين إضافيين لفرنسا وإسبانيا وهولندا، ومقعد واحد للنمسا وبلجيكا والدنمارك وفنلندا وإيرلندا ولاتفيا وبولندا وسلوفاكيا وسلوفينيا.

أين يقع مقر البرلمان الأوروبي؟

يقع المقر الرسمي للبرلمان الأوروبي في ستراسبورج (فرنسا)، في حين تتم معظم أعمال اللجان البرلمانية في العاصمة البلجيكية بروكسل، ولوكسمبورج هي مقر الأمانة العامة.

ما صلاحيات البرلمان الأوروبي؟

يشارك البرلمان الأوروبي في اعتماد القوانين التشريعية إلى جانب مجلس الاتحاد الأوروبي، بالاضافة إلى انتخابه رئيس المفوضية الأوروبية و26 مفوضاً فرعياً ورئيس المجلس الأوروبي.

ولا يملك البرلمان المبادرة لاقتراح التشريعات، لكن صلاحياته آخذة في الاتساع. وهي الآن مختصة في مجموعة واسعة من الملفات، مثل التصويت على القوانين المتعلقة بتغير المناخ أو القواعد المصرفية أو الزراعة أو مصايد الأسماك أو الأمن أو العدالة. ويصوت المجلس التشريعي أيضاً على ميزانية الاتحاد الأوروبي، وهو أمر بالغ الأهمية لتنفيذ السياسات الأوروبية، بما في ذلك، على سبيل المثال، المساعدات المقدمة إلى أوكرانيا.

ويعد المشرعون أيضاً عنصراً أساسياً في نظام الضوابط والتوازنات، حيث يتعين عليهم الموافقة على ترشيح جميع مفوضي الاتحاد الأوروبي، الذين يعادلون الوزراء. 

ويملك البرلمان الأوروبي صلاحية ممارسة الرقابة على المجلس الأوروبي والمفوضية الأوروبية. كما ينظر في توسيع دول التكتل.

ويتمتع كذلك بسلطة إقالة المفوضية الأوروبية من خلال اقتراح بحجب الثقة، على أن يُعتمد هذا الاقتراح بأغلبية ثلثي الأصوات المُدلى بها وأغلبية أعضاء البرلمان، وفق الموقع الرسمي للبرلمان.

وأنشأت معاهدة لشبونة لعام 2009 ما يسمى بإجراء "القرار المشترك" الذي أصبح الإجراء المعتاد في طريقة صنع القرار الأوروبية. وحتى لو لم يقترحوا القوانين بشكل مباشر، وهو الدور المخصص للمفوضية، فإن موافقة أعضاء البرلمان الأوروبي ضرورية لاعتماد غالبية القوانين الأوروبية.

ولا يكتفى أعضاء البرلمان الأوروبي بالاطلاع على مقترحات المفوضية الأوروبية ويجيبون عليها بنعم أو لا، بل يضيفون تعديلات، وفي بعض الحالات، يغيرون جزءاً من التشريع بالكامل (أحياناً للأفضل، وأحياناً للأسوأ). وبسبب التطور التدريجي الذي شهده الاتحاد الأوروبي، لم يفهم عامة الناس الرسالة التي مفادها أن الاتحاد الأوروبي أصبح الآن مؤسسة قوية، وفق المجلة الألمانية "بوليتك كوارتلي".

وينطبق هذا بشكل خاص في أوروبا الغربية، حيث يبدو أن أنظمة التعليم لم تقم بتحديث مناهجها بشأن ماهية الاتحاد الأوروبي منذ عام 1992 عندما تم إنشاء الاتحاد الأوروبي من المجموعة الأوروبية القديمة. وفي أوروبا الشرقية، حيث انضمت البلدان في الأعوام 2004، و2007، و2013 (العام الذي أصبحت فيه كرواتيا أحدث عضو في الاتحاد الأوروبي)، هناك وعي أكبر بأهمية البرلمان الأوروبي لأنه كان مهماً بالفعل عندما انضمت.

كيف يتشكل البرلمان الأوروبي؟

منذ أول انتخابات مباشرة في عام 1979، تجرى الانتخابات الأوروبية كل 5 سنوات.

وتحدد المعاهدات الأوروبية توزيع المقاعد حسب الدولة. لكل دولة عضو عدد محدد من أعضاء البرلمان الأوروبي، يتراوح من 6 للدول الأعضاء الأقل سكاناً، كما هو الحال في مالطا ولوكسمبورغ وقبرص، إلى 96 عضواً لألمانيا، أكبر دولة عضو من حيث عدد السكان (84 مليون نسمة).

وفي عام 2019، انتخب الأوروبيون 751 عضواً في البرلمان الأوروبي. وبعد خروج المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي في 2020، انخفض عددهم إلى 705.

وأعيد توزيع جزء من المقاعد الـ73 التي كان يشغلها النواب البريطانيون سابقاً على الدول الأعضاء الأخرى، التي كانت "ناقصة التمثيل" فيما يتعلق بعدد سكانها. 

وفي الدورة البرلمانية المنتهية عام 2024، بلغ عدد أعضاء البرلمان الأوروبي 705 أعضاء.

كيف يجري التصويت؟

يجري كل بلد الانتخابات وفق قواعده الوطنية الخاصة، وتتبع هذه الانتخابات نظام التمثيل النسبي، ما يعني أن عدد المقاعد التي يحصل عليها كل حزب سياسي في البرلمان يتناسب مع عدد الأصوات المتحصل عليها. ويختار الناخبون قوائم المرشحين التي قدمتها أحزابهم.

وتتنافس الأحزاب السياسية الوطنية في الانتخابات، ولكن بمجرد انتخابهم، يختار معظم النواب أن يكونوا جزءاً من تكتلات سياسية عابرة للحدود الوطنية.

وتنتمي معظم الأحزاب الوطنية إلى حزب سياسي أوروبي. على سبيل المثال، تضم مجموعة الاشتراكيين والديمقراطيين (S&D) التي تنتمي إلى يسار الوسط أعضاء من الحزب الديمقراطي الاجتماعي في ألمانيا، والحزب الاشتراكي في فرنسا، والحزب الديمقراطي في إيطاليا.

من هي المجموعات الأكبر؟

حالياً هناك 7 كتل أو 7 مجموعات سياسية في البرلمان الأوروبي. ولتشكيل كتلة ما يجب أن ينضم لها ما لا يقل عن 23 عضواً من 7 دول. لكن هناك أيضاً أعضاء غير منتسبين إلى كتل أو مجموعات سياسية يبلغ عددهم حالياً 50 عضواً.

لماذا التوصيت لصالح اليمين المتطرف؟

جرت العادة أن يصوت الناخبون بأغلبية ساحقة لأعضاء البرلمان الأوروبي من اليمين المتطرف، حتى يصبحوا أكبر كتلة في البرلمان الأوروبي. وكان البرلمان دائماً يتمتع بتشكيلة قوية من أعضاء البرلمان الأوروبي من اليمين المتطرف بسبب عنصر "التصويت الاحتجاجي" المعتاد، حيث يستخدم العديد من الناخبين الانتخابات للتنفيس عن إحباطهم من حكوماتهم الوطنية التي عادة ما تكون وسطية، وفق المجلة الألمانية بوليتك كوارتلي".

وهم يفعلون ذلك غالباً ليس لأنهم يريدون تطبيق سياسات اليمين المتطرف على مستوى الاتحاد الأوروبي، بل لأنهم يحاولون إرسال رسالة حول القضايا الوطنية إلى الحكومة وينظرون إلى انتخابات الاتحاد الأوروبي باعتبارها وسيلة غير مهمة للقيام بذلك.

ويعود ارتفاع نسبة التصويت لصالح المتطرفين مقارنة بتلك المخصصة للبرلمانات الوطنية أيضاً إلى حقيقة أن الأشخاص الذين لا يريدون الإدلاء بأصواتهم الاحتجاجية هم أقل عرضة للمشاركة. تبلغ نسبة المشاركة في انتخابات البرلمان الأوروبي عادة حوالي 50% (51% في الانتخابات الأخيرة في عام 2019) - وهي أقل نسبياً من نسبة المشاركة في معظم الانتخابات الوطنية في أوروبا، ولكنها أعلى من متوسط ​​نسبة المشاركة في انتخابات التجديد النصفي للكونجرس الأميركي والتي بلغت 40%.

