يستضيف حرم الجامعة الأميركية بالقاهرة معرض "أرشفة الحياة اليومية" الذي يقدمه "مركز سرد للتاريخ والأبحاث الاجتماعية" أو "أرشيف شبرا"، بالتعاون مع منظمة "هجرات مصر" وبدعم مختبر العلوم الاجتماعية والإنسانية بالجامعة الأميركية.
يضم المعرض مجموعتين من الصور الفوتوغرافية الشخصية التي توثق لحياة أصحابها خلال منتصف القرن الماضي.
ويتزامن المعرض الممتد حتى 27 فبراير مع ورشة تشاركية تستهدف توطين الزوار على أساليب أرشفة مقتنياتهم الشخصية والحفاظ عليها بوصفها أدوات تمكن من صياغة إنتاج معرفي، كالصور، والرسائل، والعقود، والوثائق العائلية والخاصة، ما يمنح غير الباحثين والدارسين فرصة رواية تاريخهم الخاص.
جمعية مارجرجس
توثق أولى مجموعات المعرض الأنشطة والفعاليات التي احتضنتها إحدى الكيانات الخيرية في ضاحية روض الفرج بالعاصمة المصرية عام 1951، وهى جمعية مارجرجس القبطية الأرثوذكسية للأعمال الخيرية التي تأسست داخل شقة سكنية متواضعة، وانطلقت لتقدم أدواراً اجتماعية وترفيهية وتنموية.
يتنقل زائر المعرض إلى حجرات الجمعية قبل أكثر من 70 عاماً، فيتعرف على أنشطة الحياكة والقراءة والعروض الفنية وعزف الموسيقي.
وتلقي مجموعة صور الضوء على بعض الأنشطة الاجتماعية داخل الوحدة السكنية التي يشير إليها المعرض وسائر المنازل كوحدات اجتماعية متغيرة عبر التاريخ تُتنج وتصنع التاريخ الشخصي والعائلي.
حياة الغربة
المجموعة الأخرى تنقل للزائر لقطات خاصة وحميمية من الحياة اليومية لمواطن مصري هاجر إلى الولايات المتحدة وبالتحديد نيوجيرسي خلال ستينيات القرن الماضي، لتوثق كيفية تفاعله مع البيئة الغربية الجديدة بعيداً عن الوطن.
ويمكن من خلال الصور الفوتوغرافية تتبع إلهامي خليل الذي يستكشف ملامح المدينة الجديدة فيزور شوارع نيويورك وأضوائها الباهرة، ويتناول البيتزا في المدينة.
كما يمارس الرياضات الشتوية والتزلج برفقة الأصدقاء أو يمضي ليله في السمر والأحاديث أو حضور الاحتفالات والأنشطة الاجتماعية.
ويضم المعرض عروض فيديو حديثة يشارك من خلالها مهاجرون تجاربهم في الرحيل عن الوطن وما ترتبط به الهجرة من تغييرات ضرورية في اللغة والنظام المعيشي.
محتوى بصري
على الرغم من أن الأرشيف الشخصي أو العائلي قد يمتد ليشمل القصاصات الورقية والمراسلات وغيرها، إلا أن الصور الفتوغرافية تأتي في مقدمة العناصر القادرة على جذب الزوار من غير المتخصصين، على حد قول إيمان عفيفي، منسقة مركز سرد للتاريخ والأبحاث الاجتماعية.
وأضافت عفيفي لـ"الشرق": "في العادة يهتم الباحث بالوثائق، إلا أن الصور الفوتوغرافية والمحتوى البصري يجذب الجمهور من غير المتخصصين ويثير فضوله، خاصة أن اللقطات الفوتوغرافية القديمة شائعة ومألوفة فالجميع لديه مجموعته الخاصة".
ووفقاً لعفيفي يحاول معرض "أرشفة الحياة اليومية" أن يجعل من المنزل مساحة للإنتاج المعرفي الذي عادة ما يقتصر على المتخصصين والباحثين، موضحة: "في (مركز سرد) نستهدف المجتمعات المحلية التي عادة ما تشغل أحاديث الأكاديميين لكنهم سرعان ما يتم تهميشهم، نحن نحاول الاعتماد على عناصر كالمقتنيات الشخصية التي يعتبرها الأفراد محض خردة منزلية ومن ثم نرفع الوعي بقيمتها".
تحد أخلاقي
على هامش المعرض، ينظم "مركز سرد" و"منظمة هجرات مصرية" ورشة تشاركية تستهدف مساعدة الزوار على أرشفة مقتنياتهم الشخصية بأنفسهم والحفاظ عليها، سواء بغرض توريثها أو إعادة استخدامها لأغراض علمية.
وتشرح عفيفي: "لا يعني ذلك أن يصبح الزائر متخصصاً لكننا نحاول أن نزوده بالآليات والمنهجيات التي تمكنه من الأرشفة بنفسه، وبالطبع يمكن استخدام نتاج عملية الأرشفة في المجالات المعرفية لا الأبحاث والدراسات فقط ولكن من خلال سياقات ترفيهية كالبودكاست على سبيل المثال".
وأوضحت الباحثة أن الأرشيف الشخصي قد يضع الدارسين والمتخصصين أمام تحديات أخلاقية خاصة إذا عثروا على مقتنيات شخصية عن طريق المصادفة ووجدوا في مشاركتها مع الجمهور فائدة، إذ يتعين على الباحث الحصول على موافقة الأطراف المعنية قبل استخدام المقتنيات في معرض.
وتابعت: "عثرنا من قبل على مجموعة من الخطابات الشخصية في سوق العتبة، وكانت مثيرة للاهتمام، تحمل الكثير من التفاصيل العائلية والدلالات ولكن يطرأ هنا سؤال أخلاقي بشأن ما إذا كان يحق لنا مشاركتها أو يجب تتبع صاحب الخطابات والحصول على موافقته أولاً".
إقرأ أيضاً: