ماذا يضع المثقفون العرب على أجنداتهم في 2024؟

time reading iconدقائق القراءة - 9
مكتبة برلين. 28 أغسطس 2023 - AFP
مكتبة برلين. 28 أغسطس 2023 - AFP
القاهرة-شريف صالح

ينتهي كل عام بكشف حساب نسجّل فيه ما لنا وما علينا، ويبدأ عام آخر بأمنيات ووعود وخطط.. مشاريع مؤجّلة نرغب في إنجازها، ومسارات جديدة نطمح في الذهاب إليها. 

فماذا عن خطط ومشاريع الكُتّاب والمبدعين العرب في 2024؟ أي قائمة كتب يستعدّون لقراءتها؟ وأي إصدارات يخططون كي ترى النور خلال الشهور المقبلة؟ هل سنراها مطبوعة في قادم الأيام؟

تغيير نوعية القراءة

دخل الروائي السعودي فهد العتيق العام الجديد بخطوات متأنية يلخّصها قائلاً: "ربما هي ليست مشاريع أدبية بقدر ما هي أفكار بسيطة يمكن تنفيذها، محاولة جديدة لتغيير نوعية القراءة والكتابة، بحث عن قراءة نوعية في  الكتب والنصوص الموجزة والمكثّفة في القصة والرواية".

يضيف: "عندي بعض الكتب الأدبية المهمّة والروايات المترجمة التي لا تتجاوز المائة صفحة، على طريقة روايات المتعة والعمق مثل "الحمامة" لباتريك زوسكيند، و"الغريب" لألبير كامو، و"صديق قديم جداً" لإبراهيم أصلان". 

يقول: "قرأت بعض هذه الكتب، وأفكر في استكمال هذا النوع منها، هي روايات خرجت عن التقاليد العريقة في الرواية الطويلة جداً، إذ تخلصت من الزوائد الإنشائية عن طريق حذف ما يعرفه القارئ في النص، والإبقاء على الذي لا يعرفه". 

روايات العتيق لا تبحث عن موضوعات في الغالب، ولم تخترع أحداثاً وشخصيات بطريقة متكلفة، "أنا استمتع بهذا النوع الرفيع من الكتابة القريبة من فكرة التخييل الذاتي، مثل روايات آني أرنو وخوان خوسيه مياس، المكتوبة بطريقة حديثة لا تعتمد على الزمن التقليدي المستقيم، ولا على مسار متصاعد نحو ذروة المغزى التقليدي المتكلف، حيث لا ذروة ولا مغزى تقليدي، بل هناك حكايات ومشاهد متوالية مثل مشاهد سينمائية على طريقة أفلام يوسف شاهين".

 وأوضح أنه "سبق أن كتبت مثل هذا النوع في روايتي "كائن مؤجّل" التي أحببت تجربتها، وأحببت الصدى الكبير الذي حقّقته وما زالت تجد حتى الآن مراجعات نقدية بعد عشرين عاماً من صدورها".

تاريخ فلسطين

تحت وطأة الأحداث الحالية في المنطقة، اختار الروائي المصري أحمد الفخراني، وبموازة القراءة الأدبية، أن يخصّص وقتاً لفلسطين يقول: "قرّرت بسبب حرب الإبادة الجماعية على فلسطين، أن تكون محور قراءاتي، وهو أمر لا يعني الاكتفاء بالقراءة عن تاريخ النكبة، مع الوقت نفهم أن قضية فلسطين هي قضية مركزية للمعرفة، فهي مرتبطة بمفاهيم الاستعمار والهيمنة العالمية، وحروب الذكاء الاصطناعي، ومفاهيم ما بعد الكولونيالية، وقضايا البيئة والفاشية المتأخّرة والهندسة المعمارية كسلاح قمع وسيطرة، فهم أنفسنا وواقعنا المتردّي، سواء محلياً أو عالمياً يبدأ من فلسطين".

