تجري قمة حلف شمال الأطلسي "الناتو" في واشنطن وسط توتر في أوروبا والحلف الذي يحتفل بـ75 عاماً على تأسيسه، بشأن تزايد احتمالات فوز المرشح الجمهوري دونالد ترمب بولاية رئاسية جديدة في انتخابات نوفمبر المقبل، بعدما شهدت ولايته الأولى انتقادات للحلف والدول الأعضاء بشأن الإنفاق الدفاعي.
وعقدت وفود أوروبية مشاركة في القمة، اجتماعات مع مقربين من المرشح الجمهوري ترمب، فيما يرتفع منسوب التوتر بشأن فوزه بولاية جديدة، مع تأخر الرئيس الحالي جو بايدن في استطلاعات الرأي، وسط مساعيه الحثيثة لإثبات قدرته على الاستمرار في السباق الانتخابي، بينما تتصاعد الضغوط على الأخير من داخل حزبه للانسحاب من السباق الرئاسي.
ورتب زعماء ووزراء ومسؤولين كبار من حكومات عدة دول أوروبية ومن شرق أوروبا والحكومات الاسكندنافية بشكل خاص، اجتماعات هذا الأسبوع، مع شخصيات مرتبطة بترمب بينهم كيث كيلوج كبير موظفي مستشار الأمن القومي إبان رئاسة ترمب (2017 – 2021)، ووزير خارجية ترمب السابق مايك بومبيو، وفقاً لما ذكرته مصادر مطلعة لصحيفة "فاينانشيال تايمز" البريطانية.
وتعقد الاجتماعات على هامش قمة الناتو التي تستضيفها واشنطن، والتي كان من المفترض أن تكون فرصة بايدن لتقديم نفسه كزعيم للحلف الغربي الموحد، ولكن الدعوات لانسحابه من داخل حزبه طغت على القمة.
مخاوف أوروبا والناتو بشأن ترمب
وأزعج ترمب المعروف بانتقاداته للناتو، العواصم الأوروبية، حينما قال إنه حال عودته إلى البيت الأبيض في نوفمبر، فإن الولايات المتحدة "قد لا تدافع عن كل حلفاء الناتو".
كما أثار ترمب إمكانية تعليق المساعدات العسكرية لأوكرانيا، إذا رفضت كييف محادثات السلام مع موسكو. وطالب ترمب، الثلاثاء، الدول الأوروبية بالمساهمة بمبلغ 100 مليار دولار لأوكرانيا، لمضاهاة المساعدات الأميركية إلى كييف.
وقال مسؤولون غربيون لـNBC News، إن ولاية جديدة لترمب قد تعني انخفاضاً درامياً في المساعدات الأميركية لأوكرانيا، وضغطاً سياسياً على كييف للانصياع للمطالب الروسية في أي محادثات سلام.
ونسب ترمب في منشور على منصته "تروث سوشيال"، الفضل لنفسه في قوة الناتو الحالية، قائلاً إن مليارات الدولارات ضُخت في الناتو عقب مطالبته للدول الأعضاء بالمساهمة بشكل أكبر في الإنفاق الدفاعي، متهماً في الوقت نفسه بعض الحلفاء بعدم المساهمة بشكل كاف.
وقال ترمب: "لدينا الآن مشكلة مماثلة، الولايات المتحدة تدفع أغلبية المال لمساعدة أوكرانيا في قتال روسيا. أوروبا يجب أن تدفع على الأقل مبلغاً مماثلاً! إنهم مدينين بنحو 100 مليار دولار. جو الفاسد لم يطلب منهم فعل ذلك حتى".
وأعلنت الدول الأوروبية، التزامات مالية لمساعدة أوكرانيا بنحو 102 مليار يورو لأوكرانيا منذ 2022، بأكثر من مبلغ 75 مليار يورو الذي أعلنته الولايات المتحدة وفقاً لمعهد Kiel للاقتصاد العالمي.
وأعلن الاتحاد الأوروبي في فبراير الماضي، تمرير حزمة مساعدات إضافية بـ50 مليار يورو لأوكرانيا.
سفارات أوروبية تبني علاقات مع ترمب
وبدأت السفارات الأجنبية في واشنطن مؤخراً، التركيز على بناء علاقات مع إدارة ترمب المستقبلية المحتملة، مع احتدام السباق الانتخابي.
ويخشى دبلوماسيون من أن يفاجئوا مرة أخرى بفوزه كما حدث في عام 2016.
وقال شخص مطلع على اللقاءات مع المقربين من ترمب: "بغض النظر عن موقفهم من أوروبا، يجب أن نتحدث إليهم"، مضيفاً أن "بناء علاقات معهم قبل انتخابات نوفمبر، هو المقاربة الصحيحة".
وقال كيث كيلوج الذي يقود البرنامج الأمني في مركز أبحاث America First Policy Institute، والذي ينظر إليه باعتباره مقرباً من الرئيس السابق لـ"فاينانشيال تايمز": "عقدنا سلسلة من الاجتماعات مع عدة رؤساء وزراء، مستشاري أمن قومي، ووزراء دفاع وخارجية وسفراء"، في إطار محاولات هؤلاء المسؤولين لتلمس إشارات بشأن الطريقة التي سيحكم بها ترمب في فترته الثانية.
وألف كيلوج وفريد فليتز مؤخراً تقريراً يضع نهاية لحرب أوكرانيا مفاده الضغط على كييف وموسكو للتفاوض، وأثار التقرير عواصف في واشنطن وعواصم أوروبية.
وخلال محادثات خاصة في القمة، أعرب مسؤولون أوروبيون عن إحباطهم من طغيان الحملات الانتخابية الأميركية على تطلعات الناتو في القمة.
وقال دبلوماسي أوروبي رفيع: "مستقبله طغى على الأسبوع بأكمله"، مشيراً إلى صحة بايدن وترشحه في الانتخابات بأنها "فوضى".
خطة غامضة لإنهاء حرب أوكرانيا
واقترح مستشارون سابقون لترمب خطة سلام تتطلب تنازلات كبيرة من أوكرانيا، بما في ذلك التخلي عن عضوية محتملة في الناتو في المستقبل القريب.
ولم يقدم ترمب أي تفاصيل بشأن موقفه من أوكرانيا، عدا الوعد بإنهاء الحرب "حتى قبل أن يصل إلى المكتب البيضاوي، وبعد وقت قصير من الفوز بالرئاسة"، ولكنه لم يشرح كيفية إنهاء الحرب.
وفي بيان قال مدير الاتصالات بحملة ترمب، ستيفين تشونج: "الرئيس ترمب وعد بشكل متكرر بأن إنهاء الحرب الروسية الأوكرانية على قائمة أولويات ولايته الثانية. ترمب يؤمن بأن الدول الأوروبية يجب أن تدفع المزيد من تكاليف النزاع، كما دفعت الولايات المتحدة أكثر بكثير من أوروبا، وهذا ليس عادلاً لدافع الضرائب الأميركي".
وعارض السيناتور الجمهوري عن ولاية أوهايو، جي دي فانس، المرشح المحتمل لشغل منصب نائب ترمب في الحملة الانتخابية، إرسال أسلحة بعشرات المليارات من الدولارات إلى أوكرانيا، وقال بعد التصويت ضد الحزمة التي أقرها الكونجرس في أبريل، إن تلك الأسلحة ليست كافية لتغيير دفة الحرب، كما أن صناعة الدفاع الأميركية ليست قادرة على إنتاج الأسلحة بالسرعة الكافية لتغطية احتياجات أوكرانيا.