في ذكرى وفاة مكيافيلي.. ماذا نعرف عن صاحب "الأمير"؟

time reading iconدقائق القراءة - 5
 بورتريه لنيكولو مكيافيلي أنجزه الفنان سانتي دي تيتو  - britannica.com
بورتريه لنيكولو مكيافيلي أنجزه الفنان سانتي دي تيتو - britannica.com
القاهرة- آلاء عثمان

عادةً ما يُذكر اسم الفيلسوف والكاتب الإيطالي نيكولو مكيافيلي، مقروناً بأشهر إنتاجاته الفلسفية والسياسية "الأمير"، إذ طالما استأثرت مضامين الكتاب الاهتمام أكثر من حياة مكيافيلي ذاته.

وعلى الرغم من مرور 494 عاماً على وفاة ميكيافيلي، فإن تنظيره السياسي في كتاب "الأمير" يستمر في إثارة الجدل، لكونه من أول الكتب الفلسفية التي فصلت السياسية عن الأخلاق.

ومكيافيلي، الذي توفي في 21 يونيو 1527، أعد كتاب "الأمير" لكي يكون بمنزلة دليل قصير يعين الأمراء على الاضطلاع بمهامهم، وأسس من خلاله نمطاً من السياسية اللاأخلاقية.

مكيافيلي.. الدبلوماسي

على الرغم من شهرته المدوية، فإنه لا تتوفر معلومات تفصيلية عن نشأة وحياة مكيافيلي قبل أن يخطو خطواته الأولى في السلك السياسي والدبلوماسي بمدينة فلورنسا محل ميلاده. وأغلب الظن أنه تتلمذ في الصغر على يد أستاذ لاتيني شهير يُدعى "باولو دا رونسيغليوني"، كما يتكهن البعض أنه التحق بجامعة فلورنسا في شبابه، وفقًا لموقع موسوعة ستانفورد للفلسفة. 

وفي عام 1498 ومع نهايات القرن الخامس عشر، بدأ مشوار مكيافيلي المهني في الازدهار، إذ تم تعيينه المستشار الثاني لجمهورية فلورنسا، ولم يكن تجاوز الـ29 من عمره.

ووفقًا لموقع History، فإن مكيافيلي الشاب أثبت جدارته بتطبيق سياسات عززت من شأن مدينته، واضطلع كذلك بمهام دبلوماسية عديدة مكنته من مقابلة عدد من أبرز وجوه زمانه، من بينهم البابا يوليوس الثاني، والإمبراطور الروماني ماكسيميليان، ولويس الثاني عشر ملك فرنسا، فضلًا عن أحد أمراء الولايات البابوية ويدعى سيزار بورجيا، الذي يُعتقد أنه ألهم مكيافيلي أثناء إعداد "الأمير". 

مكيافيلي.. السجين

في بداية القرن السادس عشر وتحديداً عام 1512، عادت أسرة الميديتشي إلى سُدة الحكم في فلورنسا، فأصبح رجل السياسة والدبلوماسية في عصر الجمهورية في وضع لا يُحسد عليه، حتى أنه ذاق مرارة الظلم بنفسه عندما اتُهم بالتآمر على العائلة الحاكمة، فُسجن وتعرض للتعذيب، والنفي المؤقت، وفقاً لموقع History.

تجربة السجن كانت هي ما دفعت مكيافيل لإعداد كُتيبه الشهير "الأمير"، الذي رغب من خلاله في التقرب لآل ميديتشي والعودة للمطبخ السياسي الفلورنسي. 

وبعد الخروج للحرية، انتقل مكيافيلي إلى منزله الريفي خارج فلورنسا وعكف على كتابة "الأمير"، الذي يبدو وفقاً لموسوعة "ستانفورد" للفلسفة أنه كُتب على عُجالة، لكنه لم يُحقق الصدى المأمول.

ويُعتقد أن رأس العائلة المُستهدف من قِبل الكتاب، لورينزو ميديتشي لم يقرأه على الإطلاق ولم يُعد كاتبه إلى باحة السياسة، بل إن كُتيب مكيافيلي أثار استياء الجمهور من أبناء فلورنسا، وفقاً لـ"ستانفورد".

"الحاكم المثالي"

أفاد موقع yale insights في أحد المقالات الأكاديمية بأن كتاب "الأمير" يشبه "دليل استعمال للحكام"، ويؤكد كاتبه بوضوح في غير موضع منه أنه غير مهتم باليوتوبيا أو الجمهوريات المثالية الفاضلة، ليُصبح بذلك أول المفكرين والمنظرين الذي يعمدون إلى فصل السياسة عن الأخلاق بشكل قاطع، وذلك على عكس الإرث الفلسفي منذ عصر أرسطو الذي يعتبر السياسة أحد أفرع الأخلاق. 

وفي كتابه الذي لم يُنشر في هيئته الأخيرة سوى عام 1532 بعد وفاته، يضع مكيافيلي رؤيته للحاكم المثالي، فهو طاغية لا أخلاقي، يُدير أموره وفقاً لمبدأ "الغاية تبرر الوسيلة"، كما ورد بموقع History.

كما أنه يعتبر أن الاستحواذ على السلطة ثم الحفاظ عليها يجب أن يكون الهم الشاغل والوحيد للحاكم وفقًا لموسوعة ستانفورد للفلسفة. 

وعلى الرغم من فشل محاولته في جذب أنظار الحكام عبر كُتيب "الأمير"، فإن مكيافيلي استمر في تقديم أعمال مختلفة بعيداً عن دائرة الضوء، من بينها الأدب والدراسات، فكتب القصائد والمسرحيات، وقدم دراسة بعنوان "فن الحرب" عام 1521، كما كتب "مناقشات عن كتب تيتوس ليفي العشرة"، الذي تضمن مناقشات بشأن النظام الجمهوري، وأظهر من خلاله أفكاراً أخلاقية ومبادئ لم تتضمنها صفحات "الأمير" على الإطلاق. 

وقبل وفاته ببضعة أعوام، حقق مكيافيلي أمله في إرضاء العائلة الحاكمة التي لفظته، بل أنه كُلف رسميًا بكتابه عمل عن تاريخ فلورنسا، أنجزه في عام 1525 قبل وفاته بعامين فقط، وفقاً لموسوعة ستانفورد للفلسفة.