سيرة برنارد لويس

يبدو أن الوعي بما يدور في المنطقة أساسي لأي كاتب كي يفهم العصر الذي يعيش فيه، لذلك يتشارك الروائي الكويتي عبد الوهاب الحمادي مع الفخراني اهتمامه بما يدور، فيقول: "اخترت قائمة كتب عن تاريخ منطقة الشرق الأوسط والتجارة البحرية والبرية فيها، فضلاً عن قراءات أدبية أهمها الدخول إلى عالم غونتر غراس الروائي، ومجموعة روايات جديدة منتظرة، ولن أنسى العودة الموسمية لكتب الجاحظ ورسائله، والشعر العربي الكلاسيكي والحديث، والتوسّع في قراءة السِير التي أجّلتها لفترة".

تابع: "آخر ما اشتريت هي سيرة المؤرّخ برنارد لويس. أنا محب لنوع من المقالات والتعليقات في وسائل التواصل، وهي مناسبة لأسجّل إعجابي بما يكتبه د. عاطف معتمد، الذي أترقّب كتابته كل صباح".

سَفَر حول العالم

لا تكتفي جمال حسّان الروائية المصرية المقيمة في لندن بالقراءة، وتقول: "ربما كانت كل مشاريعي في 2024 هي مجرد نيّات ورغبات مرهونة بتوفيق وكرم من الله. بالنسبة للقراءة لدي عدد لابأس به من كتب تاريخية وأعمال أدبية تنتظر الوقت". 

تضيف: "لديّ رغبة ملحّة بالسفر إلى مدن وأماكن لم أرها في مصر، مثل واحات الصحراء الغربية، وأديرة الصحراء الشرقية، وأقصى الجنوب نحو حلايب. وهناك خطط سفر تأجّلت لظروف جائحة كورونا إلى بلدان مثل إيران وكازاخستان والصين، أتمنى أن تأتي فرصة لإعادة ترتيبها".

خيارات حرّة

ماذا في جعبة عائشة المغربي الشاعرة الليبية المقيمة في باريس للعام الجديد؟ وماذا تنوي أن تقرأ؟ تجيب: "القراءة  بالنسبة لي هي مشروع حاضر ودائم، لا يخضع للبرمجة أو التخطيط المسبق. في السابق حين كنت في ليبيا ولدي مكتبة كبيرة ومتنوّعة،  كنت أرتب الكتب بحسب الإثارة والتشويق لقراءتها، ثم  هاجرت وضاعت كل تلك الكتب".

وتؤكد أنه "بعد الإنترنت، صارت مكتبتي في الكومبيوتر والخيارات كبيرة ومتنوّعة، لكني لم أضع برنامجاً للقراءة أبداً، فأنا حرة في هذا العالم، أتنقل كما أحب، وأجرّب الدخول إلى عوالم مجهولة وأسماء غير معروفة، وأبحث في مشاريع القراءة الحرّة عن المتعة، وإذا لم أجدها في كتاب أتركه".

الخوف من التذكّر

بعدما حاولنا التعرّف على قوائم الكتب التي ينوي المبدعون قراءتها خلال الأشهر المقبلة، ماذا عن مشاريع الكتابة الخاصة بهم؟

يقول أحمد الفخراني: "بخصوص مشاريع الكتابة، وبخلاف استقراري على رواية جديدة قد تكون في حجم النوفيلا، فأنا أرغب في مواصلة تجربة العام الماضي من مقاربة أشكال كتابة مختلفة، بعد تركيز لسنوات على الرواية، ككتابة السيناريو والكتابة للبودكاست والكتابة للأطفال. أحضّر لنشر مجموعة قصصية، وأعمل ببطء على كتاب نثري، يضمّ نصوصاً أدبية قصيرة، ثيمتها الأساسية الخوف من التذكّر".

أما جمال حسّان، فيعتبر أن "الكتابة الإبداعية هي فعل متمرّد مشاغب طوال الوقت، في أطواره المختلفة، بدءاً من فكرة تتحوّر وتتخلق براحتها حتى تنضج، وتلحّ عليّ كهاجس، وتلهيني عن كل الشواغل، وتحرّضني على التفرّغ بتسجيلها. أوزّع وقتي حالياً بين عملين أشرع في الكتابة، ثم أتركهما قليلاً، وكذلك مجموعة قصصية لم تكتمل".

