
أجرى مختبر العلوم والتكنولوجيا الدفاعية التابع للجيش البريطاني مؤخراً تجارب مكثفة لعرض أنظمة روبوتية متقدمة مصممة للكشف عن التهديدات، والتخلص من القنابل، وإجراء العمليات التكتيكية.
وتهدف التجارب، التي تعد جزءاً من خطة التغيير التي وضعتها الحكومة البريطانية، إلى حماية الأمن القومي مع تسريع تبني تقنيات الدفاع من الجيل التالي، وذلك بحسب موقع Army Recognition.
وتعاون مختبر العلوم والتكنولوجيا الدفاعية التابع للجيش البريطاني مع شركاء بارزين في صناعة الدفاع في بريطانيا والعالم، ومنهم L3Harris وMarlborough Communications Ltd، وAeroVironment Tomahawk Robotics، لتقييم مختلف المركبات الأرضية غير المأهولة، والطائرات بدون طيار التي تعمل بالذكاء الاصطناعي والأنظمة الروبوتية.
وأظهرت هذه المنصات المستقلة وشبه المستقلة قدراتها في تصنيف التهديدات، والتخلص من القنابل، والملاحة البيئية المعقدة، وتضمنت التجارب مركبات أرضية غير مأهولة مجهزة بأجهزة استشعار متقدمة قادرة على تصنيف التهديدات وتحديدها عن بعد.
وتستخدم هذه المنصات الروبوتية تقنية دمج أجهزة الاستشعار، والتعرف على الصور المستندة على الذكاء الاصطناعي، ومعالجة البيانات في الوقت الفعلي لتقييم البيئات الخطرة، ما يقلل من الحاجة إلى أفراد بشريين في المناطق عالية الخطورة.
وتمثل قدرة هذه الروبوتات على اكتشاف التهديدات وتحليلها بشكل مستقل خطوة مهمة إلى الأمام في مجال الأتمتة العسكرية، إذ توفر ميزة حاسمة في المواقف التي يكون فيها اتخاذ القرار السريع، والتخفيف من حدة التهديدات عن بعد أمراً ضرورياً.
وكان من أبرز ما تم إنجازه في هذه التجارب استخدام الكلب الآلي Spot من إنتاج شركة Boston Dynamics، والذي تم دمجه مع جهاز تفكيك الحرائق الكربوني، وهو أداة متخصصة مصممة لتحييد التهديدات المتفجرة على مسافة آمنة.
ويعمل جهاز التفكيك بإطلاق مقذوف عالي الطاقة، أو نفاثة سائلة لتعطيل الأجهزة المتفجرة قبل الانفجار.
ومن خلال تركيب جهاز التفكيك على منصة روبوتية سريعة الحركة، يتحول النظام إلى وحدة للتخلص من القنابل عالية الحركة، وقادر على الاقتراب من التهديدات المتفجرة وتقييمها وتحييدها دون تدخل بشري مباشر.
ويعزز هذا التقدم بشكل كبير عمليات التخلص من الذخائر المتفجرة EOD، ما يحسن السلامة للأفراد العسكريين والمستجيبين الأوائل.
ويتوقع أن تعمل مثل هذه الروبوتات على إحداث "ثورة" في مجال التخلص من القنابل عبر تقليل التعرض البشري للمخاطر المتفجرة مع تعظيم الدقة والفعالية في تحييد التهديدات.
طائرات مسيرة معززة بالذكاء الاصطناعي
كما أجرى مختبر العلوم والتكنولوجيا الدفاعية Dstl اختبارات لطائرات بدون طيار معززة بالذكاء الاصطناعي قادرة على اكتشاف التهديدات المحتملة.
ويمكن لهذه الطائرات بدون طيار، المدمجة مع الملاحة المستقلة وخوارزميات الرؤية الحاسوبية المتقدمة، تحديد الجهات المعادية، والأشياء المشبوهة، والمناطق الخطرة بشكل مستقل.
ويتيح دمج التعرف على التهديدات القائم على التعلم الآلي من زيادة الوعي الظرفي في الوقت الفعلي، ما يعزز مهام الاستطلاع العسكرية وإنفاذ القانون.
ويتوقع أن تلعب هذه الأنظمة دوراً حاسماً في الحرب الحضرية، وأمن المحيط، وعمليات مكافحة الإرهاب.
ولا تعمل الطائرات بدون طيار التي تم تزويدها بقدرات الذكاء الاصطناعي على تعزيز سرعة ودقة تحديد الهدف فحسب، بل تسمح أيضاً بتخصيص الموارد بشكل أكثر كفاءة من خلال تقليل العبء على المشغلين البشريين.
وكان أحد الجوانب الرئيسية للتجربة البريطانية هو تقييم الروبوتات التي تؤدي مهام تشغيلية معقدة، مثل فتح الأبواب وصعود السلالم.
وأظهرت هذه المنصات الروبوتية، المصممة للمهام الحضرية والأماكن الضيقة، قدرتها على التنقل في البيئات الصعبة، وتقليد الحركة الشبيهة بالإنسان.
وستكون مثل هذه التطورات ضرورية لعمليات القوات الخاصة، ومهام الاستجابة للكوارث، والتعامل مع المواد الخطرة، ما يوفر للفرق العسكرية والأمنية حلولاً تشغيلية أكثر أماناً وكفاءة.
وتسلط قدرة هذه الروبوتات على العمل في بيئات صعبة وغير متوقعة الضوء على الدور المتزايد للأتمتة في سيناريوهات القتال والاستجابة للأزمات الحديثة.
"الحرب الروبوتية"
أصبح دمج التكنولوجيا الروبوتية في العمليات العسكرية أمراً "بالغ الأهمية" لتعزيز الفعالية التشغيلية، وحماية القوات والتفوق الاستراتيجي.
ويقلل استخدام الأنظمة غير المأهولة، مثل المركبات البرية المسيرة، والطائرات بدون طيار التي تعمل بالذكاء الاصطناعي، والكلاب الروبوتية من تعرض الأفراد العسكريين لمواقف تهدد الحياة.
ومن خلال نشر الروبوتات المستقلة، أو التي يتم تشغيلها عن بعد، يمكن للقوات المسلحة إجراء الاستطلاع، وتحديد التهديدات، وتحييد المخاطر دون المخاطرة بأرواح البشر.
ولا يعمل هذا التحول نحو "الحرب الروبوتية" على إحداث ثورة في تكتيكات ساحة المعركة فحسب، بل يضمن أيضاً قدراً أكبر من السلامة للجنود المنخرطين في مهام عالية المخاطر.
وقد تكون إحدى أهم مزايا تكنولوجيا الروبوتات هي قدرتها على أداء مهام قد تكون خطيرة للغاية، ويمكن للروبوتات المجهزة بأجهزة استشعار متقدمة وقدرات اتخاذ القرار المدعومة بالذكاء الاصطناعي أن تعمل في بيئات خطرة مثل مناطق القتال الحضرية أو المناطق الملوثة أو مناطق الحرب النشطة حيث يكون الوصول البشري محدوداً.
وتتيح قدرتها على عبور التضاريس الصعبة، وفتح الأبواب، وصعود السلالم، واكتشاف التهديدات بشكل مستقل مرونة تكتيكية أكبر، واستجابة سريعة في مواقف القتال الديناميكية.
ويتيح استخدام المنصات الآلية مثل Spot من Boston Dynamics، المزودة بأجهزة تعطيل متخصصة، تحييد التهديدات المتفجرة بشكل آمن ودقيق، وهذا يقلل من عدد الضحايا بين فرق التخلص من الذخائر المتفجرة، ويعزز كفاءة عمليات مكافحة العبوات الناسفة.
ومن خلال إبعاد الفنيين البشريين عن التعرض المباشر للتهديدات المتفجرة، يمكن للجيوش أن تخفض بشكل كبير من خطر الإصابة وفقدان الأرواح في مناطق الصراع.
ويعيد تبني التكنولوجيا الروبوتية تشكيل "مستقبل الحرب" غير المتكافئة وعمليات مكافحة الإرهاب.
الأنظمة غير المأهولة
وفي عصر أصبحت فيه التهديدات غير التقليدية مثل الحرب السيبرانية والتمرد والقتال في المناطق الحضرية أكثر انتشاراً، توفر الأنظمة المستقلة قدرات جديدة لمواجهة التهديدات المتطورة.
وسواء تم استخدامها للاستطلاع، أو تأمين المحيط أو اللوجستيات أو الدعم القتالي المباشر، فإن التكنولوجيا الروبوتية على استعداد لتصبح عامل مضاعفة رئيسي للقوة في العمليات العسكرية الحديثة.
ومع استمرار تطور الصراعات العسكرية، ستكتسب الدول التي تستثمر في تكنولوجيات الدفاع الروبوتية، والذكاء الاصطناعي ميزة استراتيجية على الخصوم.
ويضمن التنفيذ الناجح للأنظمة غير المأهولة أن تظل القوات المسلحة الحديثة قادرة على التكيف والمرونة والتفوق التكنولوجي في مشهد أمني عالمي متزايد التقلب.
ومن خلال دمج هذه التقنيات المتطورة، تعمل لندن والقوى العسكرية الرائدة الأخرى على تشكيل مستقبل الحرب، إذ ستعمل الروبوتات والمنصات التي تعمل بالذكاء الاصطناعي جنباً إلى جنب مع الجنود لتحقيق نجاح المهمة بكفاءة أكبر وتقليل المخاطر.