أعلنت البعثة المصرية المشتركة بين المجلس الأعلى للآثار، ومركز زاهي حواس للمصريات التابع لمكتبة الإسكندرية، الأحد، عن كشف أثري ضخم في منطقة سقارة بمحافظة الجيزة، وهو الأول في عام 2021.
وأجرت "الشرق" جولة موسعة في المنطقة التي شهدت الكشف، حيث لا يزال عمال الآثار مستمرين في أعمال الحفر والتنقيب، للبحث عن الخفايا والأسرار التي لا تزال تحت باطن الأرض، فيما يقبع آخرون داخل الخيام المقامة في مكان الكشف لدراسة وترميم القطع الأثرية المكتشفة والمومياوات والعظام وبعض الأواني الفخارية فضلاً عن قطع خشبية صغيرة.
وقال عالم الآثار المصري ورئيس البعثة في سقارة، زاهي حواس، الذي أشرف على متابعة نتائج البعثة وما تحققه من اكتشافات، إن "البعثة التي حققت هذا الكشف، بعثة مصرية خالصة، تعمل منذ العام 2007 في منطقة هرم الملك تتي"، مشيراً إلى أنهم اكتشفوا في العام 2010 هرماً، لكن لم يكن معروفاً وقتها اسم صاحبه، ووجدنا نقوشاً داخل المعبد الجنائزي، يدل على اسم صاحبته وهي الملكة "نيت"، التي كانت زوجة الملك "تتي" وأخته في ذات الوقت.
وأضاف حواس لـ"الشرق"، من أمام موقع الكشف، أنه تم العثور أيضاً على نحو 22 بئراً، وبداخل أحدها وجدنا 54 تابوتاً للدولة الحديثة يقبع بداخلهم مومياوات بحالة جيدة، لافتاً إلى أن البعثة عثرت على كشف في غاية الأهمية وهي بردية يصل طولها إلى 5 أمتار، تمثل الفصل السابع عشر من كتاب الموتى.
شطرنج فرعوني
وأكد حواس أن البعثة المصرية وجدت العديد من القطع الأثرية، بجانب العديد من الألعاب التي كان يلعب بها المتوفى في العالم الآخر، كما كان يُعتقد وقتها، مثل لعبة (السنت) التي تشبه الشطرنج حالياً، مشدداً على أن ما تم اكتشافه يمثل فقط نحو 30%، وأن خزانة سقارة لا تزال تحوي العديد من الكنوز في باطنها.
من جانبه، أكد الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار في مصر، مصطفى وزيري، أن المهم في هذا الكشف أن هذه المقابر كانت تعود للدولة القديمة وتم استخدامها في الدولة الحديثة، وهو أمر مهم جداً.
وأضاف لـ"الشرق"، أن البعثة تمكنت من الحصول على معلومات مهمة وإضافية عن تلك المنطقة، بخاصة في عهد الملك تتي، وهو أحد ملوك الأسرة السادسة، مشيراً إلى أن البعثة عثرت على قطع أثرية جاهزة للعرض المتحفي وسوف يتم دراستها مع لجنة سيناريو العرض المتحفي للبدء في توزيعها على المتاحف المصرية في مختلف المحافظات.
ووفقاً، لبيان صادر عن وزارة السياحة والآثار في مصر، فإنه تم الكشف أيضاً عن 3 مخازن مبنية من الطوب اللبن في الناحية الجنوبية الشرقية من المعبد الجنائزي، كانت تستخدم لتخزين القرابين والأدوات التي كانت تستخدم في إحياء عقيدة الملكة.
كما عثرت البعثة داخل الآبار على أعداد كبيرة من المشغولات الأثرية وتماثيل على هيئة المعبودات، فضلاً عن تماثيل أوشابتي بحالة جيدة تنتمي لعصر الدولة الحديثة.
أول نصوص جنائزية
وتعتبر منطقة سقارة القريبة من أهرامات الجيزة، من أهم الأماكن الأثرية في مصر، حيث وجد بها أول نصوص جنائزية للأهرامات بداخل هرم أوناس، آخر ملوك الأسرة الخامسة، كما أنها جبّانة (مكان دفن) مدينة منف عاصمة مصر القديمة منذ 5 آلاف عام.
وفي عام 2018، كشفت بعثة أثرية مصرية في منطقة سقارة، بناءً ضخماً يصل عمقه قرابة 30 متراً، ويرجع للقرنين الخامس والسابع قبل الميلاد، وكان بداخله مجموعة من الأدوات المستخدمة في عملية التحنيط، وهو ما سيمكن الآثاريين من معرفة سر جديد من أسرار التحنيط لدى الفراعنة.
وفي أكتوبر الماضي، أعلنت مصر عن اكتشاف نحو 59 تابوتاً في 3 آبار على عمق يصل إلى 11 متراً تحت سطح الأرض، ووضعت التوابيت في متاحف عدة كالمتحف المصري الكبير ومتحف الحضارة، الذي ستنتقل إليه مومياوات ملكية في القريب العاجل في موكب مهيب ينطلق من المتحف المصري بالتحرير مروراً ببعض مناطق القاهرة التاريخية حتى مقر المتحف في منطقة الفسطاط بمصر القديمة.
وتأمل القاهرة في أن تسهم تلك الاكتشافات الأثرية بجانب جهودها في تطوير بعض المناطق الأثرية، وتوفير العديد من الخدمات اللوجستية، في تعزيز مكانتها على خريطة السياحة العالمية، وجعلها مقصداً عالمياً للسياحة الثقافية.