ويؤكد أنه حين تصدر روايته الأخيرة "نصفها الغائب" في معرض القاهرة للكتاب 2024، "سأركز أكثر على تلك المشاريع التي مازالت في طور الاختمار".

جنين يتكلم

تقسم الشاعرة عائشة المغربي مشاريعها إلى ثلاث فئات: "لدي مشاريع تنتظر من السنة الماضية، وأخرى جديدة كليًا، وثالثة  أنجزتها وتحتاج إلى المراجعة والإعداد النهائي للنشر، وهذا أمر مرهق. أقصد ما بعد الكتابة  أي إعداد ما أكتبه ليصبح كتاباً. فالشعر لا يخضع مطلقاً للبرمجة. أنا أكتب من دون تخطيط مسبق، وتأتي مرحلة التخطيط فقط لإعداد الكتاب". 

تضيف: "من مشاريعي التي لم تكتمل، رواية تدور خلال مرحلة الإدارة البريطانية في ليبيا، وتتناول الحياة الاجتماعية واليومية للناس في تلك الحقبة. كان هناك ما يسمى ب"حلب البنزينة" حيث تدور الأحداث حول أسرة كبيرة عاشت في منطقة تسمى "الحفرة". 

تعتبر أن "الرواية ليست تاريخية، ولا تلتزم بالسياق الحقيقي للأحداث. إضافة إلى مشروع سلسلة  قصص للأطفال حول جنين يتكلم ويسمع ما يدور حوله، ومشروع كتابة حول شاعر مهم  أجد نصوصه مذهلة وطفولية.. بدأت أعدّ منذ السنة الماضية للكتابة حول تجربته وأنوي الإنجاز هذه السنة، فضلاً عن تجميع نصوصي الشعرية  المتناثرة. هل سأفعل؟ لا أدري، فالحديث عن عمل غير منجز مغامرة في عالم أصبح اليوم  غير إنساني، وغير متوازن ينتج القلق وعدم الثقة بالمستقبل".

 الأخوين رحباني

عن خطط الكتابة الخاصة به يقول عبد الوهاب الحمادي: "سأبدأ بتجويد الرواية التي انتهيت منها تقريباً، ثم تسليمها لناشر وانتظار آراء القرّاء والنقّاد، وعسى أن تحظى بشيء من المقروئية. ثم العودة إلى عدة مشاريع أخرى منها: كتاب توثيقي عن المثقفين العرب تجاه قضايا سياسية عربية عدّة، وكيفية رؤيتهم لها كل حسب منبره وقناعاته".

ويؤكد رغبتهه الدائمة "في كتابة عمل عن تاريخ الأخوين رحباني وتجربتهما المسرحية. وأثناء ذلك كله سأعود إلى كتابة المقالات التي أحب عن شخصيات نعرفها ولا نعرفها، مثل مقال سابق نشرته عن "الخواجه بيجو"، وآخر عن تجربة عبدالحليم حافظ الفنية في الكويت، ومقالات توثّق محطات أدبية وفنية أيضاً". 

مراجعات نقدية

يبدو فهد العتيق متحفّظاً بشأن مشاريعه المقبلة، إذ اكتفى بالقول: "أشعر أن حياتنا الأدبية، تحتاج إلى المراجعات النقدية الجادّة، بعد تجربة سنوات طويلة مع نمط متكرّر من كتب وقصص وروايات طويلة، فيها تكلف في الغالب".

ويوضح أننا "نحتاج إلى كتب بسيطة وعميقة وممتعة في آن واحد، كتب ليس فيه شبهة صنعة أو مبالغات في الخيال، وغير متكلفة في اختراع الموضوعات والأحداث والشخصيات والحكايات المثيرة بنبرات الصوت العالية، التي لا تمكث في ذهن القارئ طويلاً".

تصنيفات

قصص قد تهمك