مع بداية الحرب الإيرانية العراقية، عملت القوات المسلحة الإيرانية خلال الثمانينيات على الاستثمار بشكل كبير في أنظمة الدفاع الجوي الأرضية، والاستحواذ على شبكة من الأنظمة الصينية المبنية حول HQ-2، وهي مشتقة من S-75 السوفيتية التي وفرت لطهران قدرات استهداف متقدمة على ارتفاعات عالية".
وبعد التقارب مع الاتحاد السوفيتي في عام 1989، استحوذت إيران في التسعينيات على أنظمة دفاع جوي بعيدة المدى S-200D سوفيتية الصنع مستعملة، ذات نطاق استهداف لا مثيل له يبلغ 300 كيلومتر، والتي قدمت لأول مرة تغطية كبيرة عبر مجالها الجوي، وفقاً لمجلة Military Watch.
كما عوضت التغطية الرادارية القوية للأنظمة الروسية الخسائر الجسيمة التي لحقت بمنشآت الرادار بسبب الضربات العراقية أثناء الحرب.
ومع ذلك، ظلّت الدفاعات الجوية الإيرانية متخلفة كثيراً عن أحدث التقنيات، حيث بدأت روسيا منذ أوائل ومنتصف التسعينيات في تصدير أنظمة S-300PM الجديدة التي جمعت بين مجموعات متنوعة من فئات الصواريخ التكميلية مع قدرات استهداف بعيدة المدى وقابلية عالية للتنقل بطريقة غير مسبوقة.
ومع تخصيص الغالبية من أنظمة S-300PM الجديدة لصالح الجيش الروسي في التسعينيات، انخفض الطلب الصيني على الأنظمة بشكل كبير في العقد الأول من القرن الحالي، حيث بدأت بكين في تشغيل متغيرات متقدمة بشكل متزايد من نظام HQ-9 الخاص بها، والذي سرعان ما اكتسب مزايا على الأنظمة الروسية خاصة من حيث الإلكترونيات.
الاتحاد السوفييتي.. "مورد موثوق"
قدمت إيران في عام 2007 أول طلب لها على أنظمة الدفاع الجوي الروسية عالية الحركة وطويلة المدى S-300PMU-1.
وكانت هذه الطلبات موضع ترحيب للمساعدة في تعويض الانخفاض الحاد في الطلب الصيني.
ومع ذلك، بدا نظام S-300PMu-1 أقل قدرة بشكل ملحوظ من نظام S-300PMU-2 الذي تم بيعه للصين في العقد السابق، أو نظام S-400 الجديد الذي تم تشغيله في روسيا نفسها.
وفي العام 2010، أوقفت الإدارة الجديدة للرئيس الروسي دميتري ميدفيديف بيع صواريخ S-300 قبل تسليم أي شحنات، الأمر الذي أدّى إلى تداعيات دبلوماسية كبيرة بين موسكو وطهران.
وعلى الرغم من أن إيران استحوذت على أنظمة TOR-M1 الروسية قصيرة المدى المزودة بأنظمة مضادة للصواريخ المجنحة في أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، فإنها لم تتمكن من القيام بأي عمليات استحواذ كبيرة.
وأثبت الاتحاد السوفييتي أنه "مورد موثوق به لإيران، ولكن روسيا ما بعد الاتحاد السوفييتي أثبتت أنها أكثر عرضة للضغوط الغربية، وألغت صفقات أسلحة متعددة في التسعينيات بما في ذلك إنتاج دبابات T-72 المرخصة، بينما توقفت أيضاً عن إعادة تجهيز القوات الجوية الإيرانية بطائرات Mig-29 وSU-24M".
واتخذت موسكو هذه الخطوات، على الرغم من وجود فائض كبير من الأنظمة التي كانت تزود إيران بها، وفي وقت كان فيه قطاع الدفاع لديها في حاجة ماسة إلى الإيرادات، ما يشير إلى الدرجة الهائلة من النفوذ الذي احتفظ به العالم الغربي على موسكو.
الضغط على موسكو
وأشارت مجلة Military Watch، إلى أن الضغط على موسكو كان أمراً أساسياً لضمان احتفاظ دول الكتلة الغربية وإسرائيل بخيارات لمهاجمة الأهداف الإيرانية مع مقاومة قليلة نسبياً.
