اختارت وزارة الثقافة الفرنسية الدبلوماسي والشاعر العراقي شوقي عبد الأمير، شخصية العام الثقافية 2023، ومنحته وسام الفارس في الفنون والآداب، الذي يعدّ أرفع وسام فرنسي.
وجاء في المذكرة الموقّعة باسم وزيرة الثقافة الفرنسية ريما عبد الملك ما يلي:
"لي الشرف والسرور الكبيرين، أن أعلن لكم أنني أمنحكم مرتبة الفارس في الفنون والآداب لعام 2023، وهي واحدة من الامتيازات الرئيسة الموجودة بين الامتيازات الأربعة في الجمهورية الفرنسية.
عبر هذه التكريم الذي يهدف إلى مكافأة الشخصيات التي تميّزت بإبداعها في ميادين الثقافة، وبدعمها ونشرها للمعارف والمؤلفات التي تشكّل ثروة في موروثنا الثقافي، تريد بلادنا أن تحيّي مساهمتكم في إغناء ونشر الفنون والآداب في فرنسا والعالم.
أتقدم لكم بتهانيّ الصادقة، وأنا سعيدة أن أسجّل بهذا التكريم التزامكم بخدمة الثقافة العزيزة على قلوب كل الفرنسيين".
مسيرة الشاعر
ولد شوقي عبد الأمير في الناصرية عام 1949، غادر العراق في سبعينيات القرن الماضي، وعمل في السفارة اليمنية بباريس كمستشار إعلامي، ومؤسس للمركز الثقافي اليمني.
تنقّل بين أمكنة عدّة آخرها باريس، وشكّل صلة وصل بين الثقافة الفرنسية والمشهد الثقافي العربي.
شغِل مناصب دبلوماسية عدّة، أبرزها مندوب دولة العراق الدائم لدى منظمة "اليونسكو"، ومستشار وناشط في مجال العلاقات الدولية لدى المنظمة نفسها، ومستشار ثقافي لرئيس الوزراء العراقي.
أسس مشروع "كتاب في جريدة"، وهو أكبر مشروع ثقافي عربي تحت رعاية منظمة "اليونسكو"، استمر لأكثر من 16 عاماً.
كما ترأّس تحرير عدد من الصحف العربية والمجلات من بينها "الصباح" العراقية والملحق الثقافي "بين نهرين".
كما عمل ضمن هيئة تحرير مجلة "مواقف" وما زال عضواً في هيئة تحرير مجلة "poésie" الفرنسية.
يشغل حالياً منصب مستشار رئيس معهد العالم العربي في باريس جاك لانغ، وهو مرشّح العراق لمنصب مدير عام المعهد.
20 مجموعة شعرية
الكتابة الشعرية والترجمة استحوذت على جزء كبير من مسيرة عبد الأمير، إذ أصدر أكثر من 20 مجموعة شعرية على مدى 45 عاماً، من بينها "حديث لمغنّي الجزيرة العربية"، "محاولة فاشلة للاعتداء على الموت" "أبابيل"، "حديث نهر"، " ديوان الاحتمالات "، "ديوان المكان"، "خيلاء"، "أنا والعكس صحيح" وعناوين أخرى في الشعر والترجمة.
تُرجمت مختارات من دواوينه إلى الفرنسية والإنجليزية، وحاز جائزة "ماكس جاكوب" للشعر المترجم في فرنسا.
وقد نقل إلى القارئ الفرنسي قصائد أدونيس، وسعدي يوسف، وأنطولوجيا الشعر العراقي اليمني.
شرق غرب
في حديثٍ خاص مع إحدى الفضائيات، قال عبد الأمير، "إن هذا الوسام هو تتويج لمسيرة ربطت الشرق بالغرب، فأنا منذ 40 عاماً في هذا الجسر الذي يمضي باتجاهين، بين الثقافة العربية والثقافة الفرنسية، بحثاً وترجمةً وشعراً".
أضاف: "الشرق والغرب يتواصلان شئنا أم أبينا عبر الجسور كافة، السياسية والاقتصادية والثقافية والحربية، لكن يوجد جسر عميق لا يُرى دائماً ولا يحتلّ الساحات، وهو جسر الثقافة والإبداع".
تابع: "نحن مستهلكون في الميادين الأخرى كلّها، إلا في الإبداع، نحن أنداد في الإبداع، نملك الشعر كما يملكونه، ونملك الرواية كما يملكونها، ونملك الفكر والفنون والسينما والموسيقى، في كل ميادين الإبداع نستطيع أن نكون أنداداً للغرب، لكننا في الميادين الأخرى مستهلكون".
وأكد عبد الأمير أنّ "صورة العربي اليوم في أوروبا بحاجة إلى عمل ثقافي عميق، لسنا بحاجة إلى عملٍ دبلوماسي أو سياسي أو تجاري، كلها مهمة، لكن الأهم منها هو الدور الثقافي".
أمكنة مطلقة
وكان في حديث سابق لصحيفة "الصباح" العراقية، تحدث عن تنقّلاته بين الأمكنة من خلال اللغة قائلاً: "الناصرية، أور، سوق الشيوخ، لم أسكنها، لكنّها تسكنني، وفي باريس أكتب بحبر هذه الأمكنة أحياناً. إنها عبارة عن مختبرات للنص، ينابيع تتدفّق عبرها الصور واللغة".
أضاف: "المكان بالنسبة إليّ شيء مطلق، أقول الناصرية كما أقول باريس أو اليمن أو بيروت، بمعنى أن علاقتي بها مجرّدة، شعرية بحتة، مفردة في نصّي، أحملها معي دائماً وإن لم أسكنها. أشعر بكل هذه الأمكنة في مكتبي وفي داري. اللغة تساعدني في تطويع هذه الفيزياء والجغرافيا وهذه التضاريس".
اقرأ أيضاً: