بعد مرور خمسين عاماً على الانقلاب الذي شهدته تشيلي، حين أطاح الجيش بالرئيس الاشتراكي المنتخب ديمقراطياً سلفادور أليندي، في انقلاب عسكري عام 1973، يفحص الفنان التشيلي Ignacio Gatica من خلال أعماله المعروضة في "von ammon co" في واشنطن، الآثار التي أحدثتها العولمة النيوليبرالية، متتبّعاً السياسات الاقتصادية التي بدأت من "وول ستريت" إلى البيت الأبيض.
يركز الفنان في معرضه الذي يحمل عنوان "Quantified Subject" على "الحياة المأساوية التي نعيشها بعد خمسين عاماً من عصر ما بعد الحداثة"، مستخدماً اللغة والعملة وتقنيات الفضاء الحضري، وأسماء الماركات التجارية الأشهر، كمواد للكشف عن التحوّلات التي تطبع حياتنا المعاصرة.
رموز الرأسمالية
معرض الفنان التشيلي "مشبع برموز الرأسمالية الجامحة، والنزعة الاستهلاكية التي روّجها نظام نيوليبرالي تم اختباره في بلاده خلال السنوات التي أعقبت الانقلاب، وتمّ تطويره بشكل أكبر في واشنطن العاصمة، محاكياً الشركات في مدينة نيويورك"، بحسب بيان الجاليري.
يهتم جاتيكا بالتجريد المتأصّل للعملة، من النقود المطبوعة إلى اختراع الائتمان إلى التمويل الرقمي، "الذي أصبح أكثر غموضاً مع مرور الوقت، بدءاً من متاجر المصمّمين المجهّزة، إلى الأرقام الحقيقية غير المفهومة التي تلقي الضوء على أكثر دول العالم مديونية".
"العلاج بالصدمة"
ينبع اهتمام الفنان بهذا الموضوع من تاريخه الشخصي، فقبل خمسين عاماً تحوّلت تشيلي إلى تجربة مفتوحة لأنظمة سوق التجارة الحرّة الأميركية، في ظل الحكم الاستبدادي الجديد للديكتاتور أوغيستو بينوشيه. تمّ نشر مجموعة من الاقتصاديين التشيليين وتدريبهم تحت إشراف الأميركي ميلتون فريدمان، لبدء اقتصاد جديد تماماً من خلال برنامج "العلاج بالصدمة".
تم دعم هذا التحوّل، الذي أسهم في مزيد من التمزّق الاجتماعي من قِبل إدارة نيكسون، ما يعكس الصراع المستمر من أجل الهيمنة الاقتصادية خلال الحرب الباردة. وُلد هذا المشهد الاجتماعي الاقتصادي خلال حكم بينوشيه، وبات يؤثر على نظرة الفنان إلى الحياة والفن.
يبدو المعرض الذي تبلغ مساحته 3500 قدم مربّع متناثراً، وهو تصميم هادف لخلق جو من الغياب والفراغ في مواجهة المادية.
في المنشور المصاحب للمعرض، تصف القيّمة إيزابيلا آخنباخ العمل بأنه "تنسيق آلي وجمالي أنيق، ومثال على دمج التكنولوجيا والهندسة المعمارية لإنشاء أشكال مرغوبة ومغرية، من خلال نظام غير إنساني يمليه الإنتاج الاقتصادي".
فوق أرضية المعرض ترتفع أكثر أعمال الفنان طموحاً "Stones Above Diamonds"، بقطر ثمانية أقدام، يظهر من خلالها مؤشّر الأسهم الدائري مع شاشة عرض LED للبيانات المالية من بورصة نيويورك، وأسعار الأسهم، واقتصاد الديون، والنزعة الاستهلاكية المتفشية، ووهم العيش في الرأسمالية.
يمتلىء المعرض بعبارات احتجاجية، مثل "نظّم غضبك"، و"الاقتصاد كإله"، و"الحياة اليومية التي تفرضها علينا"، و"منطقة الذبح"، و"كل العملات مزيفة ".. وكلها تعكس التباينات الموجودة في هذا المشهد الاقتصادي.
يطرح الفنان سؤالاً مركزياً حول "عالم يملك لغةً واحدة هي (المال)، مدفوعاً بالخوف من عدم امتلاك ما يكفي في مواجهة أزمات الإسكان والديون والسجن. ويعتبر أن الأميركيين هم "أقل حرية مما كانوا عليه في أي وقت مضى، وصور متاجر البيع بالتجزئة المهجورة في أعمالي، أقرب الصور لما لدينا من حياة".
اقرأ أيضاً: