غيّب الموت الشاعر الصربي الأميركي المعروف تشارلز سيميك، عن عمرٍ ناهز 84 عاماً، وذلك أثناء وجوده في دار رعاية صحية للمسنّين في نيو هامبشاير، وذلك "بفعل الشيخوخة ومضاعفات الخرف"، كما قال صديقه ومحرّر كتبه منذ فترة طويلة دانييل هالبيرن لصحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية.
عُرف سيميك الملقّب بـ"أمير شعراء أميركا" بغزارة إنتاجه، وتجاوزت أعماله 80 كتاباً بين الشعر والنقد والترجمة، ونال العديد من الجوائز، أبرزها جائزة "بوليتزر" عام 1990 عن كتابه "العالم لا ينتهي"، ومِنحة العبقري" لمؤسسة ماك آرثر، وجائزة "كرفن" العالمية للشعر، وجائزة "والاس ستيفنز".
مصير قاسي
كتب سيميك الشعر دائماً كشخصٍ نجا من مصيرٍ قاسٍ ومخيف، وقد بقي مشدوداً إلى طفولته في زمن الحرب، وإلى الحياة اليومية في بلغراد. إذ عاش سنين الكارثة التي حلّت بأوروبا خلال الحرب العالمية الثانية. وكتب في قصيدة بعنوان "كلبان" يتذكر فيها الجنود الألمان وهم يسيرون بالقرب من منزل عائلته عام 1944، "الأرض ترتجف ، والموت يمرّ".
تميّزت قصائده بالحكايات الشعبية وقصص النشّالين والأحقاد القديمة، وكانت مليئة بالموضوعات الفلسفية، والجنس، وأغاني البلوز، والمحادثات في وقتٍ متأخّر من الليل.
اختير مستشاراً للأكاديمية الأميركية للشعر، ولقّب بـ"أمير شعراء أميركا" عام 2007، وعلّق حينها قائلاً: "لقد تأثّرت بشكلٍ خاصّ ويشرّفني أن يتم اختياري، لأنني فتى مهاجر لم أتحدث الإنجليزية حتى بلغت الخامسة عشرة من عمري".
سيرة سيميك
ولد سيميك عام 1938 في مدينة بلغراد عاصمة يوغوسلافيا السابقة، وانتقل إلى الولايات المتحدة عندما كان في سن المراهقة. مع بداية الحرب واحتلال دول المحور (ألمانيا النازية وإيطاليا واليابان) لبلاده، هرب والده مهندس الكهرباء إلى إيطاليا عام 1944 بعد اعتقاله مرّات عدّة. ثم سافر إلى الولايات المتحدة ، لكن عائلته لم تتمكّن من الانضمام إليه إلا بعد سنوات وتحديداً عام 1954. وقد قال الشاعر لاحقاً: "وكلاء سفري كانوا (أدولف) هتلر و(جوزيف) ستالين".
اضطر سيميك أن يعمل في مهن عدّة حتى يكمل تعليمه المسائي في شيكاغو، كما عمل كمدقّق لغوي وعامل يومي في مكتب صحيفة "شيكاغو صن تايمز". يقول كنت أكتب الشعر ليلاً، وكنت أكتب دائماً باللغة الإنجليزية، لأني أردت أن يفهم أصدقائي والفتيات الذين أحبهم قصائدي".
نشر أوّل قصيدة له عام 1959، وأصدر بعد تخرّجه من جامعة نيويورك مجموعته الشعرية الأولى "ما يقوله العشب" عام 1967.
وقال في إحدى مقابلاته إنه شرع في كتابة رواية في سن العشرين، "وهو قرارٌ أندم عليه، إذ لا بد أن تكون على درجة من الحماقة كي تبدأ كتابة رواية وأنت في العشرين... أتذكّر بأنني كتبتُ الحبكة الروائية، وعند الصفحة 55 توقفت بعد أن نفدتْ مني الأفكار".
يكتب بعمقٍ خاص
مراسل "جورجيا ريفيو"، بيتر ستت، كتب يقول: "أمضى سيميك الأعوام الأحد عشر الأولى من حياته يُواجه مخاطر الحرب العالمية الثانية مقيماً في أوروبا الشرقية، وهذه الفترة جعلته كاتباً منفياً يكتب بعمق خاصّ. إنه واحد من أكثر الشعراء حكمة بين أبناء جيله".
أبرز أعماله الشعرية: "تعرية الصمت" "مدرسة لأفكار سوداء" ،"أغاني بلوز لا تنتهي"، "أرق الفنادق"، "عرس في الجحيم"، "اصطحاب القطة السوداء"، "نزهة ليلية"، "ستون قصيدة"، "العودة إلى مكان مُضاء بكوب حليب"، "ذبابة في الحساء".
اقرأ أيضاً: