مؤسس "دار رشم": الكتاب الورقي حاضر بقوة في العالم العربي

time reading iconدقائق القراءة - 9
كتب صادرة عن دار رشم السعودية - @rashm_ksa
كتب صادرة عن دار رشم السعودية - @rashm_ksa
الرياض-حسن رحماني

يوجد في المملكة نحو 500 دار نشر في مختلف الاتجاهات الثقافية، يتقاسمها القطاع الحكومي والخاص. لكن الجوائز الممنوحة لتلك الدور، أصبحت معياراً للجودة ومحركاً للمبيعات، وجسراً نحو الشراكات الدولية والترجمات، والتوسّع في الأسواق العالمية.

أحد أهم عوامل النجاح في هذا المجال المتنامي، هي عملية التحرير الجادّة والمتقنة، التي تمنح الدار فرصاً أكبر لأعمالها كي تنافس في المشهد الثقافي، صارت فيه الجوائز جزءاً من معادلة الاستدامة.

 الشرق حاورت صالح الحمّاد، مؤسس "دار رشم"، إحدى التجارب السعودية في مجال النشر والتوزيع، التي حققت إصدارتها في أقل من 6 سنوات، 5 جوائز محلية وعالمية، فضلاً عن الترشيحات للقوائم القصيرة والطويلة.

حصدت الدار رغم عمرها الذي لا يتجاوز 6 سنوات عدداً من الجوائز والترشيحات، ما سر تميّزها؟

دعني أتحدث بداية عن معنى رشم، ويعني الأثر الباقي. هذا هو ديدنا والتزامنا منذ البداية، أي إصدار أعمال ذات جودة عالية قادرة على البقاء. ومنذ إصدارنا الأول لرواية "حفرة إلى السماء"، وصلت إلى القائمة الطويلة لجائزة بوكر العربية.

في رشم نولي التحرير عناية فائقة، فلا نكتفي بالتدقيق اللغوي، بل نراجع البنية السردية، والشخصيات، الحوار، والمرجعيات التاريخية والاجتماعية. كما نعمل مع الكاتب خطوة بخطوة، لنخرج بعمل متكامل. نحرص منذ البداية على انتهاج سياسة احترافية واعية، تضع الجودة فوق كل شيء.

كم تستغرق عملية احتضان الأعمال غالباً؟

النشر ليس مجرد إصدار كتاب، بل هو مشروع متكامل يبدأ من الفكرة، وينتهي بخطة تسويقية مدروسة. في المتوسط، تستغرق العملية نحو 6 أشهر، وقد تمتد في بعض الحالات إلى سنة ونصف، وذلك بحسب طبيعة العمل ومتطلباته.

نحن نسعى إلى محاكاة النموذج البريطاني في النشر، حيث يتم التخطيط لإطلاق الكتاب في موعد محدد، ضمن خطة تسويقية تُبنى مسبقاً، وهذا ما نعمل على تطبيقه تدريجياً في الدار.

ولكي نصل إلى الجودة التي نطمح إليها، فإننا لا نكتفي بالتحرير التقليدي، بل نعمل على بعض الأعمال مع محررين متخصّصين، كما نرصد ميزانية خاصة تصل إلى عشرة آلاف ريال للعمل الواحد قبل صدوره. لقد أثبتت التجربة، أن بعض الأعمال حقّقت نجاحاً كبيراً على مستوى المبيعات والشراكات.

هل سبق لكم الرهان بالفوز على أعمال معيّنة؟

نعم، هناك أعمال نراهن عليها بثقة كبيرة، مثل رواية تغريبة القافر للكاتب العُماني زهران القاسمي، التي كنا شبه متيقنين من نجاحها، والحمد لله أننا كسبنا الرهان، وحصلت على الجائزة العالمية للرواية العربية عام 2023.

ومع ذلك، فإن الجوائز تخضع في النهاية لذائقة لجان التحكيم، ولهذا نحرص على ترشيح أكثر من عمل، وفي اتجاهات مختلفة، لزيادة فرص التقدير والوصول إلى منصّات التكريم.

