قال الرئيس التنفيذي لهيئة التراث السعودية، جاسر الحربش، إن تسجيل منطقة "حمى الثقافية" ضمن قائمة التراث العالمي، سيساهم في تنشيط حركة السياحة بالمملكة، مشيراً إلى أن هذه الخطوة تأتي ضمن تنفيذ رؤية 2030 في المملكة.
وأضاف في مداخلة مع "الشرق": "منظمة اليونسكو في عام 1972، أقرّت اتفاقية مواقع التراث العالمي والتي تضم عناصر عدّة، من ضمنها أن تسجيل مواقع على مستوى العالم، يتحقق بشروط صعبة".
وتابع: "سجلت المملكة 6 مواقع في قائمة التراث العالمي، والتي تمت بشكل نموذجي، وتم إعداد ملف وفقاً لمعايير ترشيح اليونسكو، تحت إشراف فريق وطني محلي، يضم أعضاء من هيئة التراث ووزارة الثقافة والجامعات السعودية، مع الاستعانة بخبرات دولية وعربية".
وأعلن وزير الثقافة السعودي الأمير بدر بن عبدالله بن فرحان، السبت، أن المملكة نجحت في تسجيل منطقة "حمى الثقافية" بنجران جنوبي البلاد، ضمن قائمة التراث العالمي لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (يونسكو)، بوصفه موقعاً ثقافياً ذا قيمة عالمية استثنائية للتراث الإنساني.
رؤية 2030
وحول العلاقة بين تسجيل منطقة "حمى الثقافية" في قائمة التراث العالمي، واهتمام المملكة فيما يتعلق بالتراث والثقافة تحت مظلة رؤية 2030، قال الحربش: "ما حدث هو من المؤشرات الرئيسية التي تتضمنها رؤية 2030 حول التراث الثقافي، والمستهدفات لتسجيل عدد من المواقع في قائمة التراث العالمي".
وتابع: "نحن نعمل ضمن منظومة كبيرة، على رأسها رؤية المملكة 2030، ثم تأتي وثيقة وزارة الثقافة ثم هيئة التراث".
جذب السياح
وعن دور منطقة "حمى الثقافية" في تنشيط حركة السياحة، أوضح الحربش: "دورنا في هيئة التراث ليس فقط الحفاظ على التراث وحمايته وهي مهمة جداً، ولكن يهمنا أيضاً التفعيل والتشغيل بما لا يتعارض مع أصالة الموقع، أو أي ضوابط وأنظمة محلية أو ضوابط اليونسكو".
وتابع: "الآن نحن أمام فرصة كبيرة لزيادة عدد الزوار، وزيادة عدد الرحلات الثقافية السياحية بالتعاون مع الهيئة السعودية للسياحة، وزيادة البرامج التعليمية بالتنسيق مع الجامعات السعودية، وزيادة حركة الخبراء الدوليين، الذين يرغبون زيارة هذا الموقع بشكل خاص".
وأوضحت وكالة الأنباء السعودية (واس)، أنه تم تسجيل المنطقة خلال اجتماعات الدورة الـ44 للجنة التراث العالمي المنعقدة في مدينة فوزهو الصينية، مشيرةً إلى أن المملكة "تكون بذلك قد نجحت في تسجيل سادس موقع سعودي في هذه القائمة العالمية الرفيعة".
العمق الثقافي
ونقلت "واس" عن وزير الثقافة السعودي الأمير بدر بن عبدالله قوله إن "المواقع السعودية المسجلة في قائمة التراث العالمي باليونسكو، إلى جانب العناصر الثمانية المسجلة في قائمة التراث الثقافي غير المادي، تؤكد المدى غير المحدود الذي يمكن أن تُسهم به المملكة في خدمة التراث الإنساني العالمي المشترك، انطلاقاً من عمقها التاريخي الغني".
وأضاف: "المملكة غنية بمواقع التراث المهمة على خارطة الحضارات الإنسانية، وإن الجهود تتكامل لتعريف العالم عليها، ولتسجيلها في جميع السجلات الوطنية والدولية، كونها ثروة حضارية وعمقاً ثقافياً للمملكة".
الفن الصخري
وتقع منطقة الفن الصخري الثقافي في حِمى على مساحة 557 كم مربع، وتضم 550 لوحة فن صخري تحوي مئات الآلاف من النقوش والرسوم الصخرية، بسحب "واس".
وتعد المنطقة واحدة من أكبر مجمعات الفن الصخري في العالم، وتقع عند نقطة مهمة في طرق القوافل القديمة وطرق التجارة التي تعبر الأجزاء الجنوبية من شبه الجزيرة العربية.
كما يعتقد أنها كانت أحد الأسواق الرئيسية في شبه الجزيرة العربية القديمة، وتمثل الآبار الموجودة في بئر حِمى آخر نقاط إمدادات الماء على طريق الشمال، والأولى بعد عبور الصحاري على طريق الجنوب.
ويضم موقع حِمى عشرات الآلاف من النقوش الصخرية المكتوبة بعدة نصوص قديمة، تضم نقوشاً بالقلم الثمودي، والنبطي، والمسند الجنوبي، والسريانية واليونانية، بالإضافة إلى النقوش العربية المبكرة (من فترة ما قبل الإسلام)، والتي تعد بدايات الخط العربي الحديث.
وتمثل فنون ونقوش حمى الصخرية مصدراً لا يقدر بثمن للتوثيق الكتابي والفني والتاريخي وحتى الإثنوغرافي لأحداث التغير المناخي خلال الفترة السائدة، ويتجلى ذلك من خلال البقايا الأثرية الشاسعة التي تم العثور عليها في موقع حِمى بمنطقة نجران على شكل مذيلات ومنشآت ومقابر ركامية، وورش لتصنيع الأدوات الحجرية مثل الفؤوس والمدقّات ورؤوس السهام الحجرية.
وكانت السعودية سجلت في وقت سابق 5 مواقع في قائمة التراث العالمي وهي: موقع الحِجر (شمال)، وحي الطريف بالدرعية التاريخية (وسط)، وجدة التاريخية (غرب)، ومواقع الفنون الصخرية بمنطقة حائل (شمال)، وواحة الأحساء (شرق).