هكذا كتبوا عن "الحب في الحرب" قبل 265 سنة

الكشف عن رسائل إلى الأسرى الفرنسيين لم تصل أبداً

time reading iconدقائق القراءة - 5
رسائل حب فرنسية مختومة كتبت منذ 265 عاماً. 12 نوفمبر 2023 - cam.ac.uk
رسائل حب فرنسية مختومة كتبت منذ 265 عاماً. 12 نوفمبر 2023 - cam.ac.uk
دبي-الشرق

للمرة الأولى منذ قرون، تمّ تحرير "رسائل حب" فرنسية صادرتها بريطانيا قبل 265 عاماً، موجّهة إلى الجنود الفرنسيين في ذروة حرب السنوات السبع (1756-1763)، خلال الحرب الأنجلو- فرنسية، التي خاض فيها الجانبان صراعاً كبيراً على الأراضي في أميركا الشمالية.

وكانت الرسائل التي لم يتم تسليمها أبداً، موجّهة من خليلات وزوجات وعائلات الجنود الفرنسيين، الذين يخدمون على متن سفينة "جالاتيه" العسكرية، المتجهة من بوردو الفرنسية إلى كيبيك الكندية.

واستولت حينها البحرية الملكية البريطانية على رسائل حرب السنوات السبع، ونقلتها إلى الأميرالية في لندن، ولم تُفتَح على الإطلاق.

أرشيف المملكة المتحدة

الرسائل التي لم تصل أبداً، بقيت محفوظة في الأرشيف الوطني في المملكة المتحدة لعدة قرون، حتى قرر المؤرّخ رينو موريو، المتخصّص في التاريخ العابر للحدود الوطنية في القرن الثامن عشر، فتحه وقراءته للمرّة الأولى. 

وبحسب جامعة كامبريدج، فقد وجد موريو "حزمة من المشاعر الإنسانية في تلك الرسائل المؤثّرة التي تعبّر عن الحب، والغضب، وعدم اليقين، والغيرة، بين الجنود الذين يخوضون المعارك، وحبيباتهم أو زوجاتهم وعائلاتهم".

صندوق المراسلات

وكان البروفسور رينو موريو من جامعة كامبريدج، طلب صندوق المراسلات من الأرشيف "بدافع الفضول"، أثناء إجراء بحث لكتابه عن الحرب الأنجلو-فرنسية. ووجد فيه ما يزيد عن 100 رسالة، مجموعة في ثلاث حزم مربوطة بأشرطة، وكلها تقريباً لا تزال مختومة في مظاريف بطوابع الشمع الأحمر.

تولى موريو دراسة أكثر من 100 رسالة، وقال في بيان "سأكون أوّل شخص يقرأ هذه الرسائل الشخصية للغاية منذ كتابتها قبل 265 عاماً".

أسرى الحرب

لكن سفينة النقل التي تحمل هذه الرسائل لم تصل، بعد أن استولت عليها البحرية الملكية البريطانية، وتم أسر طاقمها المؤلف من 181 فرداً. بعدها قامت إدارة البريد الفرنسية بإرسال حقيبة البريد إلى الأميرالية في لندن، متوقّعة أن تسلم الوكالة الرسائل إلى السجناء. وذلك لم يحدث على الإطلاق.

بعد سنوات، تم نقل الرسائل إلى الأرشيف الوطني، حيث بقيت منسية، حتى قرّر موريو الكشف عنها.

وقال موريو عن فشل الأميرالية في تسليم البريد: "إنه لأمر مؤلم حقاً"، أضاف: "يبدو أن المسؤولين فتحوا بعض الرسائل وقرأوها، واحتفظوا بها في المخزن بعد أن اكتشفوا أنها تضم أشياء عائلية فقط.

أمضى موريو خمسة أشهر في التعرّف على كل بحّار على متن السفينة "جالاتيه"، وتفسير الرسائل، ووجد أن 59% منها كتبت بواسطة نساء، إلى رجال لم يقرؤها.

ومع ذلك، قدمت هذه الرسائل للمؤرّخ نظرة ثاقبة عن حياة الشعب الفرنسي في القرن الثامن عشر، ومشاعره ومعارفه ومستوى القراءة والكتابة لديه.

كتبت ماري دوبوسك لزوجها، "يمكنني قضاء الليل في الكتابة إليك. أنا زوجتك المخلصة إلى الأبد. ليلة سعيدة يا صديقي العزيز. الوقت منتصف الليل. أعتقد أن الوقت حان بالنسبة لي للراحة." (توفيت ماري في العام التالي، قبل إطلاق سراح زوجها، وتزوّج مرة أخرى عام 1761).

وفي رسالة ماريان إلى خطيبها نيكولا كويسنيل، أثنت عليه فيها؛ لأنه كتب إلى والدته بعد صمت طويل قائلة: "لقد حلّت السحابة السوداء، رسالة تلقتها والدتك منك، تنير الأجواء".

المجلة الفرنسية

وبحسب موريو، فقد احتوت معظم الرسائل على أخطاء إملائية وعلامات ترقيم سيئة، وبعضها مملوء بالهوامش لتحقيق أقصى استفادة من الورق الباهظ الثمن. 

ووفقاً لموريو "فإن هذه الأحداث تعكس نقص المعرفة بالقراءة والكتابة بين الطبقات الاجتماعية الدنيا، لكن ذلك لم يمنعهم من البقاء على اتصال مع أحبائهم".

وأوضح أن معظم الأشخاص الذين أرسلوا هذه الرسائل، "كانوا يخبرون الكاتب بما يريدون قوله، واعتمدوا على الآخرين لقراءة رسائلهم بصوت عالٍ".

وقال "إن البقاء على اتصال كان بمثابة جهد مجتمعي. إذ يمكنك المشاركة في فعل الكتابة، من دون أن تعرف كيفية الكتابة أو القراءة."

نُشِر بحث موريو في دراسة في المجلة الفرنسية "أناليس". تاريخ العلوم الاجتماعية، متوّجاً بما أسماه البحث "العاطفي". وجاء في البحث"هذه الرسائل تدور حول تجارب إنسانية عالمية، وهي تكشف كيف نتعامل جميعنا مع تحديات الحياة الكبرى".

تصنيفات

قصص قد تهمك