"الأمثال الشعبية وعلم الجغرافيا".. كتاب يربط الموروث الثقافي بالزمان والمكان

time reading iconدقائق القراءة - 5
غلاف كتاب الأمثال الشعبية وعلم الجغرافيا" الصادر عن الهيئة المصرية العامة للكتاب. - Facebook/haresgeo
غلاف كتاب الأمثال الشعبية وعلم الجغرافيا" الصادر عن الهيئة المصرية العامة للكتاب. - Facebook/haresgeo
القاهرة- رويترز

تختزل الشعوب خلاصة خبراتها وتجاربها في الحياة ببضع كلمات يسمونها "الأمثال الشعبية"، ولأن كل مَثل يحمل دلالة ومعنى وفقاً للزمان والمكان الذي ظهر فيه، كان للأكاديميين والمؤرخين دور مهم في ربطه بسياقه.

وسعى الباحث المصري حارص عمار النقيب في كتابه "الأمثال الشعبية وعلم الجغرافيا"، والصادر عن الهيئة المصرية العامة للكتاب ضمن سلسة "الثقافة الشعبية"، ويقع في 208 صفحات من القطع المتوسط تشمل فصلين رئيسيين، أولهما يربط الأمثال الشعبية والجغرافيا البشرية، والثاني بين الأمثال الشعبية والجغرافيا الطبيعية، مع مقدمة وملحقين.

ويلقي الكتاب في البداية الضوء على مكانة الأمثال لدى الشعوب العربية، فقال إن "العرب من أكثر وأقدم الشعوب التي استخدمت الأمثال للتعبير عن واقعهم السياسي والاجتماعي والاقتصادي والنفسي، أو لتعليم أبنائهم، ومن هنا اكتسب المثل أهمية كبرى في حياة الإنسان العربي، إضافة إلى ذلك قد يكون المثل مخزناً لبعض وقائع العرب وتاريخهم".

ثم سرد الكتاب الخصائص العامة للأمثال الشعبية، ومنها الإيجاز، والأصالة، والواقعية، والبلاغة والموسيقى، والعلاقة بينها وبين الحكايات الشفهية، والسير الشعبية، والملاحم، والقصص الغنائية الشعرية.

الأمثال.. فيزياء الشعوب

وفي الفصل الأول "الأمثال الشعبية والجغرافيا البشرية"، يشرح المؤلف كيفية تصنيف الجغرافيا البشرية من حيث طبيعة المجتمعات، سواء كانت ريفية أم حضرية وأنشطتها الاقتصادية، من زراعة، وتجارة، وصناعة، وصيد، وانعكاس كل هذا على الأمثال الشعبية.

غلاف كتاب الأمثال الشعبية وعلم الجغرافيا

ومن الأمثلة الواردة في هذا الفصل المتعلقة بالجغرافيا الصناعية "صنعة الحدادة كلها سعادة"، و"إدي (أعطِ) العيش لخبازه ولو ياكل نصه (نصفه)"، و"الكسل آخرته فشل"، وهي أمثال يراد بها الإشارة إلى أهمية وضرورة الخبرة في العمل.

ثم ينتقل المؤلف إلى جغرافيا التجارة وعلاقتها بالأمثال الشعبية، مُدللاً على هذه العلاقة بأمثال مثل "التجارة شطارة (مهارة)"، و"إذا لقيت (وجدت) الغالي في السوق تمّنُه (أعرب عن تقديرك له)"، و"الحلو (الجيد) غالي والوِحش (السيئ) رخيص".

كما تطرق إلى الجغرافيا الثقافية التي تفرز أحياناً أمثالاً شعبية على لسان أبناء الدولة أو الشعب نفسه الذي قيل فيه المثل أو على لسان شعوب أخرى من واقع خبرتها عن هذا الشعب، ومنها المثل البولندي "كٌل في بولندا، واشرب في المجر، ونم في ألمانيا، وغازل في إيطاليا".

وتطرق المؤلف للجغرافيا الدينية وعلاقتها بالأمثال الشعبية، فقال: "هناك العديد من الأمثال الشعبية التي يتضح من خلالها دور الدين والبيئة المحيطة بالإنسان في صياغتها، وهو ما يعرف بالجغرافيا الدينية"، وأورد أمثلة منها "اللي يحبه ربه يحبب فيه خلقه (الناس)"، و"جاك (أتاك) الموت يا تارك الصلاة".

وفيما يتعلق بالجغرافيا الطبية التي أورد المؤلف تعريفات لها، من بينها "دراسة العوامل الجغرافية وتأثيرها في الصحة والمرض" وارتباطها بالأمثال الشعبية فيعرض بعضاً منها مثل "اتغّدّى واتمدّى ولو دقيقتين واتعشّى واتمشّى ولو ساعتين"، و"درهم وقاية ولا قنطار علاج"، و"سهر الليل يهد الحيل".

وفي الفصل الثاني من الكتاب، قال المؤلف إن الإنسان أثناء تعامله مع عناصر الجغرافيا الطبيعية المختلفة، التي تشمل أغلفة سطح الأرض الصخري والمائي والجوي والحيوي، اكتسب من خبرات صاغها على هيئة حكايات خرافية وأساطير وحكم وأمثال شعبية.

حكايات أجنبية

ومن بين الأمثال الشعبية العربية، التي تناولت جغرافيا التضاريس ومظاهر السطح، "أثقل من جبل" الذي يربط بين أحد مظاهر السطح والحالة النفسية للإنسان، و"خُد من التل يختل"، ويربط بين الإسراف وأحد مظاهر السطح المنتشرة في العالم العربي وهي التلال.

أما الأمثال الغربية التي تناولت جغرافيا التضاريس ومظاهر السطح، فمنها "البحار الهادئة لا تصنع بحاراً ماهراً"، و"الفقير على الأرض أفضل من الغني في البحر".

أما عن علاقة الأمثال الشعبية بالجغرافيا المناخية فأشار المؤلف إلى أن الأمثال ارتبطت بالتغييرات الجوية، مثل لون السماء وحركات الغيوم واتجاه وقوة الريح، ومن هذه الأمثال "اللي تجيبه الريح يضيعه المطر" و"النهار له عينين" و"برد الصيف أحد من السيف".

رابط آخر يضيفه المؤلف بين الأمثال الشعبية وما يصنفها بالجغرافيا الحيوية التي تشمل كل ما يحيط بالإنسان من نبات وحيوان.

وأورد العديد من الأمثال التي أضفت على البشر بعض صفات الحيوان، سواء كانت طيبة أم شراً، وخصائص النباتات البرية والمثمرة، ومن هذه الأمثال "إن غاب القط العب يا فار"، و"الطيور على أشكالها تقع"، و"الحداية (حدأة - طائر جارح) ما ترميش كتاكيت".

اقرأ أيضاً:

تصنيفات