"طرّازين".. لغة بصرية للرواية الفلسطينية

ذكرى النكبة واستعادة فلسطين ثقافياً

time reading iconدقائق القراءة - 5
فن التطريز الفلسطيني. - tirazain.com
فن التطريز الفلسطيني. - tirazain.com
دبي-الشرق

في 15 مايو من كل عام، وعلى مدى السنوات الـ 76 الماضية، يحيي الفلسطينيون في جميع أنحاء العالم، ذكرى النكبة بأشكال متنوّعة، من بينها مبادرات للحفاظ على الثقافة والتراث، في ظل محاولات إسرائيل سرقة ما لم تتمكن من سرقته بعد، من مكتبات وآثار وتراث فلسطيني. 

وعلى حدّ قول وزير الثقافة الفلسطيني السابق عاطف أبوسيف: "نحن بحاجة لاستعادة فلسطين ثقافياً". جاء ذلك خلال مداخلته في الجامعة الأميركية بالقاهرة، في 13 مايو، بعنوان "البُعد الثقافي في نكبة فلسطين".

وكشف أبو سيف "أن الاحتلال الإسرائيلي صادر 30 ألف كتاب من القدس إبان النكبة، وصادر أكثر من 40 ألف كتاب مدرسي، وأن لا جامعة فلسطينية واحدة تدرّس التاريخ الفلسطيني"! 

في هذا الصدد، ومن أجل فلسطين والتراث الفلسطيني، أطلق ناشطون بإشراف رائدة الأعمال الفلسطينية الأميركية زين المصري، مكتبة رقمية تحمل اسم "طرّازين"، تحتوي على أنماط رقمية لأكثر من 1000 شكل من التطريز الفلسطيني، في مسعى لتوثيق هذه الحرفة الفنية، وإبقائها حيّة كعنصر ثقافي مهم من تراث فلسطين

منصّة "طرّازين"، هي بمثابة أرشيف ومكتبة رقمية للتصاميم الإبداعية للتطريز الفلسطيني، باللغتين العربية والإنجليزية، تجمع الأنماط من مصادر مختلفة، مثل الكتب، والصور الفوتوغرافية، ومساهمات الفنانين الفلسطينيين الكبار، مثل سليمان منصور، ونبيل عناني، اللذين وثّقا مئات الزخارف بعد زيارة القرى الفلسطينية".

 تفاعلية ومجانية

تقول مصري على صفحتها: "إن الحفاظ على التطريز الفلسطيني في صيغة رقمية أمرٌ بالغ الأهمية، بسبب ضعف المادة، ومخاطر فقدان هذا التراث الثقافي نتيجة اللجوء والتهجير، وإعادة التوطين".

 وتشير إلى أن "غياب أرشيف رقمي، أو مكتبة لهذه القطع المطرّزة، يجعل الحرفة تعتمد على تناقل المعرفة داخل العائلات فقط، ما يؤدي إلى فقدان الأنماط والقصص والمعاني العميقة التي تحملها حرفة التطريز".

وفي مقابلة مع موقع "الفنار للإعلام"، ترى المصري أن "طرّازين" تُكرّم أجيال النساء الفلسطينيات، اللواتي ابتكرن 1,000 تصميم للغرز المتقاطعة، ويمكن البحث عبر الموقع، عن الزخارف والأنماط المختلفة بحسب الموضوع والألوان.

وتعتبر المصري "أن التطريز وسيلة للتواصل مع التراث الثقافي، وتذكير بالجذور، وطريقة لنقل التقاليد إلى الأجيال القادمة، فضلاً عن كونه مصدراً للفخر، وإبراز حيوية الثقافة الفلسطينية أمام العالم".

موقع طرازين: "تمّ إنشاء منصّة طرازين تخليداً لذكرى أجدادنا: النساء الفلسطينيات اللواتي صنعن تصاميم مميزة".

تعرّفت زين المصري، المقيمة الآن في دولة الإمارات، على هذه الممارسة عندما كانت طفلة أثناء زيارتها لجدتها في الأردن. وبعد عقود، أدركت القيمة الفنية والجمالية لأنماط التطريز العالية الدقّة، التي يمكن إحيؤها في مجتمع الشتات الفلسطيني.

تقول المصري لموقع "Hyperallergic" الكندي:  "إن زخارف التطريز غنية بالرموز والمعاني، وهي رموز تصوّر النباتات (شجرة السرو والنخيل)، والحيوانات والأشكال الهندسية والأشياء اليومية المتجذرة في الأرض والطبيعة، وهي تعمل بمثابة لغة بصرية للرواية الفلسطينية". 

أضافت: "نأمل أن تساعد المكتبة الرقمية في توفير "منصّة للنساء الفلسطينيات لمشاركة أعمالهن والتواصل مع عشّاق التطريز الآخرين، فضلاً عن الترويج لهذا الشكل الفني عبر الثقافات والمجتمعات".

يعود هذا الفن الحرفي المتوارث بين الأجيال الفلسطينية إلى آلاف السنين، يتم إنجازه يدوياً، ويتألف من خيوط مصبوغة بشكل طبيعي، تندرج ضمن الأزياء والفساتين الفضفاضة المعروفة باسم "الثوب"، والحجاب والسراويل والسترات وأغطية الرأس والحقائب.

لا يقتصر الهدف الأساسي لـ"طرّازين" على الحفاظ على التطريز الفلسطيني باعتباره تراثاً ثقافياً فحسب، "بل على إمكاناته كوسيلة لدعم دخل الأسرة والتنمية الاجتماعية والاقتصادية أيضاً"، بحسب المصري.

زين المصري

 مديرةللتسويق في شركة "جوجل"، تحمل درجات علمية من الجامعة الأميركية في الشارقة، وجامعة "ستانفورد"، وكلية "وارتون" في جامعة بنسلفانيا.

حازت على أوسمة عدّة، بما في ذلك اختيارها ضمن قائمة "فوربس" الشرق الأوسط "30 تحت سن الـ 30"، لروّاد الأعمال عام 2020، وجائزة "30 تحت 30" من المؤسسة العربية الأميركية عام 2021.

تصنيفات

قصص قد تهمك