في ظل تصاعد الصراع الدائر بين أوكرانيا وروسيا، تبرز جهود كييف للحصول على إذن من حلفائها الغربيين لاستخدام الصواريخ بعيدة المدى ضد أهداف داخل العمق الروسي كمسألة حاسمة، وذلك في وقت تكافح القوات الأوكرانية لصد تقدم موسكو شرقي البلاد.
ويزعم مسؤولو كييف أن هذه الأسلحة ضرورية لإضعاف قدرة روسيا على ضرب أوكرانيا، وإجبارها على نقل قدراتها الهجومية بعيداً عن الحدود، فيما حذرت موسكو من أنها ستعتبر السماح بشن مثل هذه الضربات بعيدة المدى عملاً من أعمال الحرب، ولذا فإن حلفاء أوكرانيا الغربيين يخشون من استفزاز الدولة التي تمتلك أكبر ترسانة نووية في العالم.
وبحسب تقرير لوكالة "أسوشيتد برس" الأميركية، من المرجح أن تكون هذه القضية محور اجتماعات البيت الأبيض بين الرئيس جو بايدن ورئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر، الجمعة، وكذلك مع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في وقت لاحق هذا الشهر.
ما هي هذه الأسلحة؟
تشمل الصواريخ بعيدة المدى أنظمة مثل "ستورم شادو" البريطانية و"سكالب" الفرنسية ونظام الصواريخ التكتيكية للجيش "أتاكمز" الأميركية الصنع.
وعلى الرغم من أن أوكرانيا تعمل على تعزيز برامجها المحلية لتطوير الأسلحة بعيدة المدى، بما في ذلك الطائرات بدون طيار القادرة بالفعل على ضرب أهداف في عمق الأراضي الروسية، فإن الصواريخ الغربية ستوفر دقة وقدرة تدميرية أكبر بكثير.
وتستخدم كييف بالفعل صواريخ "ستورم شادو" التي تُطلق من الجو وصواريخ "أتاكمز" التي تُطلق من الأرض لتنفيذ ضربات دقيقة على المنشآت العسكرية والبنية التحتية الاستراتيجية داخل الأراضي التي تحتلها روسيا، ولكن ليس على الأراضي الروسية نفسها.
ولطالما رفضت ألمانيا إرسال صواريخها بعيدة المدى من طراز "توروس" إلى كييف، مشيرة إلى مخاوف بشأن التصعيد الدولي.
كيف ستساعد هذه الأسلحة أوكرانيا؟
ترى أوكرانيا أن القدرة على استخدام الصواريخ بعيدة المدى خلف خطوط العدو ستكون بمثابة تغيير في قواعد اللعبة، ما سيسمح لها باستهداف القواعد الجوية ومستودعات الإمدادات ومراكز الاتصالات الواقعة على بُعد مئات الكيلومترات عبر الحدود.
وتزعم أوكرانيا أن ذلك سيساعد في الحد من التفوق الجوي الروسي، وإضعاف خطوط الإمداد اللازمة لشن الغارات الجوية اليومية ضدها باستخدام الطائرات بدون طيار والصواريخ والقنابل الانزلاقية القوية.
ومع احتمال إبطاء هذا التقدم الروسي؛ بسبب اقتراب فصل الشتاء، فإن قدرات الضربات الجوية بعيدة المدى ستصبح أولوية أهم، إذ تريد كييف العودة إلى الهجوم لتعويض نقص القوى البشرية العسكرية بعد عامين ونصف من الحرب وكذلك حماية البنية التحتية للطاقة التي تضررت بشدة.
والأسبوع الماضي، التقى وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن مع زيلينسكي، لكنه لم يُظهر اهتماماً بطلب كييف، بحجة أن الأخيرة ضربت بالفعل أهدافاً في روسيا بأسلحة محلية الصُنع.
كما أشار المتحدث باسم البنتاجون تشارلي ديتز إلى أن صواريخ "أتاكمز" لن تكون الحل للتهديد الرئيسي الذي تواجهه كييف من القنابل الانزلاقية بعيدة المدى التي تطلقها روسيا، والتي يتم إطلاقها من مسافة تزيد عن 300 كيلومتر، أي أبعد عن مدى صواريخ "أتاكمز".
هل سيتراجع الغرب؟
تحاول الولايات المتحدة وأعضاء آخرون في حلف شمال الأطلسي "الناتو" تجنب المواجهة المباشرة مع روسيا، في حين أنهم يدعمون أوكرانيا بالأسلحة والتدريب والمساعدات المالية.
ويقول الكرملين إن استخدام الصواريخ الغربية على أراضيه سيكون بمثابة تجاوز لخط موسكو الأحمر، وهو التحذير الذي كرره الرئيس الروسي فلاديمير بوتين هذا الأسبوع.
وناقش وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن ونظيره البريطاني ديفيد لامي القضية بشكل مفصل، هذا الأسبوع، في لندن، وخلال رحلة مشتركة إلى كييف، وأكد الوزيران، علناً، على التزامهما بعدم تبني أي تغيير في سياسة الصواريخ بعيدة المدى، لكنهما أشارا إلى أن روسيا تسعى إلى تغيير التوازن الاستراتيجي في أوكرانيا بشكل أكبر من خلال الحصول على صواريخ باليستية إيرانية بعيدة المدى.
من جانبها، تقول أوكرانيا إنها تحدت بالفعل خطوط روسيا الحمراء من خلال توغلها الذي استمر لمدة 5 أسابيع في منطقة كورسك الحدودية الروسية، وأضاف زيلينسكي أنه يأمل في أن يتخذ الحلفاء "قرارات قوية" عندما يلتقي بايدن في وقت لاحق من هذا الشهر.