تهتم الجزائر بالعمارة الطينية التي تميّز الأبنية التقليدية فيها، وهي تمثّل تراثاً معمارياً وثقافياً عريقاً، تشتهر به الواحة الحمراء خصوصاً، التي تحمل ملامح العمارة الإفريقية، وتمثّل الامتداد الإفريقي الطبيعي للجزائر.
في هذا الإطار، أطلق المركز الجزائري للتراث الثقافي التابع لوزارة الثقافة والفنون، حملةً لترميم وتحديث أكثر من 62 حصناً أثرياً مبنياً بالطين وثمانية مساجد، فضلاً عن إعداد ملفات التصنيف وطنياً ودولياً لمختلف المعالم الأثرية المبنية بالطين.
ومن بين تلك المعالم التراثية، القصور القديمة والمساجد والأضرحة والحصون التاريخية، الواقعة في إقليم قورارة، وغيرها من المناطق الجزائرية، بحسب وكالة الأنباء الجزائرية.
الهندسة الطينية
يُعدّ المركز الجزائري للتراث الثقافي المبني بالطين، أحد تلك الشواهد التي تجسّد الهندسة المعمارية الطينية الأصلية للمنطقة، وهو مشيّد من الطوب الطيني المزخرف بأنماط هندسية بربرية زناتية على كامل جدرانه، مما يجعله قبلة سياحية للزوّار من داخل الجزائر وخارجها.
يقع المركز في وسط الواحة الحمراء، واستغرق تشييده ست سنوات، وتمّ تصنيفه بموجب القرار المؤرّخ في 21 يناير 2015، معلماً تاريخياً ومركزاً علمياً، يهدف إلى إعادة تأهيل العمارة الطينية، من خلال تثمين التراث العمراني المبني بالطين، والمهارات المتّصلة به.
يعمل المركز على ضمان استدامة هذه الكنوز العمرانية الوطنية، بعدما كان في وقت سابق أحد أهم الفنادق في الجنوب الجزائري حتى إغلاقه سنة 1996، بحسب المدير المساعد للمركز، علاء بالواعر.
كما يعدّ المركز دراسات وأبحاثاً تسهم في تطوير وتحسين تقنيات حفظ الممتلكات الثقافية المبنية بالطين وترميمها وصيانتها، والتوثيق المعماري للمواقع التاريخية، وتوفير الحماية القانونية للممتلكات الثقافية الطينية، ذات القيمة على الصعيدين المحلي والوطني.
تشارك منظمات المجتمع المدني الناشطة في مجال التراث، بمختلف الفعاليات التي ينظّمها المركز، ومن بينها ورش التأهيل والدورات التكوينية، وبرامج لتعليم تقنية البناء بالطين، ودورات في فن الزخرفة والنقش على الطين.
استفاد حتى اليوم نحو 6 آلاف شخص من البرامج المتعلقة بالموروث الثقافي المحلي، وأهمية البناء بالمواد المحلية والطبيعية، التي "تسهم في إنعاش الاقتصاد المحلي، والمحافظة على المعالم الأثرية"، بحسب بالواعر.
رسومات ورموز
يحتوي المركز على رموز ورسومات منقوشة على جدرانه، ترتبط بتاريخ منطقة قورارة وسكان توات وزناتة، تعرّف بثقافة العيش التي تمزج بين الثقافة البربرية والإفريقية السودانية والزناتية، وهي مستوحاة من يوميات المواطن الجزائري.
وقال المهندس المعماري عقباوي شاكر: "إن المركز يضمّ أكثر من 12 مهندساً معمارياً يشرفون على تنفيذ مختلف المهام التقنية، على غرار ترميم الأبنية القديمة، وإعداد دراسات تقنية للمعالم الأثرية، وإعداد مخططات هيكلية، وتنظيم جولات على المعالم الطينية، برفقة علماء في الآثار والتاريخ وعلم الاجتماع.
ينظّم المركز في 18 مايو، ورشة تكوينية حول تقنيات البناء بالطين، تتزامن مع إحياء شهر التراث (18 أبريل- 18 مايو).
اقرأ أيضاً: