
كشفت كوريا الشمالية عن تطوير أول غواصة تعمل بالطاقة النووية، قادرة على إطلاق صواريخ باليستية، وذلك خلال زيارة زعيم البلاد كيم جونج أون إلى أحواض بناء السفن الرئيسية، وفق موقع Army Recognition.
وأثناء تفقده التطورات في التكنولوجيا البحرية، وصناعة بناء السفن، أكد كيم الأهمية الاستراتيجية للغواصة الجديدة، حيث يتوقع أن تعزز الردع النووي لبيونج يانج، وتزودها بقدرة قوية على الضربة الثانية.
وأشار خبراء عسكريون من كوريا الجنوبية إلى أن الغواصة الجديدة من المرجَّح أن تكون من فئة 6000 أو 7000 طن، وقادرة على حمل حوالي 10 صواريخ باليستية.
وقال مون كون سيك، خبير الغواصات الكوري الجنوبي من جامعة هانيانج في سول، إن مصطلح "الصواريخ الموجّهة الاستراتيجية"، الذي يستخدمه المسؤولون الكوريون الشماليون، يشير إلى أن هذه الصواريخ ستكون قادرة على حمل أسلحة نووية، ما يجعل الغواصة عنصراً حاسماً في ترسانة بيونج يانج النووية المتنامية، وقادرة على توجيه ضربات انتقامية مدمّرة بعيدة المدى، حتى بعد هجوم استباقي على الأصول البرية.
وتمثل هذه الغواصة النووية الجديدة تطوراً كبيراً في قوات كوريا الشمالية البحرية، والتي اعتمدت منذ فترة طويلة على غواصات أصغر تعمل بالديزل.
غواصات كوريا الشمالية
تفتخر البحرية الكورية الشمالية بأسطول من 71 غواصة، تشمل نماذج مختلفة مصمَّمة لأدوار استراتيجية وتكتيكية متنوعة، منها الغواصة SSB 1 8.24 Yongung (Gorae) (شاركت في تجارب إطلاق الصواريخ الباليستية)، والعديد من الغواصات الأخرى ذات القدرات المتخصصة، مثل غواصات الصواريخ الكروز (SSC)، والغواصات الهجومية (SSK).
ويضم الأسطول الكوري الشمالي عدة أنواع رئيسية من الغواصات المصممة لاحتياجات تشغيلية مميزة، وصُممت الغواصات من فئة SSB (الغواصات الباليستية الاستراتيجية الغاطسة)، مثل فئة Gorae، خصيصاً لحمل وإطلاق الصواريخ الباليستية.
وعلى سبيل المثال، استُخدمت فئة Gorae في التجارب الخاصة بالصواريخ الباليستية التي تطلَق من الغواصات من طراز Pukguksong-1.
كما تمتلك كوريا الشمالية غواصات هجومية من طراز SSK مثل Type-033 (فئة Romeo)، مجهزة بأنابيب طوربيد للحرب المضادة للسفن والغواصات، بالإضافة إلى غواصات صواريخ كروز من طراز SSC، مجهزة لإطلاق صواريخ كروز، مع بعض الاختلافات بين التي تحمل أنابيب طوربيد عيار 533 مم، أو طوربيدات ثقيلة الوزن من طراز 53-65E.
وتعمل كوريا الشمالية أيضاً على تشغيل الغواصات المتخصصة، أو الصغيرة، مثل غواصات Yugo، وYeono، والتي غالباً ما تُستخدم في مهام متخصصة، ويمكنها حمل أنواع مختلفة من الطوربيدات.
وستعزز إضافة الغواصة النووية قدرة كوريا الشمالية، بشكل كبير، على تنفيذ عمليات الردع الاستراتيجية.
الغواصات العاملة بالطاقة النووية
على النقيض من الغواصات التي تعمل بالديزل والكهرباء، فإن الغواصات التي تعمل بالطاقة النووية يمكن أن تظل مغمورة تحت الماء لفترات أطول بكثير، ما يجعل من الصعب اكتشافها، وبالتالي تحسين قدرتها على البقاء في صراع محتمل.
كما تمنح قدرة إطلاق الصواريخ الباليستية من الغواصات، كوريا الشمالية رادعاً نووياً للضربة الثانية، ما يضمن القدرة على شن هجوم انتقامي مدمر حتى لو تم تدمير أصولها النووية البرية في ضربة أولية.
ويشير مصطلح SLBM (الصواريخ الباليستية التي تطلق من الغواصات) إلى صاروخ يتم إطلاقه من غواصة مغمورة، وهذه الصواريخ ضرورية لأي دولة تهدف إلى الحفاظ على قوة ردع نووية موثوقة؛ لأنها توفر قدرة للرد على الخصوم من تحت سطح المحيط.
الصواريخ الباليستية
ويعد صاروخ Pukguksong-1 الباليستي الذي أطلقته كوريا الشمالية من غواصة من فئة Gorae، مثالاً على التكنولوجيا التي طورتها بيونج يانج.
وتمنح هذه الصواريخ الباليستية التي تُطلَق من الغواصات، القادرة على ضرب أهداف بعيدة، بيونج يانج رادعاً نووياً قوياً ومتحركاً.
وأشار خبراء إلى أن روسيا ربما لعبت دوراً كبيراً في مساعدة كوريا الشمالية على التقدم نحو تطوير الغواصات التي تعمل بالطاقة النووية، وكانت موسكو منذ فترة طويلة مورداً رئيسياً للتكنولوجيا العسكرية لكوريا الشمالية، بما في ذلك أنظمة الصواريخ والتكنولوجيا النووية.
ويُعتًقد أن المساعدة التي قدمتها المفاعلات النووية، وأنظمة الغواصات المصممة في روسيا كانت مفيدة في التغلب على التحديات التقنية المرتبطة بإنشاء غواصة تعمل بالطاقة النووية، وقادرة على إطلاق الصواريخ الباليستية من الغواصات.
الاستراتيجية العسكرية لكوريا الشمالية
ويمثل إدخال غواصة تعمل بالطاقة النووية تطوراً محورياً في الاستراتيجية العسكرية لكوريا الشمالية، إذ يسمح لها بتوسيع نطاقها وقدرتها على الصمود، ما يوفر منصة موثوقة ومتحركة للرد النووي، حتى في المياه المتنازع عليها بشدة في المحيط الهادئ.
وبفضل الصواريخ الباليستية، تعمل الغواصة الجديدة على تعزيز الردع الاستراتيجي لبيونج يانج، ما يفرض تحديات جديدة على القوى الإقليمية، وخاصة الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية، التي يتعين عليها الآن أن تأخذ هذه القدرة المحسَّنة في الاعتبار في تخطيطها الدفاعي.
وتشير هذه الخطوة أيضاً إلى طموحات كوريا الشمالية المتنامية في مجال الحرب تحت الماء، مع استمرار البلاد في تحديث وتوسيع ترسانتها النووية.
ويؤدي دمج الصواريخ الباليستية التي تطلق من الغواصات في غواصة تعمل بالطاقة النووية إلى تقريب كوريا الشمالية من التكافؤ مع القوى النووية الأخرى التي تمتلك قدرات مماثلة، الأمر الذي يعزز من مكانتها كقوة عسكرية هائلة في المحيط الهادئ وخارجه.