بعد مئة عام على رحيل الكاتب التشيكي فرانز كافكا (1883 - 1924)، تطرح "دار سوذبيز" رسالة نادرة كتبها لناشره للبيع عبر الإنترنت، في 27 يونيو.
تشكّل الرسالة الموقعة ببساطة باسم "كافكا"، حدثاً أدبياً مهماً، إذ لطالما كانت حياة وأعمال كافكا منذ فترة طويلة مصدراً للسحر في جميع أنحاء العالم.
وقالت صحيفة "الغارديان": إنه نظراً للطلب المتزايد بين هواة الجمع على الرسائل المكتوبة بخط اليد، وهو أمر نادر في العصر الرقمي، ورسائل كافكا على وجه الخصوص، فمن المقدر أن تصل قيمة الرسالة إلى 90 ألف جنيه إسترليني".
وأوضحت دار المزادات أنه "تمّ طرح الرسالة للبيع آخر مرة منذ 11 عاماً، والمالك الحالي هو أحد هواة جمع الأعمال الفنية الأوروبيين البارزين".
تُظهر الرسالة مدى معاناة الكاتب البوهيمي من الكتابة على الورق، بعد تدهور حالته الصحية. وتزامنت كتابتها، مع تشخيص إصابة كافكا بمرض السل، الذي توفي بسببه، كما يقول العلماء، وربما أضاف إلى إحساسه بالشلل العقلي والعجز.
كتب إلى صديقه وناشره الشاعر النمساوي ألبرت آينشتاين: "عندما تتغلغل المخاوف إلى طبقة معيّنة من الوجود، تتوقف الكتابة والشكوى بشكل واضح.. لم تكن مقاومتي قوية أيضاً".
ومن المعروف أن "حصار الكاتب" طارد كافكا طوال حياته، لكنه تفاقم بسبب حالته الجسدية السيئة.
يعتقد الباحثون أن الرسالة غير مؤرّخة، وتمت كتابتها في الفترة ما بين أبريل ويونيو 1920، عندما كان كافكا يتلقى العلاج من مرضه في عيادة في ميرانو، شمال إيطاليا.
وأوضحت "الغارديان" أن الرسالة "مكتوبة بخط اليد بدقة باللغة الألمانية المهذّبة والمقروءة، وهي رد كافكا على طلب إيرنشتاين منه المساهمة في المجلة الأدبية (Die Gefährten" أو "الزملاء"، التي كان يحرّرها في ذلك الوقت".
وكان الناشر قد رأى عملاً جديداً لكافكا مطبوعاً، ربما مجموعته القصصية القصيرة (طبيب ريفي)، التي كتبها عام 1917، ونُشرت بعد ذلك بعامين. لكن كافكا سرعان ما حرّره من فكرة أنه كان يكتب بنشاط.
وكتب كافكا: "لم أكتب شيئاً منذ ثلاث سنوات، ما يُنشر الآن أشياء قديمة، ليس لدي أي عمل آخر، ولا حتى شيء بدأته".
وقال غابرييل هيتون، المتخصّص في الكتب والمخطوطات في "دار سوثبيز" للمزادات في لندن في بيان: "تقدّم هذه الرسالة النادرة، لمحة عن الحالة الذهنية للكاتب العظيم خلال فترة مضطربة من حياته".
أضاف: "تكشف الرسالة كيف شكّلت الكتابة مسألة مكثفة عليه، وتطلبت احتياطيات عميقة من القوة الداخلية، إذ كان يعاني من انعدام الأمن العميق والقلق بشأن عدم جدوى عمله."
وقال هيتون: "أن يتحدث إلينا كافكا، من بين الكُتّاب جميعهم، عن جمود الكاتب، فهو أمر مؤثر ومفيد بشكل خاص. إذ تشمل هذه الإشارات اللاذعة والمؤلمة، مثل "نهاية الكتابة، متى ستأخذني مرة أخرى؟"، و"العجز القديم" و"الجمود التام"، عذابات لا تنتهي بالنسبة إليه".
واعتبر الناشر "أن الرسالة ذات محتوى مهم تشعر أنها تجذبك تجاهه كشخص، كما تشعر أنها نبرة كاتب ونبرة شخص يتحدث إلى صديقه، لكنها لم تكن رسالة أدبية واعية بذاتها".
توفي كافكا عام 1924عن عمر ناهز 40 عاماً، واحتفظ إيرنشتاين بالرسالة حتى عام 1948، ثم أرسلها في شيخوخته إلى الفنانة التشيكية المولد دوللي بيروتز، التي هربت من تشيكوسلوفاكيا أثناء احتلال النازيين عام 1938، واستقرّت في ماساتشوستس. ولا تزال الرسالة في ظرف البريد الجوي الذي استلمتها فيه.