ما أهم الأحزاب داخل البرلمان الأوروبي؟

يوجد حالياً 10 أحزاب أوروبية تمثل "الديمقراطيين المسيحيين" و"الاشتراكيين الديمقراطيين" و"الخضر" و"المحافظين الإصلاحيين" و"اليسار" و"الليبراليين"، وهناك أحزاب تؤمن بالوحدة الأوروبية وأخرى تفضل الاهتمام بالدولة القومية.

الحزب الأول داخل البرلمان الأوروبي هو حزب الشعب الأوروبي الذي حصل في انتخابات 2019 على 175 مقعداً داخل البرلمان، وبعده يأتي حزب الاشتراكيين الأوروبيين بـ145 عضواً، ثم تحالف الليبراليين والديمقراطيين لأجل أوروبا الذي يتوفر على 68 عضواً.

أهم التكتلات السياسية في البرلمان الأوروبي

  • حزب الشعب الأوروبي (EPP): يتراوح موقعه من يمين الوسط إلى اليمين المحافظ. ويمثل القوة الأقدم الرئيسية تقليدياً في البرلمان الأوروبي. وهي الكتلة التي تنتسب إليها رئيسة المفوضية الأوروبية المنتهية ولايتها، أورسولا فون دير لاين.
  • المحافظون والإصلاحيون الأوروبيون (CRE). هو تجمع الأحزاب اليمينية المتطرفة الأوروبية. تأسس هذا التحالف المعادي للأجانب والمؤيد لروسيا في عام 2009، ويضم بشكل خاص أحزاب "فوكس" في إسبانيا، و"إخوة إيطاليا" في إيطاليا، و"القانون والعدالة" في بولندا. وانضم إليها في فبراير 2024 حزب "الاسترداد الفرنسي" الذي يقود إيريك زمور، وأعلن رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان أنه يريد أن يفعل الشيء نفسه.
  • "الهوية والديمقراطية" (I&D). هي مجموعة يمينية متطرفة. تأسست في عام 2019 بهدف تشكيل جبهة قومية كبرى، وهي تجمع بشكل خاص رابطة الشمال لإيطاليا، والتجمع الوطني من أجل فرنسا، وحزب "البديل من أجل ألمانيا". وعلى الرغم من أنهم يشتركون في وجهات النظر المتشككة في أوروبا والمناهضة للهجرة، إلا أن هناك خلافات بينهم. وفي نهاية شهر مايو، طلب حزب "التجمع الوطني الفرنسي" استبعاد حزب "البديل من أجل ألمانيا"، بسبب تصريحاته الغامضة بشأن النازية.
  • اليسار: يجمع بين الأحزاب الشيوعية اليسارية والمناهضة للرأسمالية، مثل حزب "فرنسا الأبية" في فرنسا أو حزب "بوديموس" في إسبانيا.
  • الخضر: وهو تحالف الحركات البيئية اليسارية، مثل حزب البيئة في فرنسا، كما يضم العديد من الأحزاب الإقليمية الصغيرة، مثل كاتالونيا المشتركة واتحاد بريتون الديمقراطي.
  • التحالف التقدمي للاشتراكيين والديمقراطيين (S&D). وهو يمثل أحزاب يسار الوسط المؤيدة لأوروبا، مثل الحزب الاشتراكي الفرنسي، وحزب العمال الاشتراكي الإسباني، والحزب الاشتراكي الديمقراطي الألماني. وهو يناضل من أجل التضامن والعدالة الاجتماعية والبيئة والتهديدات التي تواجه أوروبا.

  • كتلة تجديد أوروبا: وهي الائتلاف المركزي في البرلمان الأوروبي، ويضم الليبراليين والديمقراطيين من أجل أوروبا والحزب الديمقراطي الأوروبي، والجمهورية إلى الأمام.

تصنيفات

قصص قد تهمك