غيّب الموت رائدة الفن التشكيلي السعودي صفية بن زقر عن عمر ناهز 84 عاماً، بعد مسيرة فنية طويلة، استطاعت خلالها أن ترسخ اسمها في المشهد الثقافي والفني السعودي، إذ تعد إحدى أبرز رائدات الفن التشكيلي في المملكة، ومن مؤسسي الحركة التشكيلية.
ونعى وزير الثقافة السعودي الأمير بدر بن عبد الله بن فرحان على حسابه في منصة "إكس"، رحيل الفنانة صفية بن زقر.
كما نعت جمعية الثقافة والفنون في جدة، رحيل صفية بن زقر، ووصفتها بـ"رائدة الفن التشكيلي السعودي"، بعد "مسيرة تشكيلية حافلة، وضعت فيها بصمتها المضيئة بالإبداع في مشهدنا الثقافي والفني".
ولدت بن زقر في مدينة جدة عام 1940، في حارة الشام المعروفة اليوم بجدة التاريخية، وانتقلت عام 1947 مع أسرتها إلى القاهرة، حيث أكملت تعليمها الثانوي، ثم انتقلت إلى إنجلترا لدراسة اللغة الإنجليزية، وتمكّنت من مشاهدة الأعمال الفنية الشهيرة في المتاحف والمعارض العالمية.
بداية المشوار
بعد عودة بن زقر إلى السعودية عام 1964، انطلقت في مشوارها الفني الطويل، وأقامت أول معرض لها عام 1968 في جدة، واعتبرتها "تجربة ناجحة" خاضتها بمجهودها الخاص.
بعد نجاح معرضها الأوّل، أقامت الراحلة معارض أخرى في أغلب مناطق المملكة، مثل الرياض وجدة والظهران والجبيل والمدينة المنورة وينبع وأبها، ثم نظّمت معارض دولية في باريس وجنيف ولندن.
نظّمت في مسيرتها الفنية 18 معرضاً شخصياً، و6 معارض جماعية، كما شاركت بلجان التحكيم، في العديد من المعارض الفنية.
"الفنانة المثقفة"
واشتهرت بن زقر بتوثيق الفلكلور والمظاهر الاجتماعية والثقافية والمعمارية لمدينة جدة في رسوماتها، إذ ظهرت هذه الفكرة لدى الفنانة الراحلة بعد عودتها لمسقط رأسها جدة، حيث تفاجأت باختفاء الكثير من العادات وطرق الحياة التي شهدتها في سن مبكرة، من هنا تبلورت رؤيتها الفنية.
في عام 1995، بعد رحلة 30 عاماً على طريق الفن التشكيلي، أسست الفنانة الراحلة "دارة صفية بن زقر"، التي تضم لوحاتها ومقتنياتها الفنية، كما تضم مرسمها ومكتبتها الخاصة.
في بداياتها الفنية، ساهمت ببعض المقالات في الصحف المحلية، وفي مجال التأليف أيضاً ،إذ أصدرت مؤلفات كتاب "المملكة العربية السعودية: نظرة فنانة إلى الماضي باللغتين الفرنسية والإنجليزية"، وكتاب "رحلة عقود ثلاثة مع التراث السعودي".
التراث السعودي
يحتضن المتحف البريطاني في لندن العديد من أعمال الفنانة الراحلة، التي تضم ألبوماً من 38 صورة، وثّقت من خلالها تراث اللباس في السعودية. وكانت هذه أول مرّة يعرض فيها المتحف البريطاني الأعمال التي تجسد التراث الملبسي لمختلف مناطق المملكة.
تعدّ الراحلة أستاذة في الإبداع الزيتي، إذ تتحلَّى بأسلوب خاص في الطرح بانطباعية راقية معاصرة، وشفافية في اللون والفكرة.
كما أن الجانب الإنساني حاضر في كثير من أعمالها، من خلال التأكيد على الملامح والتعابير في الوجوه، وبحثها عن أدق التفاصيل في زوايا التاريخ والتراث.
نالت خلال مسيرتها العديد من الجوائز، منها جائزة "كأس" ودبلوم "دي إكسيلانس" من جرولادورا عام 1982 في إيطاليا.