ورفعت روسيا بشكل ملحوظ قيودها على بيع أنظمة S-300 في عام 2015 بعد توقيع الاتفاق النووي لخطة العمل الشاملة المشتركة، بعد عام من تدهور علاقات موسكو مع الغرب بسبب الصراع الأوكراني، حيث زودت روسيا إيران بأنظمة S-300PMU-2 الأكثر قدرة في الفترة من أبريل إلى أكتوبر 2016.
ولا يُعرف الكثير عن تخصيص الأنظمة التي تلقتها إيران، ولكن شاع أنها "تستخدم رادارات اكتساب الهدف 96L6E ورادارات الاشتباك مع الهدف 30N6E2 ورادارات إدارة المعركة 64N6E2".
وإلى جانب أنظمة S-300، كشفت مصادر روسية في عام 2020 أن إيران حصلت على نظام الرادار بعيد المدى Rezonans-NE الذي يوفر وعياً ظرفياً على مناطق أوسع بكثير من أي نظام رادار آخر في البلاد.
وكشف نائب الرئيس التنفيذي لمركز أبحاث Rezonans، ألكسندر ستوتشيلين، في أغسطس 2020، أنه في بداية العام 2020، حدد هذا الرادار طائرات F-35 الأميركية وتتبعها.
وأضاف أن "الأفراد العاملين على تشغيل الرادار كانوا ينقلون المعلومات، بما في ذلك مسارات رحلات F-35، بوضوح، ما يؤكد أنه كان يتتبع الطائرات بشكل موثوق".
ولا يوفر نظام الرادار الروسي "قدرات الاستهداف بالنسبة لمشغليه، ولا وسيلة لإسقاط مقاتلات الشبحية المعادية"، لكنه يوفر وعياً كبيراً بمواقع الأصول المعادية، بما في ذلك الطائرات الشبحية خارج المجال الجوي للبلاد".
نقطة الضعف
في حين أن اعتماد إيران على أنظمة الدفاع الجوي الأرضية مهم للغاية، ويرجع ذلك في المقام الأول إلى افتقارها إلى الطائرات المقاتلة الحديثة، فإن الدور الذي تلعبه الأنظمة الروسية يظل محدوداً نسبياً.
وأدى انسحاب روسيا من صفقة S-300 في عام 2010، وانسحابها من اتفاقيات سابقة متعددة في التسعينيات، إلى دفع إيران إلى تطوير أنظمة دفاع جوي خاصة بها تم استخدامها في القتال.
ووقع حادث ملحوظ في مايو 2019، عندما أسقط نظام 3rd of Khoradad الإيراني طائرة بدون طيار من طراز Northrop Grumman RQ-4A Global Hawk في المجال الجوي للبلاد أو بالقرب منه.
ويشمل الجزء الأكبر من الأنظمة طويلة المدى المنتشرة متغيرات "متقدمة بشكل متزايد من Bavar-373 و Khordad 15، بالإضافة إلى مخزونات كبيرة من S-200 التي استمرت في التحديث في إيران".
وتعتبر أنظمة S-300 موجودة بأعداد صغيرة نسبياً، ومع وجود طراز PMU-2 الذي يعود تاريخه إلى تسعينيات القرن الماضي، فإنه أقل قدرة بشكل كبير من أحدث الأنظمة المحلية الموجودة حالياً في الخدمة.
ويرجح أن يكون رادار Rezonans-NE حالياً أهم أصول الدفاع الجوي الروسية في الخدمة الإيرانية، مع تقارير عن انهيار خطط الحصول على مقاتلات Su-35 الروسية.
وفي حين أن فعالية أنظمة الدفاع الجوي المحلية غير مؤكدة، فإن نقطة الضعف الرئيسية في شبكة الدفاع الجوي الإيرانية، تظل افتقارها إلى أجهزة استشعار قوية مرتفعة، مع عدم وجود طائرات إنذار مبكر ومراقبة محمولة جواً (AEW&C) في الخدمة، وعدم نشر أي من مقاتلاتها أي أنظمة رادار حديثة عن بعد، ما يعني أن اعتمادها على الرادارات الأرضية لا يزال كبيراً.