هل يمكن اعتبار الجوائز أداة استثمارية؟

استثمارنا في الأصل يعتمد على المبيعات، لذلك نركز على الاستدامة المالية عبر المبيعات. وبالنظر للجوائز، فهي تعتبر أداة استثمارية مهمة، لا يمكن إغفالها. لقد ضاعفت المبيعات بنسبة تصل إلى 700% كما هو الحال مع رواية "خبز على طاولة الخال ميلاد"، و"رواية تغريبة القافر" الفائزتين بجائزة بوكر، إضافة للفائدة التي تطال جميع منشورات الدار، فالقارئ أصبح ينظر إلى كل إصدار على أنه معيار جودة، حتى إن لم يفز بجائزة.

هل هناك انعكاسات مباشرة نتجت عن حصولكم على الجوائز؟ 

ما حقّقته رشم من جوائز وترشيحات، كان له انعكاس واضح في اتجاهات عدّة. فالجوائز جعلت كبار الكُتّاب يلتفتون إلينا بهدف النشر، كما فتحت باب الشراكات مع جهات محلية مثل هيئة الأفلام ومركز "إثراء"، وكذلك شراكات دولية في روسيا وأميركا وإسبانيا. كذلك تلقينا عروضاً لترجمة الأعمال الفائزة، وعروضاً أخرى للترجمة والنشر المشترك.

في تجربة الترجمة ما هي الآليات التي تعتمدونها لضمان الجودة؟

الحقيقة أن الترجمة أمر شائك، ويحتاج لجهد كبير ومتقن. لذلك أنشأنا نظاماً إشرافياً يخضع لمعايير عالية الجودة، حيث يتولى مترجم متخصّص لكل لغة، مثل الدكتورة إيمان معروف للإنجليزية، والدكتور محمد القاضي للفرنسية، ثم تأتي بعد ذلك مرحلة المراجعة والتحرير.

تتجه المملكة نحو الرقمنة على كافة الأصعدة كيف تتعاملون مع هذا التوجه وكيف تتم الاستفادة منه؟

الكتب الرقمية لا تتجاوز 15% من المبيعات، لكننا نستثمر فيها عبر منصّات مثل أمازون وأبجد. وعلى الرغم من صعود الأجيال الرقمية، فالكثير من القرّاء لا يزالون يفضّلون الكتب الورقية، بل إن بعضهم يشتري النسخة الورقية بعد تجربة النسخة الرقمية، فالكتاب الورقي ما زال حاضراً بقوّة في العالم العربي.

دور النشر بدأت في تحويل الأعمال إلى نسخ رقمية وصوتية، فالكتب الرقمية تتيح للناشرين أدوات قياس دقيقة، مثل عدد القراءات والتفاعل مع المحتوى، مما يساعد في تقييم نجاح الكتاب وتحديد مدى الإقبال عليه، كما أنها تفتح آفاقاً جديدة للوصول إلى جمهور عالمي

ونحن لدينا في دار "رشم"، كل كتاب يطبع يجب أن يكون له نسخة رقمية، توزع غالباً عبر المنصات العالمية، ومع ذلك الرقمنة ليست بديلاً، لكنها بل مكمل ضروري لتطوير صناعة النشر.

 كيف ترى حضور الكتاب السعودي في سوق النشر العالمي؟

أعتقد أن الحضور في تصاعد، لكننا نحتاج إلى حجم طبعات أكبر، وحملات تسويق أقوى، كي ننافس الدور العالمي. الحقيقة أن الكاتب السعودي يمتلك كل المقومات التي تؤهله للحضور عالمياً، لكن المشكلة أن دور النشر لا تقوم بدورها كما ينبغي.

تصدر  الكثير من الكتب بشكل خجول، وكأنها غير مهتمة بالوصول أو التأثير، وهذا ينعكس مباشرة على فرص الترجمة والانفتاح على العالم.

ورغم غياب الإحصاءات الدقيقة، يمكنني القول إن هناك حركة نشطة هذا العام. في دار رشم نعمل حالياً على ترجمة 25 كاتب سعودي إلى لغات عدّة، منها الإسبانية، الصينية، الكردية، الإنجليزية، والفرنسية. يُعدّ ذلك مؤشر على أن هناك طاقات سعودية تستحق أن تُقرأ بلغات العالم، فقط إن وجدت من يفتح لها الأبواب.

بعد هذه المسيرة المثمرة بالجوائز ما هي تطلعاتكم؟

أعظم جائزة هي أن يحتفي بك الوطن. حلمنا الكبير في الدار، أن نحقّق جائزة المؤسسات الثقافية ضمن  الجوائز الثقافية الوطنية السعودية، فهذا شرف وحلم لكل ناشر سعودي.

تصنيفات

قصص قد تهمك